- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
قراءة في رواية سارة |
رواية سارة
هي الرواية الوحيدة التي كتبها العقاد في حياته، حيث تنوع انتاجه الأدبي والفكري
بين الشعر والفلسفة والتاريخ والسيرة الذاتية سواء لنفسه أو لعظماء التاريخ سواء
الإسلامي على غرار العبقريات أو العالمي، أما في مجال السرد الأدبي سواء قصة أو
رواية؛ فلم يكن له من انتاج غير رواية سارة، والتي صرح حينها أنه ما كتبها إلا
ليعبر بها عن تجربة نفسية أراد أن يسجلها، ولذلك فيبدو فيها جلياً فلسفة العقاد
نحو المرأة تأثراً بهذه التجربة، وإلا فإنه ليس من محبي ولا مشجعي فنون السرد
الأدبي من الأساس!
ملخص رواية سارة:
تدور الرواية حول همام الذي يقع في حب سارة، نعم الرواية
باسم شخصية بينما هي تدور في الأساس حول الشخصية الأخرى، فنحن نتعرف على سارة من
خلال رأي همام فيها لا من خلالها هي على الإطلاق، وتبدأ بكونهما منفصلين، ويلتقيا
صدفة في أحد الشوارع التي اعتادا المرور بها معاً؛ فتهيج الذكريات في عقل همام،
ويبدأ في اطلاعنا على سبب انفصالهما الذي هو شكه الدائم بها، ومن ثم يسرد لنا
مبررات هذا الشك، وهو لكونها امرأة متحررة لا تخشى آراء ونظرات المجتمع، ولا تتردد
في اطلاعه بتجاربها العاطفية قبل أن تلتقيه.
وفي نفس
الوقت الذي يبرر همام فيه هذه التصرفات أنها سبب منطقي للشك وابتعاده عنها، يخبرنا
أنه كان يحب قبلها امرأة تعيش في إطار العادات والتقاليد ولا تتخطاها، نقية كراهبة
في دير، ومع ذلك فقد تركها لأجل عيون سارة؛ لأنها لم تحرك فيه من المشاعر ما حركته
سارة، وهنا تبدو جلياً فلسفة العقاد نحو المرأة والتي أعتقد أنها فلسفة جميع
الرجال الشرقيين بلا استثناء؛ فنتيجة هذا الشك المميت الذي ينتاب همام طوال الوقت
ينفصلا ذات مرة بلا عودة في منتصف رواية سارة.
نهاية أحداث الرواية:
وعلى الرغم من
انفصاله عنها، وحريتها بطبيعة الحال في حياتها بعد الانفصال، إلا إنه لا يتورع عن
تكليف أحد أصدقائه بمراقبتها؛ ليبرر لنفسه أحقيته في الشك بها، وعندما يعلم أنها
على علاقة بأحد الرجال يقنع نفسه أنها خائنة، وأنه لم يكن مخطئاً حين انفصل عنها
وشك في إخلاصها، ولكن تنتهي رواية سارة بما رآه العقاد وسوسة الشيطان لبطله همام
بكون ربما سارة كانت مخلصة له في أيام حبهما ولم تقيم علاقة أخرى إلا بعد يأسها من
عودة وصالهما ثانية.
فلسفة العقاد نحو المرأة في سارة |
فلسفة العقاد نحو المرأة في روايته الوحيدة:
فلسفة العقاد نحو المرأة تبدو جلية، فقد تم تسمية العقاد
بعدو المرأة، وهذا واضح في روايته، ربما لو كانت رواية سارة مجرد رواية من محض
الخيال؛ لتم اعتبارها رواية واقعية تجسد تفكير الرجل الشرقي التقليدي نحو المرأة
المتحررة، ورغبته في الاستمتاع معها وخوفه من الارتباط بها في آن واحد، ولكن تصريح
العقاد أن الرواية حقيقة من حياته الشخصية، يجعل القارئ يسقط كل كلمة فيها على
أنها رأي العقاد شخصياً، وليس كلام يورده على لسان البطل؛ ليعبر عن شخصيته وحالته
النفسية.
ففيما يتضح
أن همام هو العقاد نفسه، تتلخص فلسفة العقاد نحو المرأة في رؤية همام لها أنها
خائنة بطبعها، وحتى لو توفر لها الحب الحقيقي والإخلاص من رجل لا مثيل له؛ فإنها
حتماً ستذهب للبحث عن رجل آخر حتى لو لم يكن يساوي شيئاً في عالم الرجال فقط حتى
ترضي غريزتها، مشبهاً إياها بالكلب الذي يعضعض العظام الميتة رغم ما يلاقيه من
رفاه الطعام والشراب الذي يغدقه عليه مربيه، الغريب أن همام نفسه كان يقيم علاقات
مع نساء أخريات ولا يرى غضاضة في ذلك ما دام حب سارة هو الأقوى في قلبه؛ فإن ذلك
لا يعد خيانة منه!
نقد آراء العقاد:
وأيضاً لم
يكتف العقاد بذلك، بل إنه جعل بطلة رواية سارة نفسها تقذع في النساء جميعاً ليبرر
هجومه عليهن واحتقاره لهن، فمن رأي سارة أن المرأة لا تقرأ ولا تكتب إلا لأجل رجل،
إذ أن من الطبيعي أن لا هم للمرأة إلا شكلها ومظهرها ونظرات الرجال لها؛ فإذا
اهتمت بالقراءة والأدب؛ فحتماً ذلك لأجل أن تثير انتباه رجل ما فقط لا غير، لا
يمكن أن يكون هناك امرأة مثقفة لأن هذه هي ميولها الحقيقية، وبالتأكيد هذا ليس رأي
سارة وإنما هي فلسفة العقاد نحو المرأة التي أجراها على لسان سارة، وكأنما يقول
للنساء والعالم أجمع: أرأيتم؟! وشهد شاهد من أهلها.
في النهاية لم
تعجبني الرواية على الإطلاق ليس فقط بسبب فلسفة العقاد نحو المرأة التي اختلف
تماماً معها بطبيعة الحال، وإنما أيضاً لأنها افتقدت الكثير من أساسيات العمل
الروائي؛ فبدت طويلة مملة بدون أحداث بلا داع، وكان من الممكن اختصارها في قصة
قصيرة، النقطة الإيجابية الوحيدة في رواية سارة هي لغة العقاد الجزلة والسجع
اللغوي الذي يعيد القارئ لجمال اللغة العربية، أما فيما عدا ذلك فهي مجرد عقد
نفسية للعقاد أراد إخراجها على الورق؛ لتجسد فلسفة العقاد نحو المرأة التي دفعته
لمعاداة النساء جميعاً؛ لأنه ككل الرجال الشرقيين، لم يعرف يوماً أن الحب ليس
امتلاكاً، وأن المرأة ليست شيئاً، وأن الغيرة لا تعني شكاً!
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقاتكم تثري موضوعاتنا وتساعدنا على الاستمرار فنحن نهدف إلى اثارة النقاش الجاد المفيد لكافة الأطراف حول الموضوعات المطروحة، ويسرنا أن نعلم ما إذا كانت المقالات تنال استحسانكم أم لا وما جوانب النفع أو القصور فيها، وماذا تأملون في المقالات القادمة؟