رواية بالة هموم للكاتبة فيبي فرج

القصة الإيرانية الحديثة في ربيع كتماندو الأزرق

 

قراءة في في ربيع كتماندو الأزرق
قراءة في في ربيع كتماندو الأزرق

 

    القصة الإيرانية الحديثة بدأت إرهاصاتها عام 1933 مع ظهور أول رواية أو قصة طويلة للكاتب الإيراني صادق هدايت تحت عنوان "البومة العمياء"، وكان متأثراً فيها بالأسلوب السوداوي لكافكا، أما قبل ذلك فكان الأدب السردي الإيراني يعتمد على الأساطير والحكايات الخرافية الفارسية القديمة، أمثال الشهنامة وحكايات ألف ليلة وليلة، بينما كان جل الأدب الفارسي قائماً على فنون الشعر لا السرد، وفي كتاب ربيع كتماندو الأزرق يطوف بنا المترجم أحمد موسى في نماذج ذاخرة من القصة الإيرانية الحديثة لأهم كتاب الفن القصصي في إيران منذ ظهوره في الثلاثينيات وحتى الوقت الحالي.

النقد الاجتماعي في القصة الإيرانية الحديثة:

    في البداية اختار المترجم أحمد موسى مجموعة من القصص التي تتناول النقد الاجتماعي للأوضاع في إيران؛ فكان أولها قصة داود الأحدب للكاتب صادق هدايت، والتي تناولت نظرة المجتمع لذوي الإعاقات أو التشوهات الخلقية وتهميشه لهم، أما القصة التالية فكانت بعنوان تزاور العيد للكاتب جلال آل أحمد، والتي تناولت ظاهرة النفاق الاجتماعي لذوي المناصب في المجتمع الإيراني، أما قصة مع كامل الأسف للكاتب بهرام صادقي؛ فقد تناولت ظاهرة الفقر الوظيفي وتهميش موظفي الحكومة، ولكنها كانت مفككة إلى حد ما ومبهمة في بعض الجوانب.

    أما قصة طق طق للكاتب جمال مير صادقي؛ فقد كانت شديدة التماسك والواقعية مما يجعلها نموذج رائع حقاً في القصة الإيرانية الحديثة؛ فهي تصور أسرة إيرانية صغيرة مكونة من الزوجين وابنهما، مجسدة تفاصيل الوقت الذي يقضونه معاً في المنزل آخر اليوم، والقارئ سيلاحظ الشبه الشديد بين حياة الأسرة الإيرانية والأسرة العربية التقليدية من خلال أحداث القصة، بينما قصة الحمّام للكاتب علي أشرف درويشيان؛ فقد صورت معاناة ثلاثة أطفال مع تسلط أبيهما عليهما وإجبارهما على ممارسة بعض التقاليد البالية التي لا تتفق مع رغباتهم.

نقد الأوضاع السياسية في إيران:

    بالإضافة إلى ذلك جسدت القصة الإيرانية الحديثة في ربيع كتماندو الأزرق نقد كتابها للأوضاع السياسية في إيران؛ ففي قصة مدينتنا الصغيرة للكاتب أحمد محمود انتقد فيها استيلاء الحكومة على الأراضي الزراعية، وهدم منازل القرويين بالقوة الجبرية؛ لتحويل المنطقة إلى منطقة صناعية، ومد أنابيب النفط والغاز على حساب أراضي القرية وساكنيها، أما في قصة المفتش للكاتب غلا محسين ساعد؛ فقد سلطت الضوء على تدهور حال التعليم والمنشآت التعليمية، وإن كان الأسلوب الأدبي للقصة يفتقر إلى كثير من التماسك وسلاسة السرد، بالإضافة إلى الطول الزمني للقصة الغير مبرر.

نماذج من القصة الإيرانية الحديثة
نماذج من القصة الإيرانية الحديثة


    وقد كان للثورة الإيرانية نصيب أيضاً في كتاب ربيع كتماندو الأزرق، حيث تناولتها الكاتبة كَلي ترقي في قصتها سيدة روحي الكبيرة، مجسدة معاناة الإيرانيين خلال هذه الثورة وتمزقهم بين الأطراف المتحاربة، ودماء الأبرياء التي سالت بدون مبرر.

الفانتازيا في ربيع كتماندو الأزرق:

    إلى جانب ذلك كان أيضاً للفانتازيا نصيب في القصة الإيرانية الحديثة؛ فقد جسدت قصة عقد قران للكاتب إسماعيل فصيح حكاية أرواح هائمة مكتوب عليها حضور حفلات زفاف مجهولة كل يوم بلا انقطاع مع تصوير لطبيعة هذه الحفلات في المجتمع الإيراني وما يتخللها من عادات وتقاليد، أما القصة التي حمل الكتاب عنوانها ربيع كتماندو الأزرق للكاتبة شهرنوش بارسي؛ فقد كانت قصة مغرقة في الفانتازيا بلا هدف، ربما تمتعت بلغة أدبية جيدة، ولكنها لم تكن موفقة من حيث أن يكون لها معنى.

الأدب النسوي الإيراني:

   واختتم المترجم أحمد موسى كتاب ربيع كتماندو الأزرق بنماذج من القصة الإيرانية الحديثة في الأدب النسوي، الذي يجسد قضايا النساء في المجتمع الإيراني؛ فتناولت قصة كنيزو للكاتبة منيرو رواني بور معاناة كنيزو الفتاة التي أجبرتها الظروف على العمل بالدعارة ومن ثم لفظها المجتمع، وحتى أولئك الرجال الذين يتوددون لها في الليل خلف ستار المجتمع يلعنونها نهاراً مدعين الشرف، حتى ماتت ولم تجد من يغسلها ويكفنها والكل يتنصل منها، ما عدا فتاة صغيرة هي راوية القصة والمتعاطفة الوحيدة معها.

   أما قصة بقعة للكاتبة زويا بيرزاد؛ فهي تتناول يوم من الحياة التقليدية الروتينية لامرأة إيرانية بسيطة، وخاتمة مجموعة ربيع كتماندو الأزرق كانت قصة حفل السآمة للكاتب عباس معروفي والتي تلقي الضوء على معاناة الفتيات الراغبات في تلقي العلم والسفر للخارج، والتهم التي يلقيها عليهن المجتمع لتصل إلى اتهامهن في أعراضهن ودينهن، فقط لأنهن تجرأن على الدراسة في بلاد الكفر!

 

 

غلاف كتاب ربيع كتماندو الأزرق

   وفي النهاية لقد استمتعت بشكل كبير في قراءة هذه النماذج من القصة الإيرانية الحديثة في كتاب ربيع كتماندو الأزرق، وقد فتحت لي الباب للتعرف على ثقافات مختلفة لم أكن أعرف عنها الكثير، وأنا عادة أحب هذا النوع من القراءة والاطلاع على الجديد والمختلف من حول العالم، ويسعدني عزيزي القارئ أن أتعرف على رأيك أيضاً إذا كنت قرأت كتاب ربيع كتماندو الأزرق أو أي نماذج أخرى في القصة الإيرانية الحديثة؛ لنتبادل الرأي والنقاش حولها في التعليقات، وذلك لكي نثري الحوار وتعم الفائدة ونتبادل الخبرات، في انتظار تعليقاتكم ومناقشاتكم المثمرة.

تعليقات