- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
رواية غصن الزيتون للكاتب محمد عبد الحليم عبد الله |
رواية غصن
الزيتون هي أحد الأعمال الأدبية للكاتب محمد عبد الحليم عبد الله، والذي يعد من الأجيال
الأولى لكتاب الرواية والقصة القصيرة في مصر، سمعت اسمه كثيراً من قبل، ولكن هذه
هي أول قراءة لي لأحد أعماله، وللأسف صدمت كثيراً فيما قرأت، ولم أكن أتوقع أن
كاتباً يتم الاحتفاء به بهذا القدر يكون له مثل هذه العقلية المنحرفة، وسأوضح ذلك
في عرضي لعمله.
ملخص رواية غصن الزيتون:
تدور الرواية حول مدرس ثانوي في الخامسة والعشرين من
عمره يدعى عبده هو البطل والراوي للأحداث، يعجب عبده بإحدى تلميذاته في الخامسة
عشر من عمرها وهي عطيات، ويبدو جلياً للقارئ أن منبع إعجابه بها هي الشائعات التي
تدور حولها عن علاقتها العاطفية بمدرس آخر يدعى جمال مع ما يحيط هذا المدرس من
شائعات أخرى تظهره دونجوان عصره، ولكون عبده لا يحظى بأي نوع من الخبرات والعلاقات
النسائية في حياته، يخيل إليه أن وقوع عطيات في غرامه هو انتصار له على جمال
الدنجوان، انتصار يؤكد رجولته وقدراته في عالم النساء.
وعلى الرغم من
ذلك فهو يرى أن عطيات -الطفلة ذات الخمسة عشر عاماً- بما يحوم حولها من شائعات
-غير مؤكدة- ليست أهلاً لأن تكون زوجة لرجل محترم مثله، إلا أن هذا لا يمنعه من أن
يحوم حولها ليوقعها في غرامه -حتى وإن كانت هي البادئة في إظهار إعجابها به فلا
يجب أن ننسى أننا نتحدث عن تلميذة مراهقة في الخامسة عشر من عمرها تعجب بمدرسها
وهذا أمر طبيعي لا يجيز للمدرس تخطي حدوده معها بهذا العذر-!
ولكن عبده
المدرس الطيب البريء -كما يصوره الكاتب محمد عبد الحليم عبد الله في رواية غصن
الزيتون- لا يرى أي حدود، فهو لا يتورع عن استدراج عطيات إلى منزله ليضاجعها،
ولولا بقية من مرؤة ربما لا زالت فيه مع كونها أولى تجاربه الغرامية والنسائية؛
فيضطر للزواج منها مع إحساسه المستمر بالشك ناحيتها وأنها زوجة خائنة، ولا بد أنها
كان لها علاقة مثيلة مع جمال من قبله حتى ولو لم تصل لنهايتها؛ فهذا فقط لأن
الظروف لم تسمح لهما ربما بفعلها.
الصراع النفسي لعبده وعطيات:
ويظل عبده طوال صفحات الرواية يشك في عطيات،
ويذيقها المرار بهذا الشك؛ فهي حتماً لا زالت على اتصال مع جمال بعد الزواج أو مع
غيره من الرجال، فهي وحدها من أخطأت عندما أقامت علاقة جنسية معه، حتى بعد
إنجابهما لابنتهما يظل يشك في نسب هذه الطفلة له حتى تموت قبل أن تتم العامين،
وبعد وفاة الطفلة يستغرب عبده من كآبة عطيات المستمرة وعزوفها عنه وعدم تحملها
لشكه الذي كانت كثيراً ما تمرره من قبل، وكأن من ماتت تلك كانت قطة الجيران لا
طفلتها التي حملت بها وأنجبتها وأرضعتها فمن غير الطبيعي أن تتغير حالتها النفسية،
وحتماً وراء تغيرها رجل ما لا فقد ابنتها؛ فهذا ليس سبباً بالتأكيد!
