ضياء الشرقاوي وإبداعه في رواية الحديقة

 

قراءة في حديقة ضياء الشرقاوي
قراءة في حديقة ضياء الشرقاوي

 

   ضياء الشرقاوي أحد الأسماء التي ربما لم يسمع عنها الكثيرون من قراء الأدب المصري، فعلى الرغم من غزارة انتاجه مقارنة بالعمر الصغير الذي عاشه، حيث انتقل إلى رحمة الله وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، إلا أن ربما وفاته المبكرة تلك كانت سبباً في عدم شهرته، وعدم تمكنه من مواكبة الشهرة من خلال الصحافة والتلفزيون في ذلك العصر، ورواية الحديقة التي بين أيدينا الآن هي أحد أهم أعماله الأدبية، حيث تم نشرها لأول مرة كقصة قصيرة ثم تم توسيعها لتكون رواية نشرتها دار الهلال في سلسلة روايات الهلال بتاريخ إبريل 1976م.

تصنيف رواية الحديقة:

   يتم تصنيف رواية ضياء الشرقاوي على أنها رواية أجيال، مقسمة إلى ثلاث فصول كل فصل منها يتضمن قصة جيل من ثلاث أجيال متعاقبة، يربطهم معاً الحديقة التي توارثوها من أسلافهم، ولكنني عند القراءة شعرت وكأنها ثلاث نوفيلات منفصلة تدور حول موتيفة الحديقة فقط لا غير؛ فلم أشعر بترابط قوي بين الفصول الثلاث لتكون رواية متكاملة مترابطة؛ فالفصل الأول الذي حمل العنوان الرئيسي للرواية يدور حول رجل عجوز يسعى لاهثاً وراء حلم أسطوري بإحياء حديقته القديمة التي ورثها بوراً عن أجداده.

   بالإضافة إلى ذلك فإن هذا الرجل العجوز يجر ابنيه معه في هذا الهوس، مما يكون نتيجته أن يفقدهما تباعاً، ومع ذلك لا تفتر همته؛ فيتزوج ثانية من فتاة صغيرة وينجب منها، ويتوعد الجميع بأنه سينجب عشرة أبناء يحققون له حلمه في رواية الحديقة، أما الفصل الثاني المعنون بعيون الغابة؛ فتناول فيه ضياء الشرقاوي قصة فتاة مكتوب كتابها وتستعد للزواج من عريسها المنتظر، وتفاجأ به يعبث في أوراقها وكتبها؛ فتظن أنه رأى خطابات حبها القديم ويسعى للانتقام منها لإخفائها هذا السر عنه.

عالم ضياء الشرقاوي القصصي:

   وفي قصة عيون الغابة ترتبط القصة بموتيفة رواية الحديقة الأساسية، وذلك عن طريق توجه الفتاة مع عريسها لزيارة خاله في الريف، حيث يملك حديقة كبيرة أشبه بالغابة المجهولة التي تتوه فيها، وتظن أنه انما أتى بها إلى هذا المكان؛ ليرهبها ويجبرها على الاعتراف، ولكنه لا يتطرق أبداً لموضوع الخطابات القديمة، حتى يعودا في النهاية إلى القاهرة؛ فتضع له بنفسها هذه الخطابات في جيوب معطفه! أما القصة الأخيرة فتحمل عنوان الصوت، وهي تدور حول مالك حديقة يسعى لزراعتها بأشجار التفاح إرضاءً لزوجته.

    ولكن على الرغم من ذلك تعترضه عرافة تنبئه أن الأرض ستروى بالدم، وعندما يشعر بوجود ذئب يحوم في الحديقة يسعى لاصطياده وري الأرض بدمه تحقيقاً للنبوءة، ولكن هذا الذئب يهاجمه بينما هو نائم في الحديقة في انتظاره؛ فتتحقق النبوءة وتروى الأرض بالدم فعلاً، ولكن دمه هو، وأسلوب ضياء الشرقاوي في الفصلين الأول والأخير من رواية الحديقة يتميز بشكل أسطوري، يحظى به أيضاً الفصل الثاني إلى حد ما ولكن مع مزجه بالواقعية الاجتماعية، هذا التلخيص البسيط لمضمون رواية الحديقة قد يكون مجحفاً لإبداعه.

 

غلاف رواية الحديقة
غلاف رواية الحديقة

    هذه الرواية تحتاج لقراءة متأنية باستمتاع للتوغل في عالمها، فإذا كنت عزيزي القارئ استمتعت من قبل بقراءتها أو أي من أعمال الكاتب ضياء الشرقاوي، يسعدني مشاركتك بآرائك وانطباعاتك حول عالمه الروائي في التعليقات.

تعليقات