تاريخ الشعر العربي أهم فصل في تاريخ آداب العرب

 

تاريخ الشعر العربي أهم فصل في تاريخ آداب العرب
تاريخ الشعر العربي أهم فصل في تاريخ آداب العرب


 

   تاريخ الشعر العربي هو الموضوع الرئيسي الذي يدور حوله الجزء الثالث من كتاب تاريخ آداب العرب للكاتب مصطفى صادق الرافعي، ولا أظن أن أي شاعر في غنى عن هذا الكتاب، وأنا وإن كنت لا أكتب الشعر إلا أنني استفدت منه كثيراً في نواحي معرفية وتاريخية ولغوية شتى، وإن كنت استصعبت بعض الأمور المتعلقة بقوافي وأوزان وبحور الشعر تلك التي لم أدرسها، والتي استغلقت عليّ؛ فجعلتني أعرض عن دراسة وكتابة الشعر، والإقرار بأنه ليس من "كاري".

المجهود الذي بذله مصطفى صادق الرافعي في البحث والتنقيب:

    في مقدمة هذا الجزء الذي يتناول تاريخ الشعر العربي، والتي وضعها محقق الكتاب محمد سعد العريان، يخبرنا فيها عن طريقة مصطفى صادق الرافعي في مجال البحث والتوثيق والرجوع إلى المراجع، في زمن لم يكن فيه انترنت ومكتبات إلكترونية وبحث إلكتروني يسهل للباحث البحث عن كلمة بعينها في مجلد تتجاوز صفحاته الألف وأكثر؛ فيخرج له نتائج البحث في ثوان معدودة، ولم يكن فيه برامج وورد تسهل الكتابة وجمع المادة المتشابهة وتوثيقها في مكان واحد، والرجوع إليها بالإضافة أو الحذف في أي وقت لأي موضع بسهولة.

   فكان تجميع مادة البحث يتم يدوياً، وكلما اضطر الباحث إلى إضافة معلومة أضافها في ورقة أخرى حتى يتجمع له أوراق لا حصر لها ولا عد عليه أن يؤلف بينها في النهاية؛ ليجمع منها مادة كتاب مترابط، وقد كان مصطفى صادق الرافعي يعتمد إلى جمع المادة من أمهات الكتب التي تناولت أشعار العرب وأرخت لها؛ فكان يجمع المعلومة من عدة مصادر، ومن ثم يقارن بينها وبين ما تشابه معها أو تقاطع؛ حتى يستخلص النتيجة التي يذهب إليها في كتابه.

   ومن جهد المحقق في هذا الجزء من الكتاب الذي يتناول تاريخ الشعر العربي أن كاتبه لم يجمعه كتاباً مؤلفاً قبل وفاته، وإنما رحل وتركه أوراق مبعثرة لم تصل بعد لمرحلة الجمع والتنسيق؛ فكان على المحقق أن يؤلف بينها، ويرتب المواد المرتبطة ببعضها البعض في فصول مجتمعة ويعنونها وينسقها؛ فكأنه قام بتأليف الكتاب من جديد على أن مادته كانت مجموعة تحت يديه فقط، وهذا والله جهد عظيم.

مضمون كتاب تاريخ الشعر العربي:

   كما هو واضح من العنوان فإن مصطفى صادق الرافعي ركز في هذا الجزء على تناول التاريخ الأدبي للفنون الشعرية من كافة جوانبها؛ فهو يبدأ مع أول قصيدة مروية ورد ذكرها في التاريخ الشفاهي للعرب، والأنواع الشعرية وألقاب الشعراء وأغراضهم من إلقاء قصائدهم ومعلقاتهم، وإن كان لا يمكن الجزم ببداية الظهور الشعري عند العرب خاصة مع ندرة التوثيق، كما أنه ترجم لثلاث من كبار شعراء العرب ألا وهم: امرؤ القيس وطرفة بن العبد وزهير بن أبي سلمى.

   وكان امرؤ القيس أطولهم ترجمة، وما ذاك إلا لأنه أكثر شعراء العرب تأثيراً، وربما عد أجودهم وأكثرهم ابتكاراً في الفن، وقد كنت مولوعة به منذ عرفت ماذا يعني شعر؟ وأذكر أن كان هناك فيما مضى مسلسلاً تلفزيونياً أردنياً عن سيرة حياته تابعته حلقة بحلقة، وبكيت معه عند وفاته كما لم أبكي قبلاً، حيث كنت طفلة في المرحلة الإعدادية ولم يكن هناك شيء في حياتي بعد يستدعي البكاء، وفيما بعد تطرق مصطفى صادق الرافعي إلى الأدب الأندلسي.

   وكنت آمل أن يستطرد فيه ويترجم لشعرائه أمثال ابن زيدون وولادة بنت المستكفي، ولكنه أوجز فيما كان يجب الإطناب فيه من تاريخ الشعر العربي الأندلسي في حين أطنب في تصنيف العلم والفلسفة والكتابة فيهما، وربما هذا يرجع أيضاً إلى ما ذكرته سابقاً من أن الكتاب لم يكن مجموعاً ومهيئاً للطبع بعد؛ فربما وافته المنية وكان في نيته أن يضيف إليه فصول قبل نشره لم يمهله القدر لإضافتها وتنقيحها.

تعليقات