قراءة في رواية المسخ للكاتب الألماني فرانز كافكا

الغلاف الأصلي لرواية المسخ للكاتب الألماني فرانز كافكا
الغلاف الأصلي لرواية المسخ للكاتب الألماني فرانز كافكا


    قرأت مراجعات عديدة لرواية المسخ للكاتب فرانز كافكا على موقع الجود ريدز قبل أن أقرأ الرواية نفسها، وكانت أغلب المراجعات تركز على فكرة عبقرية الوصف في التحول والإنمساخ دون التطرق إلى السبب الجوهري لهذه الحالة وهو ما قد يكون الدافع الرئيسي لإقدام الكاتب فرانز كافكا على كتابة رواية المسخ وهو ما اكتشفته بعد قرائتها.

ملخص رواية المسخ للكاتب فرانز كافكا:

   تبدأ رواية المسخ للكاتب فرانز كافكا بالجملة الأسطورية "استيقظ غريغور سامسا ذات صباح بعد أحلام مزعجة ليجد نفسه تحول في فراشه لحشرة هائلة"، يعتقد في بادئ الأمر أنه لا يعدو أن يكون حلماً مزعجاً آخر فيقرر استكمال نومه حتى يفيق من ذلك الحلم، ولكن نتيجة لتحوله لا يستطيع أخذ وضعيته المعتادة في النوم على جانبه الأيمن، كما يدرك أن الساعة تقترب من السابعة صباحاً وهذا يعني تأخره عن موعد القطار الذي يحمله إلى عمله في الخامسة صباحاً.
   يبدأ أفراد عائلته المكونة من الأب والأم والأخت في القلق عليه لتأخره غير المعتاد عن موعد العمل ويطرقون عليه الباب لاستعجاله؛ فيرد عليهم بإجابات مقتضبة يلحظ فيها تغير صوته الذي لا ينتبه أفراد الأسرة إليه نتيجة العجلة، ويبدأ سامسا في رحلة كفاح للنهوض من الفراش والوصول إلى الباب وفتحه ليتمكن من اللحاق بقطار السابعة ليصل إلى عمله، ذلك العمل الذي يبغضه أشد البغض ولولا ديون أبيه لصاحب الشركة وكونه المعيل الوحيد للعائلة بعد دمار متجر أبيه منذ خمس سنوات لترك ذلك العمل المقيت منذ زمن.
   يصل كبير الموظفين في الشركة للاستعلام عن سبب تأخره عن العمل؛ وبعد أن يصل سامسا في جهد بالغ إلى الباب ويفتحه يحاول تبرير موقفه لكبير الموظفين الذي لا يفهم شيئاً مما يقوله ويفر هارباً بطبيعة الحال، بينما يتعامل الأب مع الموقف على أنه في مواجهة وحش عليه أن يصرفه في الحال إلى غرفته فيبدأ في ضربه بالعصا مع اصدار أصوات فحيح غاضب، تبدأ الأخت منذ تلك اللحظة في تولي كافة أموره وتصبح الوحيدة المخول لها دخول حجرته لوضع الطعام وتنظيفها.
  وكأن بين سامسا وأخته اتفاقاً على تواريه عن الأنظار فور دخولها لغرفته حتى لا يثير رعبها واشمئزازها، وتلاحظ الأخت بعد فترة استمتاعه بالزحف في أرجاء الغرفة فتقرر إفراغ الغرفة من محتوياتها لتتيح له مكاناً أوسع بمساعدة الأم، وفي محاولة منه للتشبث بصورة امرأة كان أطرها على جدار غرفته ذات يوم بوصفها آخر رابط بينه وبين إنسانيته وإرادته، يظهر أمام الأخت والأم التي تفقد وعيها فور رؤيته ويصل الأب الذي فجأة قد استعاد قوته وعاد للعمل وظهرت مدخراته التي أنقذها من المتجر ولم يخبر سامسا عنها من قبل.
  يقرر الأب أن التعامل الأمثل مع سامسا هو العقاب على الجريمة التي اقترفها بظهوره أمامهم فيلقي عليه التفاح حتى تنغرس احداهم في جسمه لتظل في مكانها ذلك حتى تتعفن وتكون سبباً في موته بعد فترة عندما يظهر مرة ثانية أمام المستأجرين في المنزل؛ فيقرروا الرحيل من المنزل، بينما تعترض أخته على وجوده وضرورة التخلي عن فكرة أن هذه الحشرة هي أخيها غريغور إذ أنه لو كان لا يزال بشرياً لكان عرف استحالة حياتهم معه ولرحل من تلقاء نفسه، لذا عليهم أن يتخلصوا منه.
    يسمع غريغور كل ذلك فينزوي في غرفته حتى يرى آخر ضوء نهار له ويسلم نفسه للموت؛ لتأتي الخادمة في الصباح وتجده على هذه الحال؛ فتكنسه بمكنستها وتخبر الأسرة بموته؛ فيحمدوا الله ويقرروا الخروج في نزهة صباحية حرموا منها منذ فترة طويلة، وينتبه الأبوين أن الابنة قد كبرت خلال هذه الفترة وعليهم أن يبحثوا لها عن زوج مناسب!

