- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
جانب من مناقشة رواية على فراش طاغية في نادي أدب روض الفرج |
على فراش طاغية هو عنوان رواية الكاتب هشام
فياض، حملني العنوان فور سماعه للمرة الأولى إلى تأويله بمعنى سياسي أحالني إلى
رواية خريف البطريرك للروائي الكولومبي حامل نوبل جابرييل غارثيا ماركيز، وكنت قد
قرأتها قبل أعوام، وصراحة لم تعجبني وشعرت بالملل أثناء قراءتها، لا أطيق السياسة
البحتة على أية حال، كما لا أحب الرمزية العميقة، وحملني عنوان على فراش طاغية إلى
الاعتقاد أن ربما الرواية تدور عن زعيم من الطغاة ومغامراته النسائية التي قد تدور
على فراشه وتكون سبباً في قرارات سياسية مدمرة.
مراوغة عنوان رواية الكاتب هشام فياض:
ولكن تفاجئنا بداية الرواية أن بطلها هو صحفي
رئيس تحرير وكاتب ينال جائزة رفيعة من أحد الدول العربية في مجال الرواية، وعند
عودته يعرج على رومانيا حيث حبيبته القديمة، وعندما يذهب معها إلى الفندق يكتشف أن
الحجرة التي سيبيتون بها كانت مخصصة للرئيس الروماني الأسبق تشاوشيسكو الذي اشتهر بطغيانه؛ فيتساءل كيف له أن ينام براحة على فراش
طاغية؟ ومن هنا تنبثق له فكرة كتابة مقال صحفي لافتتاحية جريدته حول خواطره تجاه الأمر،
ومن بعدها وعلى طول السرد الروائي ترد له رسائل من قارئات من كافة أقطار الوطن
العربي تضامناً مع مقاله.
وقد
كانت هذه الرسائل كلها تدور في فلك اكتشاف القارئات أنهن أيضاً ينمن على فراش طاغية
طوال السنوات الماضية، ويتمثل هؤلاء الطغاة في أزواجهن الذين يسلبهن حقوقهن بأشكال
مختلفة وطرق متنوعة باختلاف قصصهن، وبذا لم تحمل الرواية التصنيف السياسي البحت،
وإن حملت بين طياتها كثير من السياسة، ولكنها تلك السياسة التي نتعاطاها جميعاً
خلال يومنا، فكل أمورنا مرجعها في النهاية إلى السياسة، وكما قال أحدهم أن حتى
قولنا يعيش السمك في الماء يحمل بين طياته أمور من السياسة.
وقد وفق
الكاتب هشام فياض كثيراً في هذا الأمر إذ جعل عالمه الروائي في رواية على فراش
طاغية يتداخل مع كافة أطياف الحياة الواقعية التي نعيشها سياسياً واجتماعياً وفكرياً
ونفسياً، كما شملت أيضاً التطور التاريخي للمجتمع نظراً لأن الأبطال الرئيسيين
للعمل في الستين من أعمارهم، وبالنظر إلى موقعهم المهني في مجال الصحافة؛ فتاريخهم
متشابك كثيراً مع تاريخ الوطن والعالم العربي، وكان هذا مدخلاً مهماً للتطرق إلى
القضية الفلسطينية والصراع العربي مع المحتل منذ بدايته من خلال شخصية وسام عبد
العزيز الذي كانت له مواقفه المناهضة للاحتلال دوماً.
وعند
اكتشافه أن زوجته البولندية تحمل جنسية مزدوجة من الكيان المحتل، وقد أخفت الأمر
عنه ولم تخبره بجنسيتها الثانية؛ فيطلقها ويتبرأ منها ومن ابنها الذي تحاول إلصاقه
به طوال أحداث رواية على فراش طاغية؛ ليكون كمسمار جحا الذي تتبجح به في أحقيتها له،
متجاهلة سلوكها طريق الغش والخداع في سبيل الحصول على هذا الابن، وهي نفس الطريقة
التي سلكها المحتل حين أشترى الأرض في فلسطين في البداية بواسطة أشخاص وسطاء؛
ليدعوا في النهاية أحقيتهم للأرض وأن الفلسطينيين هم من باعوا لهم أرضهم.
غلاف رواية على فراش طاغية |
اللغة السردية في رواية على فراش طاغية:
بدأت رواية
الكاتب هشام فياض بسرد من الراوي العليم، ولكن في أول فصولها عندما سرد وسام عبد
العزيز خواطره حول نومه في فراش الطاغية تمنيت لو بقي السرد على لسانه، أو أن
يتناوب هو وعلياء السرد، وتكون الرواية رواية أصوات متعددة، وربما نادين أيضاً،
كونهم هم الشخصيات الرئيسية للرواية، وذلك لعذوبة المقاطع السردية التي كانت ترد
على لسان وسام أو علياء، في حين أن وصف الراوي العليم كان وصفاً تقريرياً بحتاً
يتخلى تماماً عن جمالية السرد وشاعريته، إذ يتوقف عند وصف تفاصيل المشهد وحركية
الشخوص فقط لا غير.
