رواية بالة هموم للكاتبة فيبي فرج

حيدر بن زرع النيل أدب الرواية التاريخية للكاتب أيمن رجب طاهر

 

مع الكاتب أيمن رجب طاهر وروايته حيدر بن زرع النيل
مع الكاتب أيمن رجب طاهر وروايته حيدر بن زرع النيل

 


    حيدر بن زرع النيل هو عنوان أحدث روايات الكاتب أيمن رجب طاهر الحائز على جائزة كتارا للرواية العربية في نسختها 2021 عن روايته الهجانة، ومن قبلها جائزة الدولة التشجيعية في أدب الرواية التاريخية عن روايته القحط، والتي صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب السابق 2023 عن دار كيان للنشر والتوزيع، وعلى الرغم من كتابته في أنواع مختلفة من فن الرواية والقصة القصيرة، إلا أنه يتميز في أدب الرواية التاريخية ويبدع فيه، وليست هذه أول مراجعة أدونها ها هنا حول أحد أعماله.

   وذلك حيث أن هذه المدونة تزدان بالكثير من أعماله السابقة، إلا أن كل ما سبق وأن قرأته كان على سبيل الاستعارة من الكاتب نفسه، بينما هذا هو أول عمل أشتريه بنفسي، والقراءة المدفوعة لها مذاق خاص.

ملخص رواية حيدر بن زرع النيل :

    وأما بعد فلنبدأ بملخص الأحداث بشكل عام، حيث تدور أحداث رواية حيدر بن زرع النيل للكاتب أيمن رجب طاهر في بداية حكم محمد علي باشا ونهاية عصر المماليك، وتؤرخ تحديداً لواقعة مذبحة القلعة أو مذبحة المماليك التي تخلص فيها محمد علي من المماليك بشكل كامل وللأبد؛ حتى لا ينازعوه الحكم، ويصف الأحداث من منظور أسرة سودانية بسيطة استوطنت القاهرة بعد أن رحل جدهم الأكبر من بلدة نيالا في السودان خلف أبنيه المختطفين من تجار الرقيق.

   وقد تمكن بالفعل من إنقاذ أحدهما بينما وافت الآخر المنية إثر عملية الخصاء التي تمت له على يد خاطفيه، وصعب على الرجل العودة إلى بلدته محملاً بعار فقد أحد أبنيه، وعدم تمكنه من إنقاذه؛ فآثر البقاء في القاهرة، وكان الآخر الذي تمكن من إنقاذه هو من تحمل أدب الرواية التاريخية التي نحن بصددها اسمه: حيدر بن زرع النيل الذي حافظ على بقاء نسل العائلة في القاهرة؛ فتزوج سودانية مهاجرة أيضاً أنجب منها ابنه كافي الذي أنجب له من الأحفاد اثنين هما سر النهر وزينة الوادي.

الكاتب أيمن رجب طاهر على منصة نادي أدب أسيوط متحدثاً عن أدب الرواية التاريخية
الكاتب أيمن رجب طاهر على منصة نادي أدب أسيوط متحدثاً عن أدب الرواية التاريخية


   وفيما يلي من أحداث يغزلها الكاتب أيمن رجب طاهر ببراعة في أدب الرواية التاريخية نتابع كيف استوطنت هذه الأسرة في القاهرة، وأقامت علاقات وطيدة مع المصريين حتى صاروا أقارب وأنساباً، وشاركوا المصريين كرههم لحكم المماليك وظلمهم وتجبرهم، ومعرفتهم بطبائع الحياة والأنساب من سكان القاهرة، خاصة مع عملهم في مهنة الحدادة والنجارة التي تجعلهم يدخلون البيوت ويحتكون عن قرب بساكنيها، وكانت هذه المهنة هي التي جعلتهم مشاركين ومشاهدين عن قرب لواقعة مذبحة المماليك بعد إصلاحهم لباب العزب الذي تم حصار المماليك فيه.