صورة شخصية للكاتب الألماني فرانز كافكا
الكاتب الألماني فرانز كافكا

قراءة في رواية المسخ للكاتب فرانز كافكا:

   اشتهرت رواية المسخ للكاتب فرانز كافكا بهذا العنوان ولكن في النسخة التي قرأتها من ترجمة إبراهيم وطفي الذي ترجمها من الألمانية فقد عنونها بالإنمساخ معللاً بأن تلك هي الترجمة الفعلية للاسم الألماني المستخدم الذي يعبر عن فعل التحول والإنمساخ نفسه لا صفة المسخ، كما أن رواية المسخ للكاتب فرانز كافكا في هذه النسخة قد ألحقت بعدة مقالات ودراسات تضمنت مراجعات وتفسيرات وتأويلات لرواية المسخ للكاتب فرانز كافكا، كما تضمنت رأي المترجم في الترجمات الأخرى التي قدمت لرواية المسخ أو لأعمال فرانز كافكا بشكل عام.
     وكما قلت في المقدمة تم تسليط الضوء دوماً على عبقرية تصوير المسخ في الرواية ولكن نادراً ما تطرق أحد لما أدى إلى ذلك المسخ، فحقيقة الأمر أن غريغور كان قد تم مسخه منذ زمن عندما تحول إلى مجرد أداة توفر رفاهيات الحياة لأسرته دون أن تتم معاملته بالمثل من قبلهم ودون أن يلتفت أحد منهم لإحتياجته ومتطلباته هو حتى نسيها هو نفسه، وما كان تحوله لتلك الحشرة الهائلة في آخر الأمر إلا الحلقة الأخيرة في انمساخه الذي بدأ منذ وقت مبكر.
     فهذا الإنمساخ كان بمثابة رصاصة الرحمة التي كشفت له حقيقة الوهم الذي عاشه طوال عمره، فعائلته التي ضحى لأجلها بكل شيء انقلبت عليه بعد انمساخه حيث لم يعد لديه القدرة على توفير متطلباتهم المادية التي كان يغدقها عليهم من راتبه قبل انمساخه، وبناءاً عليه لم يعد له قيمة لديهم فلم يستحق منهم سوى أن يقدموا له فضلات الطعام ومن ثم كنسه بالمقشة بعد وفاته وتنفس الصعداء لتخلصهم من عبئه!

تعليقات

  1. أحبائي
    ابنتي المحللة المبدعة
    الغالبية العظمى من البشر داخلها هذا التحول
    النفس البشرية الأمارة بالسوء ارض خصبة لكل أنواع التجول
    نفوس تتحول إلى غيلان مفترسة...ونفوس تسير بها الحياة في طريق التسول
    أحبائي
    دعوة محبة
    أدعو سيادتكم إلى حسن التعليق وآدابه....واحترام بعضنا البعض
    ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الأرض
    نشر هذه الثقافة بين كافة البشر هو على الأسوياء الأنقياء واجب وفرض
    جمال بركات...رئيس مركز ثقافة الألفية الثالثة

    ردحذف

إرسال تعليق

تعليقاتكم تثري موضوعاتنا وتساعدنا على الاستمرار فنحن نهدف إلى اثارة النقاش الجاد المفيد لكافة الأطراف حول الموضوعات المطروحة، ويسرنا أن نعلم ما إذا كانت المقالات تنال استحسانكم أم لا وما جوانب النفع أو القصور فيها، وماذا تأملون في المقالات القادمة؟