وربما
اختار الكاتب هشام فياض هذا الأسلوب في روايته على فراش طاغية تناسباً مع الأسلوب
الصحفي الذي يشمل عمل أبطال الرواية الأساسين، إذ أن هذا الأسلوب التقريري في وصف
الأحداث كان أكثر شبهاً باللغة الخبرية التي تكتنف أخبار الصحافة، ولكن حتى
الصحافة أصبح توجهها الحالي إلى الصحافة الأدبية، وهي ليست الصحافة المتخصصة التي
نعرفها والتي تعني بأخبار الأدب ومتابعة الشؤون الثقافية، وإنما هو أسلوب في
الكتابة الصحفية يعتمد على الأسلوب الأدبي في صياغة المواضيع الصحفية.
حتى إن من نالت جائزة نوبل في الأدب لعام 2015
كانت الكاتبة الصحفية البيلاروسية سفيتلانا اليكسييفيتش عن أعمالها الصحفية التي
تضمنت شهادات حية من ضحايا الحرب الروسية على بيلاروسيا، ولكنها صاغتها بأسلوب
أدبي أشبه للرواية، ولذا فإنني أتحيز أكثر للأسلوب الأدبي، وتمنيت لو أن الكاتب
هشام فياض اختار أحد شخوصه سارداً للرواية يصف على لسانه الأحداث.
مع الكاتب هشام فياض في قصر ثقافة روض الفرج |
الحالة النفسية لشخوص الرواية:
على
الرغم من الإطار السياسي للأحداث إلا إن الكاتب هشام فياض توغل بنا داخل أعماق
النفس البشرية؛ ليكشف عن كثير من التناقضات التي قد تعج بها؛ فوسام يحب علياء
ويعلم بحبها له أشد العلم، وهي ملاذه الدائم في كل ما يعترضه من مواقف الحياة، إلا
إنه من واقع ضمانه التام لوجودها المستمر ودعمها الذي لا ينقطع، لا يجد رادعاً من
أن يركنها على الرف؛ ليلاحق نزواته التي لا تنتهي، حتى إنه يدفعها لتهيئة الأوضاع
له للزواج من ابنة خالتها، وتستمر هي معه في علاقتهما السرية.
وعلياء
رغم كل ما تعانيه من هدر لمشاعرها وطاقتها وعدم الاعتراف بها في علاقة شرعية رسمية
تحظى فيها بالاحترام الذي تستحقه كأي أنثى، إلا إنها لا تستطيع التوقف عن بذل
المزيد والمزيد لأجل سعادة حبيبها الذي أضاعت إلى جواره عمرها دون أن تكون لها
حياة مستقلة وزوج يحبها ويحترمها وأطفال يكبروا ليعينوها على نوائب الدهر في
كبرها؛ فذهب عمرها سدى في انتظار لا ينتهي، وحين ظنت أنها نالت أخيراً بعض فتات ما
حلمت به، ما لبث أن تسرب من بين يديها إلى أحضان أخرى بعيداً عنها.
ونادين
التي تعلم منذ أول لحظة بحب علياء لوسام، ومع ذلك لم تعبأ بأن تتزوجه لتنال هي
الحياة الزوجية المستقرة والوضع الاجتماعي المبهر، تاركة لعلياء مسئولية الاهتمام
بزوجها ومتطلباته المادية من تجهيز الطعام الذي يحبه والاهتمام بمظهره وحتى تلبية
متطلباته الجسدية بعد أن زهدته، وكذلك تربية طفلتيهما والسهر عليهما، ولم تعبأ بكل
هذا وهي تراها تفني عمرها في اللا شيء ما دامت هي مستفيدة، وكل ما يحدث يحدث في
الخفاء، ولكن حين أصبحت علاقتهما رسمية وعرف بها الجميع انقلبت عليها.
حين
قرأت بعض المراجعات والرؤى النقدية حول رواية الكاتب هشام فياض على فراش طاغية على
الانترنت، ووجدت البعض يصف نادين بكونها الزوجة الوفية المخلصة التي وقفت إلى جوار
زوجها حتى فاض بها الكيل أصابني الأمر حقيقة بالاشمئزاز؛ فلم أرى في نادين إلا
شخصية نرجسية انتهازية بشتى الطرق، حتى في طريقتها النهائية للانفصال عن وسام كان
بعد أن استنزفته لآخر قطرة، وقلبت عليه الطاولة لتقنعه بمدى طغيانه -وإن كان هذا
حقيقياً ولكن ليس معها- وأنها تحملت كثيراً في سبيله ولم يعد بوسعها المزيد.
لم تترك
نادين وسام إلا بعد أن تأكدت تماماً أنه لم يعد هناك أي أنثى أخرى في حياته،
فحينها فقط يمكنها أن تتركه وحيداً بعد أن أعلنت انتصارها ولم يعد هناك معركة
للفوز بها، ولم يعد هناك شيئاً قد تأخذه أخرى.
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقاتكم تثري موضوعاتنا وتساعدنا على الاستمرار فنحن نهدف إلى اثارة النقاش الجاد المفيد لكافة الأطراف حول الموضوعات المطروحة، ويسرنا أن نعلم ما إذا كانت المقالات تنال استحسانكم أم لا وما جوانب النفع أو القصور فيها، وماذا تأملون في المقالات القادمة؟