قراءة لقصتي دموع الأمل في نادي أدب أسيوط

الإتجاهات الحديثة في بحوث ودراسات الأفلام الوثائقية والتسجيلية

 

الأفلام الوثائقية والتسجيلية
الأفلام الوثائقية والتسجيلية




 

 

مقدمة:

   تسعى هذه النوعية من الدراسات إلى الوقوف على أهم مجالات الاهتمام البحثي والأطر النظرية والمنهجية والإضافات المعرفية والتطبيقية، وذلك للوصول إلى أهم الإضافات في مجال التخصص البحثي في الأفلام الوثائقية والتسجيلية، وقد تضمنت مجالات الاهتمام البحثي العديد من الموضوعات المهمة المرتبطة بالأفلام الوثائقية والتسجيلية، والتي تشير إلى طبيعة المشكلات البحثية التي يركز عليها الباحثون في مجال الأفلام الوثائقية والتسجيلية، حيث تعددت تلك المجالات فمنها ما اهتم بالبناء الدرامي والإخراجي والكتابي للأفلام الوثائقية والتسجيلية، ومنها ما أهتم بكيفية معالجة الأفلام الوثائقية والتسجيلية لقضايا معينة، كما اتجهت بعض الدراسات للتركيز على دور الأفلام الوثائقية والتسجيلية في التأثير على الجمهور أو تغيير اتجاهاته أو بناء ثقافته المعرفية.

  وقد عمدت الباحثة إلى الإطلاع على الدراسات المصرية والعربية والأجنبية حول الأفلام الوثائقية والتسجيلية وذلك في السنوات الخمس من 2015 إلى 2020، وهي الفترة التي تم تحديدها لاختيار عينة الدراسة، وقد سعت الباحثة إلى رصد الاتجاهات العلمية الحديثة في بحوث ودراسات الأفلام الوثائقية والتسجيلية على مستوى التناول النظري أو التطبيقي، وتقديم رؤية شاملة تتعلق بالمشكلات والموضوعات البحثية وطرق معالجتها، وكذلك التعرف على المناهج والأدوات البحثية المستخدمة في بحوث ودراسات الأفلام الوثائقية والتسجيلية، بما يتيح تقديم وتحديد مؤشرات يمكن الاسترشاد بها في بحوث الأفلام الوثائقية والتسجيلية وعلاقة الجمهور بها.

أولاً: الإجراءات المنهجية للدراسة:

-        مشكلة الدراسة:

   سعت الباحثة للتعرف على الإتجاهات الحديثة في بحوث ودراسات الأفلام الوثائقية والتسجيلية من حيث مجالات الاهتمام البحثي والجوانب المنهجية المستخدمة، وذلك من خلال مسح الإنتاج العلمي المقدم في رسائل الماجستير والدكتوراه وأيضاً المنشور في مجلات علمية ومحكمة في مصر والدول العربية والأجنبية خلال الفترة الزمنية للدراسة من عام 2015 إلى 2020.

-        أهداف الدراسة:

   تسعى الدراسة إلى تحقيق العديد من الأهداف التي ترتبط بتطوير البحث العلمي في مجال بحوث ودراسات الأفلام الوثائقية التسجيلية والتي يمكن رصدها فيما يلي:

1- تقديم رؤية شاملة تتعلق بالإتجاهات العلمية الحديثة في بحوث ودراسات الأفلام الوثائقية التسجيلية ورصد الموضوعات البحثية وطرق معالجتها، بالإضافة إلى التعرف على المناهج والأدوات البحثية المستخدمة في بحوث ودراسات الأفلام الوثائقية التسجيلية، بما يسهم في تقديم منطلقات فكرية يمكن الاستفادة منها في البحوث والدراسات المستقبلية.

2- مقارنة الإتجاهات البحثية والأطر النظرية والمنهجية بين الدراسات المصرية والعربية والأجنبية التي تناولت الأفلام الوثائقية التسجيلية.

3- إفادة الباحثين في مجال الأفلام الوثائقية التسجيلية بصفة عامة بواقع الدراسات الإعلامية في مجال الأفلام الوثائقية التسجيلية التي أجريت في مصر والدول العربية والأجنبية خلال الفترة الزمنية للبحث، مما يسهم في التعرف على الأجندة البحثية حول الأفلام الوثائقية التسجيلية وهو ما يمثل قيمة علمية مميزة للباحثين المهتمين بالأفلام الوثائقية التسجيلية.

