ما فعله العيان بالميت قصص بلال فضل الساخرة

غلاف كتاب ما فعله العيان بالميت
غلاف كتاب ما فعله العيان بالميت

 

    ما فعله العيان بالميت هي الكوميديا السوداء في أزهى صورها، التي يقدمها لنا الكاتب بلال فضل في هذا الكتاب، على الرغم من تصنيف الكتاب على غلافه أنه قصص قصيرة، إلا أنه في الواقع أدب ساخر بشكل عام، ولكنه لا يلتزم بفن القصة القصيرة؛ حيث يتداخل فيه الفنون بين القص والمقال والحوار المسرحي والخاطرة، وهكذا.

ما فعله العيان بالميت أن المصريين ينحرون بعضهم بعضاً:

    المضمون الرئيسي للكتاب هو السخرية من أحوال البلاد والعباد، فالقصة التي حملت اسم الكتاب تشير إلى رجل اضطر إلى سرقة مسامير وشرائح من رجل جثة قريبه المتوفي؛ ليدفع مصاريف علاج زوجته، ولكن أبناء قريبه يبلغون عنه؛ فيودع السجن؛ ليبقى السؤال من المخطئ؟ المحتاج الذي اضطر لفتح المقابر ليعالج زوجته بأموال معدات مسروقة ولكن لا يحتاج لها أحد؟ أم أقاربه الذين لم يرأفوا لحاله؟ أم النظام الصحي في البلد الذي لا يكفل العلاج الآدمي للمواطنين؟

    وفي قصة ولا تأكل بثدييها يسخر بلال فضل في كتابه ما فعله العيان بالميت من أوضاع البلد التي تجعل خادمته ترغب في الهجرة إلى الخليج للعمل في الخدمة المنزلية، وهي التي لا تستطيع أن تخدمهم بعد تقدمها في العمر، وهم يستبقونها فقط مراعاة لعشرتها معهم، ولأنه لا يريد أن يحرجها بعدم إمكانية قبولها في العمل، يخبرها أن عملها خادمة في بلد غريب يسيء لسمعة مصر، ولأنها لا ترضى أن تكون سبباً في الإساءة لسمعة مصر، تخبره باستعدادها التخلي عن جنسيتها المصرية على أن يسعى لها في الحصول على الجنسية الفلبينية!

بلال فضل
بلال فضل

   وفي قصة النصبجي والكشيرجي يصور تلهي الشعب المصري عن الظلم والفساد الواقع عليه، بظلم أفراده لبعضهم البعض وممارسة الفساد فيما بينهم، وهكذا في سائر قصص كتاب ما فعله العيان بالميت، يشرح بلال فضل ببراعة مشاكل الشعب المصري، تصدق المثل القائل: شر البلية ما يضحك.

جرأة بلال فضل في كتاباته:

   بالإضافة إلى ذلك يتميز الكتاب بجرأة من الصعب تصديقها في وقت صدوره، ولا أدري كيف لم ترصده قرون استشعار رقابة أمن الدولة حينها، فالكتاب صدر عام 2010م أي قبل ثورة يناير 2011م المجيدة، ويشير بوضوح إلى نظام مبارك وأعوانه، حتى إنه يتحدث في بعض القصص عن مبارك نفسه ولكن دون التصريح فعلياً باسمه، فمثلاً في قصة البلد بتاعة سيادته تتناول رئيس خرف في السبعينيات من عمره، يتمسك بالحكم بعد أن نسى حتى اسم الدولة التي يحكمها، وقرر أن يسميها بالبلد بتاعته، حتى نسي الشعب اسمها وأصبحت البلد بتاعة سيادته.

   وكذلك هو الرئيس الذي يصر على توريث الحكم لابنه ويمهد لذلك في عدة قصص تضمنها كتاب ما فعله العيان بالميت، كقصة الرئيس الضيف وحيوان البلاد الأول، وهكذا من الإشارات الواضحة في مدلولها عن مبارك وآله في العديد من قصص بلال فضل الساخرة التي ضمنها كتابه.

 

عائلة المخلوع في ما فعله العيان بالميت
عائلة المخلوع في ما فعله العيان بالميت

    في النهاية الكتاب يعتبر جرعة فكاهية ساخرة للضحك على أوضاعنا التي لم تتغير رغم الثورات والانقلابات والاحتجاجات، على الرغم من أن بلال فضل كتبه منذ ما يزيد على عقد من الزمان، إلا أن كل موقف فيه لا زال يحدث لليوم، فإذا كنت عزيزي القارئ لم تقرأ كتاب ما فعله العيان بالميت من قبل أنصحك بقراءته، أما إذا كنت قد قرأته؛ فأرجو أن تشاركني بانطباعاتك عنه في التعليقات؛ لتثري المناقشة وتعم الفائدة.

تعليقات