تعقيبي على أدب الرواية التاريخية للكاتب أيمن رجب طاهر :

    وبالعودة إلى ما سبق يمكنني القول إن أحداث أدب الرواية التاريخية للكاتب أيمن رجب طاهر المعنون حيدر بن زرع النيل أضافت أو صححت معلوماتي في التاريخ التي عشت دهراً طويلاً أظنها حقيقة؛ فمنذ درسنا عن مذبحة المماليك في المرحلة الإعدادية، وأن محمد علي أولم للماليك وليمة ضخمة ثم غدر بهم، كنت أتخيل الواقعة بأن المماليك دخلوا إلى قاعة الطعام، وبطبيعة الحال تركوا أسلحتهم في الخارج، وبينما هم جلوس إلى المائدة تم إغلاق الأبواب عليهم، ودخل الحراس يجزون رقابهم.

   وقد كانت هذه هي الصورة المتخيلة في ذهني طوال سنوات عمري الفائتة، ولكن من خلال ما خطه الكاتب أيمن رجب طاهر في عمله في أدب الرواية التاريخية المعنون حيدر بن زرع النيل اكتشفت أن المذبحة تمت بصورة مختلفة تماماً، ولا علاقة لها بالوليمة التي تناولوها في يوم سابق وعادوا لمنازلهم بسلام، ولكن يوم المذبحة تم حصارهم في مدخل باب العزب وقتلهم بالبنادق والرصاص لا السيوف، بينما كان جز الرقاب مرحلة تالية بعد موتهم بالفعل تمثيلاً بالجثث لنيل المكافآت للجنود لا بهدف القتل.

   وفي المجمل فإن القارئ لرواية حيدر بن زرع النيل للكاتب أيمن رجب طاهر لن يخرج منها خالي الوفاض أبداً، حيث سيحصل إلى جانب المتعة الأدبية على المعلومة التاريخية والسياحة في أزمان لم يعاصرها، ومراقبة أماكن لن يدخلها بعد أن عفي عليها الزمان في عصرنا الحالي من خلال أدب الرواية التاريخية الذي يبدع فيه كاتبنا أيمن رجب طاهر في عمله حيدر بن زرع النيل وإن كنت أرى أن سر النهر هو بطل الأحداث الرئيسي وليس الجد الذي تمت تسمية الرواية باسمه.

    وليس هذا فقط نتيجة رؤيتي الخاصة للأحداث التي بين أيدينا، بل إن حتى صورة الغلاف أظن أنها تجسد شخصية سر النهر الشاب طالب الأزهر الذي كان يسجل الأحداث التي يرويها له الجبرتي مساعدة له في تدوين كتبه، لا الجد أو الأب اللذان لم يتعلما القراءة والكتابة.

 

 

صورة غلاف رواية حيد ربن زرع النيل
صورة غلاف رواية حيد ربن زرع النيل

    وفي النهاية عزيزي القارئ إذا كنت وصلت معي إلى هذا الحد؛ فلا يسعني إلا أن أشد على يديك محيية صبرك وحسن انتباهك، وإذا كنت قرأت رواية حيدر بن زرع النيل أو أي من أعمال الكاتب أيمن رجب طاهر السابقة في أدب الرواية التاريخية أو أعماله المعاصرة الأخرى؛ فيسعدني معرفة رأيك بها في التعليقات أسفل التدوينة، أو رأيك في المراجعة بشكل عام، وهل شجعتك على قراءة الرواية أم لا؟ كما يسعدني تلقي أي مقترح لديك حول التدوينات القادمة، وأي أعمال أدبية أو فكرية يمكننا تناولها بالنقاش وتبادل الآراء حولها؛ لنثري معارفنا ومعلوماتنا، وإلى أن ألقاكم في تدوينات قادمة بإذن الله لكم مني أرق التحايا، ودمتم في أمان الله.

تعليقات

إرسال تعليق

تعليقاتكم تثري موضوعاتنا وتساعدنا على الاستمرار فنحن نهدف إلى اثارة النقاش الجاد المفيد لكافة الأطراف حول الموضوعات المطروحة، ويسرنا أن نعلم ما إذا كانت المقالات تنال استحسانكم أم لا وما جوانب النفع أو القصور فيها، وماذا تأملون في المقالات القادمة؟