4- التعرف على تصنيفات وتوجهات مجالات الاهتمام البحثي لدراسات الأفلام الوثائقية التسجيلية والوقوف على النتائج التي توصل إليها الباحثون ومحاولة تفسيرها والربط بينها لتقديم رؤية أكثر عمقاً تتوافق مع التطورات التقنية التي أتاحها الإعلام في العصر الحالي وتدعم المنطلقات الفكرية والبحثية في هذا الصدد مستقبلاً.

5- طرح رؤية نقدية لبحوث ودراسات الأفلام الوثائقية التسجيلية مما يسهم في وضع أجندة بحثية ثرية حول موضوع يتسم بالتجدد والأهمية.

-        تساؤلات الدراسة:

1- ما مجالات الاهتمام البحثي في دراسات وبحوث الأفلام الوثائقية التسجيلية وما مدى الاهتمام ببعض المشكلات البحثية والتركيز على موضوعات بحثية بعينها؟

2- ما أبرز النظريات العلمية التي اعتمدت عليها دراسات وبحوث الأفلام الوثائقية التسجيلية وما مدى التركيز على نظريات علمية بعينها كمنطلقات فكرية ونظرية تسترشد بها تلك الدراسات والبحوث في خطواتها التطبيقية وإجراءاتها المنهجية؟

3- ما المناهج والأدوات البحثية المستخدمة في تلك الدراسات وكيف أسهمت تلك المناهج والأدوات في تحقيق أهدافها؟

4- ما مدى متابعة هذه الدراسات والبحوث للاتجاهات الحديثة في مجال الأفلام الوثائقية التسجيلية، وما مدى تركيزها على موضوعات ومشكلات بحثية جديدة؟

5- ما مدى الاختلاف والتشابه بين الأطر النظرية والإجراءات المنهجية المتبعة في كل من الدراسات المصرية والعربية والأجنبية التي تناولت الأفلام الوثائقية التسجيلية؟

6- ما الرؤية النقدية والمستقبلية لبحوث الأفلام الوثائقية التسجيلية في ضوء تطور الإعلام والتي يتم استخلاصها من نتائج الدراسات الحديثة؟

-        أداة جمع البيانات:

    استعانت الباحثة بأداة تحليل المضمون في رصد المادة العلمية للدراسة، حيث تم إعدادها وفقاً لمتغيرات الدراسة وما اشتملت عليه من فئات تتعلق بمجالات الاهتمام البحثي وتصنيف المناهج والأدوات المستخدمة والنظريات التي اعتمدت عليها الدراسات والبحوث في مجال الأفلام الوثائقية التسجيلية.

-        منهج الدراسة وأسلوب التحليل المستخدم:

   تعتمد الدراسة على منهج المسح التحليلي لإجراء تحليل نقدي لمضمون بحوث ودراسات الأفلام الوثائقية التسجيلية، وكذلك استخدمت الدراسة المنهج المقارن لرصد مدى الاتفاق أو الإختلاف في الإتجاهات البحثية من حيث مجالات الاهتمام والمناهج والأدوات المستخدمة والأطر النظرية والتطبيقية في كل من البحوث والدراسات في هذا المجال البحثي والتي أجريت في مصر والدول العربية والأجنبية خلال الفترة الزمنية للدراسة، وتعد هذه الدراسة من الدراسات الوصفية التي تندرج تحت نوعية البحوث التوثيقية والتي اعتمدت على أسلوب التحليل الكمي والكيفي في تفسير النتائج.

-        مجتمع الدراسة:

   يتحدد مجتمع الدراسة في الإنتاج العلمي المقدم للحصول على الدرجات العلمية المختلفة من ماجستير ودكتوراه وكذلك المنشور في دوريات ومجلات علمية محكمة، وتم اختيار عينة عشوائية منها وصلت إلى 15 مفردة تم توزيعها بالتساوي لتكون خمس دراسات مصرية وخمس دراسات عربية وخمس دراسات أجنبية.

