- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
قراءة في ثلاثية أحلام مستغانمي |
ثلاثية أحلام مستغانمي هي أول أعمالها الروائية بعد انطلاقتها كشاعرة
بديواني شعر، وعلى الرغم من ذلك إلا أنني لم أقرأها إلا في الفترة الأخيرة، وقد
سبق قراءتي تلك قراءة بعيدة منذ سنوات لروايتها اللاحقة "الأسود يليق بك" وديوانها المتأخر "عليك اللهفة"، وأذكر أن إعجابي بهما كان هو
السبب في شرائي لهذه الثلاثية بالإضافة إلى بعض كتبها الأخرى وقتها، ولكن كان
قدرهم أن ينتظروا دورهم في القراءة لوقت طويل، وفي الوقت الحالي لا أذكر حقيقية
أكان إعجابي بالرواية والديوان لكونهم جيدين حقاً أم لسطحية ذوقي وقتها؟
فأغلب
الظن أنني أعجبني شعرية الرواية التي تميزت بها "الأسود يليق بك" ورومانسية
الأحداث حيث كنت لا أزال في فترة المراهقة، ولا أعي الشيء الكثير عن الأدب
والكتابة، وكذلك الديوان الذي هو بالأساس شعر؛ فإذا كانت الرواية أعجبتني لشعريتها
فمن باب أولى أن يعجبني الديوان.
ملخص الجزء الأول من ثلاثية أحلام مستغانمي :
وفي البداية تتكون ثلاثية أحلام مستغانمي من
ثلاث روايات بطبيعة الحال، هم على حسب الترتيب: ذاكرة الجسد- فوضى الحواس- عابر
سرير، يأتي الجزء الأول على لسان السارد خالد بن طوبال، وهو رسام جزائري كبير شارك
في حروب التحرير، وفقد فيها ذراعه، من ثم تحول للرسم، وأقام في فرنسا، وبعد سنوات
طويلة يلتقي بحياة بطلة الثلاثية وهي ابنة سي الطاهر عبد المولى قائده في حروب
التحرير التي خاضها، وبعد إصابته وذهابه للعلاج في تونس كان قد أوصاه بزيارة زوجته
وأمه وتسجيل شهادة ميلاد ابنته هناك باسم أحلام، حيث كانت حديثة الولادة.
وفيما يتضح يجعل هذا الأمر حياة في مقام ابنة السارد، وهو الذي لاعبها
طفلة، ولكنه انقطع عنها سنوات طوال؛ ليراها فيما بعد زائرة في معرضه أنثى كاملة
النضوج تحمل عبق قسنطينة؛ فيقع في غرامها، وتتطور الأحداث تباعاً حتى تنتهي بتزويج
حياة من قبل عمها لأحد القادة العسكريين الذين ينهبون البلاد، ويعتبر السارد هذا
الزواج تدنيساً لتاريخ والدها وشرف الوطن، ومن ثم يحاول كتابة هذه الرواية؛ ليدفن
حبه لها بعد زواجها، ولكن طوال القراءة لم تقنعني الكاتبة أن السارد ذكر؛ فقد كنت
ألمح الكتابة الأنثوية تطفو كل حين بين الكلمات.
فليس هكذا يفكر الرجال مهما استبد بهم العشق
والوله، وربما مرد ذلك هو اعتماد الكاتبة على أسلوب شعرية الرواية الذي قد لا يصلح
للتعبير عن ذات الذكر.
ملخص الجزء الثاني فوضى الحواس:
وبعد
ذلك بمرور سنتين تقريباً تبدأ أحداث الجزء الثاني من ثلاثية أحلام مستغانمي
المعنونة فوضى الحواس، وهذه المرة تكون الأحداث على لسان حياة بما يتلائم إلى حد
ما مع شعرية الرواية والسرد الأنثوي، وتتلخص الأحداث في الإشارة إلى أن الجزء
الأول من الثلاثية كانت رواية من تأليف البطلة؛ ليجمعها القدر مع مصور صحفي معارض
يشبه كثيراً تلك الشخصية التي ابتدعتها في روايتها، حتى إنه يستخدم نفس اسمه "خالد
بن طوبال"، وتقيم معه علاقة عاطفية على الرغم من استمرار زواجها بالقائد العسكري.
وعلى الرغم من أن هذا الجزء كان على لسان
الساردة الأنثى، والتي هي الروائية والكاتبة؛ فكان من المفترض بطبيعة الحال أن يكون
أقوى الأجزاء إلا أنه على العكس من ذلك؛ ففي رأيي كان هذا الجزء أكثرهم سطحية
وركاكة في الأحداث، وبدلاً من تعميق شخصية البطلة وإعطائها بعداً حقيقياً سطح منها
تماماً.