وعلى الرغم من عمرها الصغير ومسئوليته هو
الكاملة منطقياً عما حدث بينهما قبل الزواج، وجرم أن يغرر مدرس بتلميذته حتى لو تم
هذا بموافقتها، إلا أن الكاتب محمد عبد الحليم عبد الله في رواية غصن الزيتون لا يتطرق
لهذا الأمر إطلاقاً، وربما يكون هذا مبرراً كون الراوي هو عبده، وبالطبع لن يرى
الرجل نفسه مخطئاً، حتى إنه طلقها في النهاية غيابياً عندما غضبت في بيت أهلها
نتيجة لشكه المتواصل بعد وفاة ابنتهما، ولو كانت هذه هي نهاية رواية غصن الزيتون للكاتب محمد
عبد الحليم عبد الله؛ لكانت نهاية منطقية واعتبرت أن الرواية هي رواية واقعية تلقي
الضوء على ازدواجية تفكير الرجل الشرقي وأنانيته كونه المظلوم دائماً الذي لا يخطئ
أبداً!
نهاية رواية غصن الزيتون:
ولكن الكاتب
محمد عبد الحليم عبد الله أبى أن تكون هذه هي النهاية؛ ليتحفنا بنهاية تبرز
عنصريته الذكورية ورجعية تفكيره المتخلف هو لا بطل الرواية، فليس عبده هو من يرى
نفسه مظلوماً ضحية على صواب لم يخطئ في شيء، بل إن الكاتب محمد عبد الحليم عبد
الله هو من يرى هذا، وقد أوضحه جلياً في تلك النهاية التي أختارها، حيث يعلم عبده
من أخبار الحوادث أنه تم العثور على جثة عطيات مقتولة بعدة طعنات في شقة عشيقها.
غلاف رواية غصن الزيتون للكاتب محمد عبد الحليم عبد الله |
وبالطبع هذه
النهاية لعطيات في رواية غصن الزيتون تبرز أن عبده كان محقاً في شكه بها، فهي ما إلا
فاجرة ساقطة بالسليقة، ولم يكن هو المخطئ حينما أقام معها علاقة جنسية قبل الزواج؛
فهي من دفعته إلى ذلك بمكرها وشيطنتها؛ لتوقعه في فخها! أما بالنسبة لعبده المدرس
الطيب البريء الحمل الوديع؛ فقد تلقى جائزة السماء في النهاية؛ فبعد الحياة
المريرة التي عاشها مع الشيطانة -ذات الخمسة عشر عاماً- التي أوقعته في حبالها -من
خلال استدراجه هو لها إلى شقته-، التقى أخيراً بروحية زميلته المدرسة الطاهرة
العفيفة.
فهي لم تبادله الغرام الآثم، وإنما كانت تكتفي بالاهتمام
به وتنبيهه إلى الاهتمام بصحته ومظهره، نعم بالتأكيد المقارنة عادلة تماماً بين
طفلة في الخامسة عشر يستدرجها رجل في الخامسة والعشرين؛ ليقيم معها علاقة آثمة،
ومن ثم يحملها وحدها مسئولية هذا الخطأ، وهي في سن لا يسمح لها أصلاً أن تعي كنه
العلاقة الجنسية والزوجية بشكل كامل وعواقب الأمرين، وبين امرأة ناضجة تعي تماماً
عواقب كل تصرف، وتدرك تماماً الفرق بين الصواب والخطأ، وعلى دراية كاملة بالحدود
التي لا يجب عليها تجاوزها، ولن يستطيع رجل ما خداعها واستدراجها كيفما شاء إلا
إذا سمحت له هي بذلك وهي مدركة جيداً لما تفعل.