ثانياً: مجالات الاهتمام البحثي والأطر النظرية والمنهجية والإضافات المعرفية والتطبيقية:

    يلاحظ من مجالات الاهتمام البحثي والإتجاهات الحديثة في بحوث ودراسات الأفلام الوثائقية التسجيلية أن الدراسات التي ربطت بين الأفلام الوثائقية التسجيلية والدور الذي تقدمه للجمهور والمشاهد جاءت في مقدمة المجالات البحثية التي اهتمت بها دراسات وبحوث الأفلام الوثائقية والتسجيلية، حيث بلغ إجمالي تلك الدراسات ست دراسات بنسبة 40% من إجمالي الدراسات التي بلغت خمسة عشر دراسة، يليها الدراسات التي ربطت بين الأفلام الوثائقية التسجيلية ودورها في معالجة قضايا بعينها بنسبة 33,3%، ثم جاء المجال البحثي المتعلق بالاهتمام بالتكوين الفني للأفلام الوثائقية التسجيلية في الترتيب الثالث بنسبة 26,7%.

    ويمكن تحديد مجالات الاهتمام البحثي والاتجاهات الحديثة في بحوث ودراسات الأفلام الوثائقية والتسجيلية فيما يلي:

·      دراسات ربطت الأفلام الوثائقية التسجيلية بالدور الذي تقدمه للجمهور والمشاهد:

   يلاحظ أن الدراسات الحديثة قد ربطت بين الأفلام الوثائقية التسجيلية والدور الذي تقدمه للجمهور والمشاهد، ويمكن عرض تلك الدراسات كما يلي:

-        في هذا السياق جاءت دراسة فاتن عبد السلام بيومي 2018 لتتسائل عن دور مواقع الأفلام التسجيلية بالإنترنت في تنمية الوعي الثقافي لدى المراهقين.

-        وكذلك طرحت دراسة إلهام أبو زيد عشري 2018 تساؤل حول دور الأفلام الوثائقية التي تعرض على شبكة الإنترنت في تقديم ملامح وسمات صورة النخبة السياسية العربية والأجنبية سواء الحاكمة أو غير الحاكمة.

-        وفي هذا السياق جاءت كذلك دراسة الزهراء أبو السباع عبد الحميد 2016 لتبحث في دور القنوات الوثائقية في إمداد الجمهور المصري بالمعرفة العلمية.

-        ودراسة أماندين بلينتكس وآخرون 2016 التي هدفت لتقييم آثار فيلم وثائقي عن مرض الفصام على الجوانب المعرفية والوجدانية والسلوكية للوصم المجتمعي عند الأسوياء.

-        ودراسة سكوت هايوارد وديفيد جيانج 2016 التي سعت لرصد تأثير استخدام أحد الأفلام الوثائقية كبديل للتعليم الموجود في الكتب على مجموعة من الطلاب.

-        ودراسة سمية بورقعة 2018 التي هدفت لرصد دور المواقع الإلكترونية للقنوات التلفزيونية الجزائرية في الترويج للتراث الثقافي من خلال دراسة تحليلية للأفلام التسجيلية الجزائرية.

·      دراسات ربطت بين الأفلام الوثائقية التسجيلية ودورها في معالجة قضايا بعينها:

-        دراسة علاء الدين محمد عياش 2017 والتي ركزت على دور الأفلام التسجيلية الفلسطينية في معالجة الأوضاع الداخلية والتعرف على وجهة نظر النخبة الإعلامية الفلسطينية وفقاً لمدى تعرضهم لهذه النوعية من الأفلام التسجيلية ودوافع هذا التعرض والإشباعات التي يحققها لهم.

-        ودراسة هبة فتحي لافي حميدات 2015 والتي سعت للتعرف على كيفية معالجة الأفلام الوثائقية لتنظيم الدولة الإسلامية وصراعه مع التنظيمات الأخرى ومدى التزام صانع الفيلم بالأساليب الفنية في بنية الفيلم الوثائقي وتوخي الموضوعية والصدق.

-        ودراسة كريستال رايلي كوينج وآخرون 2019 التي اهتمت بالتعرف على دور الأفلام الوثائقية في معالجة قضايا التنوع البيولوجي.

-        وكذلك دراسة كايت مانزو 2017 والتي هدفت لتقييم معالجة الأفلام الوثائقية التسجيلية المتعلقة بقضايا تغير المناخ في ضوء المناقشات الجارية في التواصل العلمي بشأن تغير المناخ.