الكاتبة أحلام مستغانمي |
ملخص الجزء الثالث عابر سرير:
ومن ثم ننتقل إلى الجزء الثالث من ثلاثية أحلام
مستغانمي والذي يحمل عنوان عابر سرير، ونعود مرة أخرى للسارد الذكر ولكن هذه المرة
يكون خالد المصور لا الرسام، وذلك بعد عدة سنوات من انفصاله عن حياة وسفره لباريس؛
ليتسلم جائزة دولية في التصوير الفوتوغرافي، وهناك يكتشف أن خالد الرسام شخصية
حقيقية كانت حياة على علاقة به بالفعل، ولكن اسمه الحقيقي زيان لا خالد، ومن ثم
تتطور الأحداث حتى نصل لوفاة زيان وعودة خالد المصور مع تابوته إلى أرض الوطن؛
ليدفن هناك.
وبذلك تنتهي أحداث الثلاثية وتضع لها خط النهاية،
والذي عمدت فيه إلى استخدام الرمز إلى جانب شعرية الرواية فقد كانت حياة طوال
الأحداث هي رمز للوطن الجزائر الذي استبد به العسكر، وحرم منه من حاربوا لأجل
تحريره قديماً، ومن ناضلوا لإصلاحه حديثاً، ومهما حاولوا الوصول إليه والتمتع به
كان مصيرهم في النهاية هو الحرمان، وأقصى ما يمكنهم الحصول عليه أخيراً هو بضعة أمتار
تواري جثمانهم، وأعجب ممن هاجموا الكاتبة هجوماً عنيفاً كونها تقدم محتوى جنسياً
يحرض على الفسق والفجور والخيانة الزوجية مغلفة إياه بأسلوب شعرية الرواية الذي
يدغدغ مشاعر النساء ويجعلهن يسعين لتقليد البطلة!
وهم في ذلك رافعين شعارات الفضيلة ورقي الأدب وغيرها من الشعارات الجوفاء
مدعين لأنفسهم الثقافة والألمعية الفكرية، وهؤلاء المدعين ذوي الحناجر الجوفاء لم
ينتبهوا إلى هذا الرمز البسيط، الذي على الرغم من قدمه قدم التاريخ –فكل الكتابات
على مر الزمان رمزت للوطن بالحبيبة ولم يكن هذا أمراً مستحدثاً في ثلاثية أحلام مستغانمي
على وجه الخصوص- إلا أن الكاتبة لم تعمد إلى تجهيله وغموضه بل إنها صرحت بهذا
الرمز من أول صفحات ثلاثيتها؛ فلم ينفك خالد بن طوبال يصرح مرات لا حصر لها في
الجزء الأول أن حياة بالنسبة له لم تكن مجرد حبيبة، بل كانت هي الأم والوطن.
شعرية الرواية وخفوت الحدث:
وعطفاً على ما سبق؛ فقد انتشرت ثلاثية أحلام
مستغانمي انتشاراً واسعاً وحازت قبولاً جماهيرياً كبيراً، وفي اعتقادي أن أغلب هذا
القبول كان مرده إلى شعرية الرواية التي تدغدغ مشاعر القراء وتلعب على عواطفهم
الجياشة، وتسمح لهم باقتباس أقوالها المنمقة التي تعطيهم حيزاً كبيراً للعب دور
المثقف الرومانسي، وهذا ليس عيباً بشكل عام بل قد يعد ميزة كبيرة في أغلب الأعمال،
ولكن شريطة أن لا يكون ذلك على حساب باقي عناصر الكتابة الروائية من حدث وصراع
وتكوين شخصيات.
وهذا ما لم يحدث في ثلاثية أحلام مستغانمي فقد
كانت شعرية الرواية طاغية على الأحداث؛ حتى تبدو وكأنها قصيدة نثرية طويلة لا غير،
فأحداث الثلاثية لم تكن بالزخم الذي يستدعي تجزيئها على ثلاث روايات تصل كل رواية
منهم إلى أربع مئات من الصفحات، فقد كان بإمكانها اختزالها في رواية واحدة فقط،
والاستعاضة بأسلوب تعدد الرواة بدلاً من المط والتكرار في الأحداث على ثلاث روايات
مختلفة، معتمدة على صفحات طويلة من الوصف الدقيق للمشاعر بدلاً من الأحداث.
شعرية الرواية عند أحلام مستغانمي
وفي النهاية عزيزي القارئ إذا كنت قرأت ثلاثية أحلام مستغانمي من قبل أو أياً من أعمالها، يسعدني معرفة رأيك إذا ما كان أسلوب شعرية الرواية الذي تستخدمه في أعمالها يضيف إليها أدبياً أم ينتقص منها؟ يمكنكم ترك آرائكم في التعليقات لنفتح باب النقاش سوياً، ونستفيد معاً من الآراء المختلفة، وإذا أعجبكم المقال؛ فيسعدني مشاركتكم له على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي؛ ليصل إلى أكبر عدد من القراء ويشاركوننا هم أيضاً بآرائهم، وفي انتظار اقتراحاتكم أيضاً لأعمال أدبية أو فكرية أخرى نفتح حولها باب النقاش، دمتم بكل خير.
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقاتكم تثري موضوعاتنا وتساعدنا على الاستمرار فنحن نهدف إلى اثارة النقاش الجاد المفيد لكافة الأطراف حول الموضوعات المطروحة، ويسرنا أن نعلم ما إذا كانت المقالات تنال استحسانكم أم لا وما جوانب النفع أو القصور فيها، وماذا تأملون في المقالات القادمة؟