تحويل رواية محمد عبد الحليم عبد الله إلى فيلم سينمائي:
في الستينيات من القرن الماضي تم تحويل رواية غصن
الزيتون للكاتب محمد عبد الحليم عبد الله إلى فيلم سينمائي حمل نفس الاسم، قام
ببطولته كلاً من: سعاد حسني وأحمد مظهر وعمر الحريري وعبد المنعم إبراهيم وعبد
الوارث عسر، وهو من الأفلام النادرة التي تكون أفضل من الأعمال الروائية أو
الأدبية الأصلية، فقد تدارك الفيلم الكثير من الجرائم الأخلاقية التي قام بها
الكاتب محمد عبد الحليم عبد الله في روايته؛ فبداية لم تحدث هذه العلاقة الآثمة
بين المدرس عبده وتلميذته عطيات، فقد كان كل ما جمعهما هو علاقة حب بريئة عادية.
وعلى الرغم
من ذلك أيضاً كان عبده يشك في عطيات كونها من الممكن أن تقيم علاقة غرامية مشابهة
مع غيره من الرجال سواء قبله أو بعده، وهذا للأسف أمر واقعي ومنطقي يفكر به الكثير
من الرجال الشرقيين للأسف؛ فلا يجب أن تمارس الفتاة الجنس خارج إطار الزواج حتى
يشك بها، بل يكفي فقط أحياناً أن تبتسم له؛ ليرى أنها فتاة منحلة لا أخلاق لها ولا
يمكن أن تكون زوجة وفية مخلصة! لذا لم تؤثر هذه النقطة على استمرار الفيلم على نفس
منوال أحداث رواية غصن الزيتون.
الفرق بين نهاية الفيلم والرواية:
ولكن نهاية
الفيلم كانت مختلفة عن الرواية، ففي الفيلم يكتشف عبده من جمال أنه يحب ابنة عمه ومع
ذلك لا يستطيع الزواج منها؛ لأنه عاجز جنسياً ولا يصلح كزوج، مما يدحض كل شكوكه في
عطيات ويعود إليها نادماً؛ ليعيشا في تبات ونبات وتتساقط عليهما السعادة من كل
الجهات، وهذه بالطبع من وجهة نظري المتواضعة نهاية رومانسية كلاسيكية غير منطقية؛
فطبيعة الأشخاص المشابهين لشخصية عبده هم أشخاص شكاكين على الدوام؛ فعبده لم يكن
يشك في جمال، وإنما يشك في عطيات.
فبالإضافة إلى شكه في وجود علاقة سابقة لها مع
جمال بالتحديد، إلا إنه يشك في وفائها وإخلاصها بشكل مطلق؛ فإذا انتفى شكه من
ناحية جمال؛ فلا زال في العالم ملايين الرجال الذين لن ينتهي شكه في عطيات تجاههم،
هو بالأساس يشك في نفسه، يرى أنه غير كافي لذا حتماً هي ستلجأ لغيره ممن يستطيعون
التعامل بحنك وخبرة مع النساء ويتمتعون بالوسامة التي لا يتمتع هو بها؛ لذا فإنني
كنت أرى أن النهاية المنطقية الواقعية سواء للفيلم أو في رواية غصن الزيتون هي أن
تنتهي بطلاقهما.
أفيش الفيلم المأخوذ عن رواية غصن الزيتون للكاتب محمد عبد الحليم عبد الله |
وذلك بالطبع دون الجزء المقيت في الرواية الذي يظهر عبده بثوب الحمل الوديع البريء المظلوم وعطيات هي الشيطان الرجيم الذي يستحق الرجم أو الطعن! فإذا كنت عزيزي القارئ قد سبق لك مشاهدة الفيلم أو قراءة رواية غصن الزيتون؛ فيسعدني أن نثري الحوار بنقاشنا حول العمل في التعليقات؛ لنتبادل الخبرات وتعم الفائدة.
تعليقات
قراءة رائعة بالفعل ..... شكرا لك
ردحذفشكراً لمرورك الكريم ^_^
حذف