-        ودراسة محمد أحمد عبود 2015 حول مساهمة الأفلام الوثائقیة التسجیلیة فى معالجة الثورات العربیة وتناولها في عینة من القنوات العربية محل الدراسة من خلال دراسة الشكل والمضمون للتعرف على طرق وأسالیب واتجاه المعالجة لأحداث الثورات العربية والظواهر الهامة المرتبطة بها وأيضاً السیاق الذى تمت فیه المعالجة خلال هذه الفترة.

·      دراسات اهتمت بالتكوين الفني للأفلام الوثائقية التسجيلية:

-        كما جاء في دراسة عادل ضيف الله 2017 والتي اهتمت ببحث اتساق البناء الداخلي للفيلم التسجيلي الوثائقي مع البناء الدرامي على اعتبار أن الدراما من أهم أدوات الحوار الثقافي في العالم المعاصر.

-        ودراسة عمر نبيل سعيد 2016 التي استهدفت التعرف على المؤشرات العلمية الصحيحة في حسم الجدل حول المقارنة بين الفيلم الوثائقي والفيلم الروائي من ناحية تلقي الجمهور والتأثيرات المتنوعة على المشاهد وغيرها من النواحي الوظيفية الأخرى التي يشترك فيها كلا النوعين الفنيين.

-        وأيضاً دراسة أنجل كوينتانا وجوردي اكسيفيرا 2016 التي سعت للبحث في الذكاء البصري المكاني في الدعاية والخطاب في الأفلام الوثائقية التي تخدم أهداف الدعاية والعلاقات العامة وذلك بالتطبيق على أفلام روبرتو روسيليني المبكرة والتربوية والتاريخية.

-        كذلك دراسة وائل مخيمر عبد النبي 2016 حول استراتيجيات ممارسة بنية السرد في الأفلام الوثائقية التاريخية بالقنوات الفضائية.

ثالثاً: تصنيف الباحثين في البحوث والدراسات:

  تشير النتائج إلى أن الإنتاج العلمي في مصر والدول العربية يغلب عليه الطابع الفردي، حيث جاء ذلك بنسبة 100% ولم توجد أي دراسة مشتركة يشترك فيها أكثر من باحث، في حين يغلب على الإنتاج العلمي للدول الأجنبية طابع البحوث الجماعية، حيث تم رصد العديد من الدراسات التي شارك بها أكثر من باحث وهذا يشير إلى اهتمام العديد من الباحثين بالعمل الجماعي الذي يؤدي إلى مزيد من التطور نظراً لاعتماده على رؤى بحثية متعددة.

رابعاً: تصنيف الدراسات والبحوث المصرية والعربية والأجنبية حسب نوع الدراسة:

   يلاحظ اهتمام الدراسات الأجنبية بالدراسات الوصفية في التعرض لمجالات البحث في الأفلام الوثائقية والتسجيلية، وهو ما يتفق أيضاً مع الدراسات المصرية والعربية، حيث جاءت كل عينة الدراسة من بحوث ودراسات الأفلام الوثائقية والتسجيلية دراسات وصفية.

خامساً: المناهج المستخدمة في الدراسات والبحوث المصرية والعربية والأجنبية:

   يتضح اهتمام الدراسات الأجنبية باستخدام منهج المسح حيث جاءت نسبته 100% من الدراسات الأجنبية وهو ما يتفق مع الدراسات المصرية، بينما اعتمدت الدراسات العربية على منهج المسح في المقام الأول حيث أتت نسبته 60% من الدراسات العربية بينما جاء المنهج التجريبي المقارن والمنهج التاريخي بنسبة 20% لكل منهما بواقع دراسة واحدة لكل منهما.

سادساً: أدوات جمع البيانات في الدراسات والبحوث المصرية والعربية والأجنبية:

   تبين أن الدراسات الأجنبية اعتمدت على أداة تحليل المضمون لجمع البيانات بنسبة 60%، كما جاءت الدراسات الأجنبية التي اعتمدت على أكثر من أداة لجمع البيانات بنسبة 20% من إجمالي الدراسات الأجنبية حيث جمعت بين استمارة الإستبيان والملاحظة، بينما اعتمدت الدراسات الأجنبية على أداة الإستبيان كأداة لجمع المعلومات بنسبة 40%، واعتمد أيضاً الجانب الأكبر من الدراسات العربية على أداة تحليل المضمون بنسبة 60%، كما استخدمت أيضاً أكثر من أداة فيما نسبته 40% من الدراسات العربية والتي تمثلت في الجمع بين الملاحظة والمقابلة وتحليل المضمون في دراسة عادل ضيف الله 2017 وتحليل المضمون والمقابلة في دراسة هبة فتحي لافي حميدات 2015.

