- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
![]() |
قراءة في رواية آرفيلا للكاتبة مريم أحمد علي |
قراءة في رواية آرفيلا التي هي تجربتي
الثانية مع الكاتبة مريم أحمد علي بعد مجموعتها القصصية هجير، ولها عملين سابقين
أيضاً لرواية ومجموعة قصصية آخرين، ولكنني لم أقرأهما بعد، وبدلية كان عنوان
الرواية غامضاً بالنسبة لي لم أعلم إلام يشير، وإن كان العنوان الفرعي للرواية "إلى
اللواتي لم يذقن أحضان آبائهن" وشى بكون الرواية تدور حول العلاقات الأسرية
وتفككها وما إلى ذلك، ولكن مع بدء القراءة نكتشف أن عنوان الرواية ما هو إلا اسم
الشخصية الرئيسية لها.
دلالات وتأويلات قراءة في رواية آرفيلا:
ولأن
التحليل السيميائي قد أكل رأسي وانتقل معي من الماجستير إلى كل شيء آخر؛ فلا مفر
أن أُسقطه ها هنا أيضاً، وبداية من الاسم المستخدم للشخصية الرئيسية والذي حملته
الرواية كعنوان لها؛ فهو اسم غير مألوف ولا يتصل بالأسماء العربية المستخدمة عادة،
ويبدو أنه ذو أصول من لغات أخرى، وحتى بقية الأسماء التي استخدمتها الكاتبة مريم
أحمد علي للشخصيات الآخرى في الرواية، على الرغم من عربيتها إلا إنها تعد من
الأسماء نادرة الاستخدام اللهم إلا حبيبة وضحى!
وهذا يفتح باب للتأويلات المختلفة؛ فماذا كانت
تقصد الكاتبة من اختياراتها لهذه الأسماء، وما دلالتها على الأحداث وتأثيرها على
القارئ أثناء تفاعله مع قراءة في رواية آرفيلا؟ قد تكون الأسماء أتت مصادفة
للكاتبة أو أنها أعجبتها؛ فأرادت استخدامها في عملها، خاصة اسم الشخصية الرئيسية
المستخدم في العنوان، كونه اسم لافت قد يجذب القراء ويعمل على تسويق الرواية
والدعاية لها، ولكن في النهاية على الكاتب أن يلتفت لاختيار أسماء شخصياته وأن
تكون دالة بشكل ما بأن تكون متوافقة مع الشخصية والأحداث أو منافية لها في تباين
يجذب القارئ.
وقد
وجدت هذا بالفعل مع بعض الأسماء التي اختارتها الكاتبة مريم أحمد علي لشخصيات
الرواية، فمثلاً اسم حبيبة والذي استخدمته ليالي في مناداة أمها به دون استخدام
كلمة ماما المعتادة؛ ليكون بديلاً لها ومعبراً عن كونها حبيبة لها، وأيضاً اسم
ثائر ربما توافق مع شخصيته بكونه الثائر على الأعراف والتقاليد المعتادة، القادر
على مواجهة الظروف والوقوف في وجهها حتى ينال ما يريد غير عابئ برفض الرافضين، ولو
تطلب الأمر الصبر لسنوات ولكنه لا يتخفى ليصل إلى أهدافه المرغوبة في الظل.
وهذا على عكس أخيه "أبو المجد" الذي
كان اسمه معاكساً لشخصيته؛ فهو لم يحظى بأي مجد في حياته، وإنما خوفه وجبنه جعلوه
يحيا حياة زاهدة على الهامش بعد أن خسر كل من أحبهم أو أحبوه، أما سامر ربما كان
دلالة اسمه أنه السامر المرافق لأصدقائه ليستمع إليهم ويخفف عنهم، هذا عن الأسماء
وارتباطها مع قراءة في رواية آرفيلا، أما بالنسبة للغلاف الذي ارتضته الكاتبة مريم أحمد علي لروايتها؛ فتُطالعنا
فيه صورة لمشنقة، وهي إشارة مبدئية إلى عقوبة، أو ربما إلى نهاية متوقعة لشخصية ما.
