رواية الأسياد للكاتب حسن كمال

 

رواية الأسياد للكاتب حسن كمال
رواية الأسياد للكاتب حسن كمال

 

    رواية الأسياد للكاتب حسن كمال هي أحد مقتنياتي التي حظيت بها من معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام 2015م، ذلك المعرض الذي انتابتني فيه لوثة جنون ما مصاحب لنزعة انبهار مراهقة متأخرة، كانت تدفعني للبحث عن أي حفلة توقيع في المعرض، وشراء الكتاب والحصول على توقيع كاتبه الذي قد أكون لا أعرف اسمه قبلاً من الأساس، ولا أعرف عن أي شيء يدور الكتاب؟! كل ما كان يعنيني في هذا الوقت هو الحصول على تواقيع الكتاب على كتبهم.

    وكأنني كنت أعتقد أنني هكذا سأحظى بكنز ثمين لا أحد يقدر قيمته سواي، وقد كانت رواية الأسياد للكاتب حسن كمال أحد هذه الكتب، والتي قد وقعها لي في حفل توقيعه، واشتريتها مغلفة بكيس قماشي يحمل اسم الرواية وطلاسمها، ولم تخرج من هذا الكيس طوال هذه السنوات، وظلت قابعة في ركن منزوي في مكتبة صغيرة، تنقلت بين أرجاء غرفتي عدة مرات، بينما الرواية لم تبارح مكانها، حتى من الله عليها وأتاها دور القراءة مصادفة بعد أن أفرغت المكتبة من عدة كتب قديمة لا أحتاجها.

أجواء رواية الأسياد :

   انتابني الفضول لقراءة رواية الأسياد للكاتب حسن كمال قبل أن أقرر ما إذا كانت تستحق أن تحظى بشرف البقاء في مكتبتي أم عليها أن تذهب مع الكتب القديمة، والحقيقة أنها استحقت هذا الشرف بجدارة، فقد أخذتني الرواية إلى عالم ساحر غصت فيه تماماً، حتى إنني ظللت ليلتين بعد انتهاء القراءة أتخيل الأحداث والنهاية مراراً وتكراراً في ذهني، حيث تدور أحداث الرواية في قرية نائية من قرى النوبة الأسوانية، لا تصلها أي من معالم المدنية الحديثة، ولا يعلم أحد عنها شيئاً.

توقيع الكاتب حسن كمال
توقيع الكاتب حسن كمال


   بطل رواية الأسياد للكاتب حسن كمال هو بشير الشاب الوحيد تقريباً الذي نزح من القرية؛ ليستكمل تعليمه في القاهرة، وهو وريث مشيخة القرية (حاكمها الجديد وولي العهد)، فهذه المشيخة ترثها عائلته أباً عن جداً، وصولاً إلى جدهم الأكبر "داعو"، والذي تدور أسطورة حوله أنه كان أحد الجن المؤمن، وطلب من الله أن يصبح إنسياً ويعيش بين البشر؛ فاستجاب الله دعائه، وأنشأ هذه القرية؛ ليملكها هو وذريته، ويحاول بشير الفكاك من هذه الأسطورة التي لم يعد يصدقها بعد ما وصل إليه من العلم.

   ولكن وراثته لمشيخة القرية تطارده؛ لتجبره على العودة، وتتكشف له المزيد من الأساطير والدجل الذي تقتات عليه قريته، لا أريد حرق المزيد من أحداث رواية الأسياد للكاتب حسن كمال؛ فالمتعة تكمن في اكتشاف القارئ لهذا العالم الخفي بنفسه، وأن يعيش مع شخصياتها ويتمثلهم أمامه.

تجربة حسن كمال الأدبية في روايته:

    استطاع حسن كمال أن يبني عالماً كاملاً بأسطوريته من خياله في رواية الأسياد، فدجا هي قرية متخيلة لا وجود لها في الواقع، ولكنه أراد بها إسقاط أسطوريتها المتخيلة على واقعنا المعاش، فمصر كلها ما هي إلا دجا كبيرة، يسيطر فيها الوهم والأسطورة والكذب والزيف على الواقع والحقيقة، تغذيهم السلطة الحاكمة؛ لتضمن خضوع الأفراد لها على الدوام، والانشغال في التناحر فيما بينهم على الفتات عن الالتفات لما يسطون هم عليه من جسد الوطن وقوت الشعب وحلم الغد.

    وفي النهاية كانت نهاية رواية الأسياد للكاتب حسن كمال أكثر من رائعة، على الرغم من أننا جميعاً نتمنى دوماً نهاية سعيدة تحقق الخير والرفاه لأهل الحق، وتقتص من الظلمة وأعوانهم، إلا أن الواقع لا يأتينا بهذه النهايات عادة؛ لأننا لا نستحقها ولا نعمل للوصول إليها، بل ننتظرها هبة من السماء، و نتناسى أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة؛ لذا فإن تلك النهاية الواقعية كانت أفضل نهاية، وإن كانت أيضاً نهاية تحبس الأنفاس، وتجعل القارئ يتخيل أفلام الرعب الأجنبية، تلك التي يحارب البطل فيها الوحش طوال أحداث الفيلم، وفي النهاية عندما يتخيل أنه انتصر تماماً عليه وتخلص منه للأبد؛ إذا به يخرج له مرة أخرى؛ ليبدأ من جديد!

 

غلاف رواية الأسياد
غلاف رواية الأسياد

    وختاماً فإن رواية الأسياد للكاتب حسن كمال هي رواية أنصح بقراءتها والعيش في عالمها، الذي لا يختلف كثيراً عن عالمنا إلا في أسطوريته المتخيلة، وإذا كان منكم من قرأها؛ فيسعدني معرفة آرائكم حولها، وأن نتناقش معاً فيما طرحته الرواية من أفكار وأساليب في التعليقات أسفل التدوينة.

تعليقات