   بينما ظهرت استمارة الإستبيان كأداة لجمع المعلومات في الدراسات العربية بنسبة 40% منها، وكذلك اعتمدت الدراسات المصرية على أداة تحليل المضمون في المقام الأول بنسبة 60% تلتها استمارة الإستبيان بنسبة 40% وقد جمعت دراسة واحدة منهم بين استخدام الأداتين بينما جاءت أداة تحليل ترتيب الخطاب في المرتبة الأخيرة بنسبة 20% وهي أداة لم يتم استخدامها في أي من الدراسات العربية أو الأجنبية الأخرى وتفردت بها الدراسات المصرية.

سابعاً: حجم العينات في الدراسات والبحوث المصرية والعربية والأجنبية:

   تباينت أحجام العينات في الدراسات المصرية ما بين 300 إلى 400 مفردة، أما بالنسبة لحجم العينات التحليلية فتراوحت ما بين الخمسين والواحد والستين، وتم تحديد عينات دراسات تحليل المضمون كلها كعينات عمدية في حين انقسمت الدراسات الميدانية ما بين العينات العمدية والعشوائية، بينما تراوحت أحجام العينات في الدراسات العربية ما بين 100 إلى 150 مفردة، أما حجم العينات التحليلية فتراوح ما بين العينتين والأربع والخمس عينات، وتم تحديد عينات دراسات تحليل المضمون كلها كعينات عمدية وانقسمت الدراسات الميدانية ما بين العينات العمدية والعشوائية فيما يتفق مع الدراسات المصرية.

    بينما الدراسات الأجنبية لم تهتم في أغلبها بذكر عدد العينات إلا دراستين فقط أحدهما ميدانية اعتمدت على 49 مفردة والأخرى تحليلية أعتمدت على 210 عينة، وتم تحديد عينات دراسات تحليل المضمون ما بين العمدية والعشوائية بينما جاءت عينات الدراسة الميدانية كلها عشوائية فيما يختلف تماماً مع الدراسات المصرية والعربية.

ثامناً: النظريات المستخدمة في الدراسات والبحوث المصرية والعربية والأجنبية:

   يلاحظ أن الدراسات الأجنبية في أغلبها لم تشر إلى النظريات المستخدمة في الدراسات إلا دراسة واحدة اعتمدت على نظرية الخطاب السينمائي في العلاقات العامة، بينما تنوعت النظريات المستخدمة في الدراسات العربية ما بين نظرية الاستخدامات والإشباعات ونظرية التلقي ونظرية تحليل الأطر الإعلامية، في حين لم تشر دراستين إلى النظريات المستخدمة فيها، أما الدراسات المصرية فقد اعتمدت على نظريات بناء السرد الإعلامي ونظريات فجوة المعرفة والاعتماد على وسائل الإعلام اللاتي تم استخدامهما معاً في دراسة واحدة ولم تذكر ثلاث دراسات النظرية التي اعتمدت عليها الدراسة.

تاسعاً: أهم النتائج والإضافات العلمية والإشكاليات النظرية والمنهجية لبحوث ودراسات الأفلام الوثائقية والتسجيلية:

-       الأفلام الوثائقية التسجيلية والدور الذي تقدمه للجمهور والمشاهد:

    اتجهت بعض الدراسات إلى الربط بين الأفلام الوثائقية التسجيلية والدور الذي تقدمه للجمهور والمشاهد، فالأفلام الوثائقية التسجيلية قد تلعب دوراً حيوياً في تغيير الاتجاهات والآراء والأفكار لدى الجمهور من خلال تقديم المعلومات والحقائق المجهولة، فقد أوضحت دراسة فاتن عبد السلام بيومي 2018 أن الأفلام التسجيلية وسيلة مناسبة للتثقيف تتمتع بالمصداقية لدى الجمهور، بينما أشارت نتائج دراسة إلهام أبو زيد عشري 2018 إلى قدرة الأفلام الوثائقية والتسجيلية على رسم الصورة الذهنية للنخبة السياسية لدى الجمهور، وخلصت نتائج دراسة الزهراء أبو السباع عبد الحميد 2016 إلى أن الجمهور المصري حريص على مشاهدة القنوات الوثائقية التي أصبحت من أهم مصادر المعلومات العلمية التي يتابعونها بشكل يومي.