لكن مع
استكمال القراءة نستطيع إسقاط تلك المشنقة ليست فقط كعقوبة إعدام، وإنما ربما
أيضاً هي استعارة للقيود الاجتماعية والنفسية التي تحيط بالشخصيات، لا سيما النساء
منهن، فصورة الغلاف، لا تعكس فقط لحظة متخيلة من الرواية بقدر ما تعكس مزاجاً سردياً
عاماً، ربما هي مشنقة الذاكرة التي تقيد بها الأشخاص خلال الأحداث، أو مشنقة
السلطة الأبوية التي أودت بنا إلى هذه النهاية المأسوية، وكذلك مشنقة الذات
المترددة للبطلة وأبيها الذين لم يتمكنا أبداً من مواجهة قيودهما؛ فكانت تلك
نهايتهما معاً.
![]() |
مع الكاتبة مريم أحمد علي في معرض الكتاب |
البنية السردية التي اختارتها الكاتبة مريم أحمد علي لروايتها:
مع قراءة في رواية آرفيلا نكتشف أن الرواية لا
تتبع خطاً زمنياً واحداً، بل يتخللها الفلاش باك حيث تتقاطع فيها الذكريات مع
الأحداث الحاضرة؛ لتفسرها وتوضح أسباب حدوثها، حيث تميل الكاتبة مريم أحمد علي إلى
استخدام تقنيات الاسترجاع؛ لتمنح شخصياتها فرصة لإعادة سرد الحكاية من زوايا
متعدّدة، وهذا الاسترجاع بذاته كان يمثل عقوبة للشخصيات في بعض الأحيان، كونهم لا
يعانون فقط من وقوع الحدث، بل أيضاً من عدم تمكنهم من الهرب منه باستمرار استرجاعهم
له وعدم تمكنهم من النسيان.
وتنتهي
الرواية نهاية مفتوحة، لا تجيب عمن سينال العقاب في النهاية، ومن عليه أن يحمل وز
كل ما حدث؟ على أي عنق يقع دم ليالي؟ ربما الإجابة القانونية تكون واضحة منطقياً
من أن جدة البطلة هي الجانية الأساسية، ولكن تلك الشخصية الرئيسية هل هي أيضاً جان
أم ضحية؟ هل يعاقبها القانون أم يكتفي بعقاب ضميرها؟ وأبيهما هل هو المعاقب على ما
جنوه أم تكفي خسارته لإحدى ابنتيه بسبب جبنه وتخاذله طوال حياته؟ لا تجيب قراءة في
رواية آرفيلا على تلك الأسئلة بإجابات قاطعة.
حيث تدع
نهاية الرواية القارئ في منطقة اللا يقين، وكأن كل شخصية يمكن أن تكون هي الجاني
والضحية في نفس الوقت، أو أن المشنقة كانت للجميع: للوالد، للجدة، ولآرفيلا ذاتها،
وهذا يفتح الرواية على أفق تأويلي خصب من المؤكد أن الكاتبة مريم أحمد علي كانت
تقصده، ففي نهاية قراءة في رواية آرفيلا قد نكتشف أنها ليست فقط سرداً عن فتاة
وماضيها، بل هي مرآة للصراعات المريرة داخل الأسر الأبوية التقليدية بين الطاعة
والانعتاق، وبين الاستجابة للصوت الداخلي الحر فينا أو ضغوط الخارج التي لا تمت
لأرواحنا بصلة.
إنها رواية عن "المشنقة" التي قد لا تُرى، لكنها دومًا موجودة في عنق الروح.
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقاتكم تثري موضوعاتنا وتساعدنا على الاستمرار فنحن نهدف إلى اثارة النقاش الجاد المفيد لكافة الأطراف حول الموضوعات المطروحة، ويسرنا أن نعلم ما إذا كانت المقالات تنال استحسانكم أم لا وما جوانب النفع أو القصور فيها، وماذا تأملون في المقالات القادمة؟