   وهذا يتفق مع دراسة سمية بورقعة 2018 التي ترى أن الأفلام الوثائقية يمكنها أن تكون عامل جذب وترويجي مهم للتراث الثقافي الجزائري، وكذلك أيضاً مع دراسة أماندين بلينتكس وآخرون 2016 التي ترى أن الفيلم الوثائقي الذي يشجع الاتصال غير المباشر مع الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بالفصام هو أداة واعدة لمنع وتقليل الوصم المتعلق بالفصام، ودراسة سكوت هايوارد وديفيد جيانج 2016 التي أثبتت أن الفيلم الوثائقي يوفر فرصاً للطلاب لتطوير مهاراتهم في التفكير النقدي.

-        العلاقة بين الأفلام الوثائقية التسجيلية ودورها في معالجة قضايا بعينها:

    أضافت نتائج الدراسات الحديثة رؤية جديدة فيما يتعلق بدور الأفلام الوثائقية التسجيلية في معالجة قضايا بعينها حيث توصلت دراسة كايت مانزو 2017 إلى أن الأفلام التي تحتوي على معلومات غير دقيقة لها مؤيديها أيضاً وأن المعيارين الأساسيين لتحديد الفائدة من الأفلام الوثائقية هي نزاهتها وقابلية التعلم منها، مما يعزز الدعوة لفصل مسألة الفائدة من العلم الدقيق في حد ذاته، فالأفلام المفيدة والتعليمية الصادقة والجديرة بالثقة قد تتم بطرق لا يقصدها صانعوا الأفلام، وهذا ما توصلت إليه أيضاً دراسة كريستال رايلي كوينج وآخرون 2019 حيث تشير النتائج أن الجماهير قد تستفيد من تعاون صانعي الأفلام والعلماء في انتاج الأفلام المتعلقة بقضايا التنوع البيولوجي في البيئة.

   وهذا يتفق مع دراسة علاء الدين محمد عياش 2017 التي ترى أن الأفلام الوثائقية والتسجيلية تنمي قدرة الجمهور على النظرة التحليلية المتعمقة للقضايا التي تتناولها، ودراسة هبة فتحي لافي حميدات 2015 التي توصلت إلى أن الفيلم الوثائقي يستطيع كشف الحقائق ويساعد الإعلاميين والمحللين السياسيين على التعرف إلى كيفية عمل التنظيمات المسلحة، ودراسة محمد أحمد عبود 2015 التي أشارت إلى أن معظم اتجاهات المعالجة في الأفلام الوثائقية كانت محايدة مما يعني عرضها للجوانب السلبية والإيجابية بطريقة متوازنة.

-        التكوين الفني للأفلام الوثائقية التسجيلية:

   تباينت الجوانب الفنية للأفلام الوثائقية والتسجيلية التي اهتمت بها بحوث ودراسات الأفلام الوثائقية والتسجيلية، فجاءت دراسة وائل مخيمر عبد النبي 2016 لتبحث في استراتيجيات بنية السرد في الأفلام التاريخية الوثائقية وتوصلت في نتائجها إلى ارتفاع نسبة مشاهد السرد التكميلية في الأفلام الوثائقية عينة الدراسة تليها المشاهد السردية الحوارية وتصدر الصور والكلمات أساليب تقديم الأحداث داخل السرد، بينما اهتمت دراسة عادل ضيف الله 2017 ببحث اتساق البناء الداخلي للفيلم التسجيلي الوثائقي مع البناء الدرامي وخلصت إلى وقوف الفيلم التسجيلي الوثائقي في منطقة وسطى بين تسجيل الحقائق ودفق الخيال مما يشكل بنائية جديدة تحتاج إلى البحث في تطويرها.

   في حين سعت دراسة عمر نبيل سعيد 2016 إلى التعرف على المؤشرات العلمية في تلقي الجمهور بالمقارنة بين الفيلم الوثائقي والفيلم الروائي وانتهت إلى وجود تأثير حقيقي ملموس على تلقي المشاهد للقصة إذا ما اختلف الإطار الفني لتقديمها بين الوثائقي والروائي، وأيضاً دراسة أنجل كوينتانا وجوردي اكسيفيرا 2016 التي سعت للبحث في الذكاء البصري المكاني في الدعاية والخطاب في الأفلام الوثائقية وأشارت في نتائجها إلى ابتكار المخرج الإيطالي روبرتو روسيليني عدسة تكبير باسم بانسينور يمكن اعتبارها آلية للذكاء البصري المكاني بالإضافة إلى تقنية العلاقات العامة السمعية والبصرية.

عاشراً: رؤية مستقبلية لبحوث ودراسات الأفلام الوثائقية والتسجيلية:

   تتمثل الرؤية المستقبلية لبحوث ودراسات الأفلام الوثائقية والتسجيلية فيما يلي:

1- من خلال الإعلام الرقمي يستطيع أي شخص أن يكون منتجاً ومعداً ومحرراً ومصوراً عن طريق الإعتماد على وسائط إعلامية متعددة تتوافر جميعها في هاتفه الجوال مما يدعم قدرة الأفراد على انتاج أفلام وثائقية وتسجيلية ليعبروا بها عن القضايا التي تشغل بالهم مما يعني زيادة مساحة الأفلام الوثائقية والتسجيلية في القريب العاجل وحاجتها لدراسة بحثية لقدراتها وإمكانياتها.

2- ستشهد الأفلام الوثائقية التسجيلية تطوراً كبيراً في السنوات القادمة فيما يتعلق بتطور تقنياتها واعتمادها على أدوات التكنولوجيا الحديثة وانتشار تأثيرها ومشاهدتها على نطاق واسع من خلال منصات التواصل الإجتماعي على الإنترنت، مما يحقق زيادة فعاليتها وانتشار مضمونها ووظائفها الإعلامية.

3- سيسعى منتجو ومنفذو الأفلام الوثائقية والتسجيلية لإستخدام وسائل التواصل الإجتماعي لمتابعة التعليقات من جانب الجمهور حول موضوعات أفلامهم وللوقوف على أهم الموضوعات والقضايا التي تحظى بمدى واسع من المناقشات لدى المستخدمين، وذلك لتكون محور أفلامهم القادمة.

4- وجوب إجراء المزيد من الدراسات حول معايير الحكم على مصداقية وفنية الأفلام الوثائقية والتسجيلية والتزامها بالأسلوب المهني.

5- من الأهمية إجراء الدراسات العربية والمصرية المشتركة بين أكثر من باحث للإستفادة من مميزات العمل الجماعي في البحث العلمي.

6- من الأهمية إجراء الدراسات البينية التي تجمع بين بعض التخصصات كالمجال الإعلامي وفلسفة العلوم على سبيل المثال.

7- الإهتمام بالدراسات الكيفية نظراً لأهميتها في تقديم رؤى وتفسيرات دقيقة وأكثر عمقاً حول ما يتعلق بمضامين وفنية وتأثيرات الأفلام الوثائقية والتسجيلية مما يسهم في تقديم أبعاد جديدة لبحوث ودراسات الأفلام الوثائقية والتسجيلية.

8- ينبغي التنوع في حجم العينات وخاصة في الدراسات العربية التي تعتمد على العينات الصغيرة أو متوسطة الحجم، لذلك لا بد من الإعتماد على العينات الكبيرة لكي يكون هناك إمكانية لتعميم نتائج الدراسة.

9- توظيف المنهج التجريبي في قياس تأثيرات الأفلام الوثائقية والتسجيلية على الجمهور من خلال تطبيق الإستقصاء في ظروف تجريبية.

10-                 يجب أيضاً التنوع في الدراسات وتناول موضوعات أكثر حداثة ترتبط بتطور تكنولوجيا الإتصال وعلاقته بإنتاج الأفلام الوثائقية والتسجيلية.

11-                 يجب الإهتمام بالإطلاع على البحث العلمي في الدول الأجنبية البعيدة والمختلفة عنا كدول أمريكا الجنوبية وشرق آسيا وأوروبا، وذلك للوقوف على الإتجاهات الحديثة المرتبطة بتطور دراسات وبحوث الأفلام الوثائقية والتسجيلية بشكل عام من خلال تجارب ورؤى بحثية مختلفة لنستطيع من خلالها عقد المقارنات بين نتائج البحوث والدراسات للتعرف على رؤى متعددة أكثر عمقاً تحدد منطلقات فكرية جديدة يمكن الإسترشاد بها في بحوث ودراسات الأفلام الوثائقية والتسجيلية.

تعليقات