نافذة على الجنوب: الفنون الشعبية في صعيد مصر في ساقية الصاوي

نافذة على الجنوب: الفنون الشعبية في صعيد مصر في ساقية الصاوي
نافذة على الجنوب: الفنون الشعبية في صعيد مصر في ساقية الصاوي





     نظمت ساقية عبد المنعم الصاوي بالزمالك أمس الخميس التاسع عشر من سبتمبر 2019م ندوة للإعلامية نهال الهلالي بعنوان نافذة على الجنوب في قاعة الكلمة تناولت فيها الفنون الشعبية في صعيد مصر والتي جمعتها خلال رحلة لها دامت لمدة خمسة عشر يوماً جابت فيها عدد من محافظات الصعيد توثق الفنون الشعبية في صعيد مصر المتنوعة بالصوت الصورة، وبدأت الإعلامية نهال الهلالي ندوتها بتوضيح أن فكرة نافذة على الجنوب كانت حلماً لها حتى أنها سجلتها باسمها في وزارة الثقافة.
    وأشارت الإعلامية نهال الهلالي أنها بدأتها فعلياً في تنفيذ حلمها عام 2016م كبرنامج باسم نافذة على الجنوب على شبكة التواصل الاجتماعي يوتيوب، وكانت الدفعة الكبيرة لها عندما رفعت حلقة من برنامج نافذة على الجنوب سجلتها في سرداب داخل معبد دندرة في محافظتها قنا لتفاجأ أن الحلقة تم مشاهدتها أكثر من ربع مليون مرة بين عشية وضحاها لتعتبر أن هذه إشارة لها أنها على طريق الصواب.

بيت التلي في أسيوط من الفنون الشعبية في صعيد مصر:

     بدأت الإعلامية نهال الهلالي حديثها عن الفنون الشعبية في صعيد مصر بذكر بيت التلي في أسيوط الذي أسسه الفنان التشكيلي سعد زغلول عام 1994م بعد أن جائته احدى السائحات بصورة لملابس مصنوعة من التلي وجدتها في أحد المتاحف مكتوب أسفلها أنها من الفن الأسيوطي وعندما استفسرت عن صاحب هذا الفن عرفت أن تلك التسمية هي نسبة لبلدة أسيوط في صعيد مصر والتي تعد البلدة الوحيدة في العالم التي تنتج هذا النوع من النسيج، فعلى الرغم من أن دول الخليج تنتج ملابس من التلي إلا إنها تختلف تماماً عن تلك المنتجة في أسيوط.
    فتتميز منسوجات التلي المنتجة في أسيوط بكون كل غرزة فيها يتم تفصيلها بشكل منفصل مما يستلزم العمل لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر تقريباً لإنتاج وشاح صغير، وكان ذلك أحد أسباب بداية انقراض صناعة التلي في أسيوط، فنتيجة لحاجته إلى مجهود كبير ووقت طويل لإنتاجه يؤدي ذلك إلى ارتفاع تكلفته خاصة وأنه كان يصنع قديماً من خيوط الذهب والفضة الخالصة مما كان يجعله حكراً على الأثرياء وعلية القوم، وكان يتم تصميم فساتين الزفاف أيضاً منه، وعندما ذهب الفنان التشكيلي سعد زغلول للبحث عن صناعة التلي في أسيوط لم يجد سوى سيدتين طاعنتين في السن على دراية بأسرار تلك الصناعة التي لم يعد أحد يعرفها.
    وبناء على ذلك أسس الفنان التشكيلي سعد زغلول بيت التلي في أسيوط وطلب من السيدتين تعليم الفتيات الصغار أسرار صناعة التلي لإحيائها من جديد وهذا ما حدث بالفعل خاصة وأنه استبدل خيوط الذهب والفضة بخيوط المعدن مما ساهم في خفض أسعارها، وأصبح بيت التلي في أسيوط معلماً فنياً هاماً سواء لانتاج منسوجات التلي أو لعرض لوحات الفن التشكيلي وإقامة الدورات الفنية بالإضافة إلى كونه متحفاً لعرض القطع الفنية النادرة التي يمتلكها الفنان التشكيلي سعد زغلول.

قرية النوالين في سوهاج من الفنون الشعبية في صعيد مصر:

   في الجزء التالي من ندوة نافذة على الجنوب انتقلت الإعلامية نهال الهلالي إلى محافظة سوهاج حيث أسست الحكومة المصرية في تسعينيات القرن الماضي قرية النوالين والتي يعمل كل أهلها في الغزل بالنول حيث يحتوي كل بيت فيها على غرفة خاصة للنول اليدوي والذي يحتاج لعدة أشخاص للعمل عليه فتعمل الأسرة كلها معاً، وعادة ما ينتج كل بيت حوالي قطعتين في اليوم سواء من الكليم والسجاجيد أو المفارش المختلفة أو الأوشحة والملابس، ويمر التجار على بيوتهم في كل يوم لجمع ما أنتجوه ويدفعون حوالي مائة جنيه مقابل القطعة الواحدة.
     وأكثر العوائق التي تواجه نساجي النول في قرية النوالين في سوهاج هو بخس الأسعار التي يشتري بها التجار منهم فهي لا تسد احتياجاتهم اليومية ولا تكفي للإنفاق على أسرهم وتعليم أطفالهم.

قرية الترامسة في قنا لصناعة الفخار من الفنون الشعبية في صعيد مصر:

    كما أشارت الإعلامية نهال الهلالي في إطار ندوتها نافذة على الجنوب عن الفنون الشعبية في صعيد مصر في مسقط رأسها بمحافظة قنا حيث تشتهر بصناعة الفخار والتي يشار إليها بشكل أساسي في القلل القناوي، وعرضت فيديو صورته مع أحد صناع الفخار في قرية الترامسة حيث عرض لها مصدر الطفلة التي يأتوا بها من الجبال لصنع الفخار محملة على الدواب، وأوضح لها أن المشاكل التي تواجه صناعة الفخار في قرية الترامسة هي نفور الشباب من تعلم الحرفة نظراً لقلة العائد المادي بالإضافة إلى حاجتها لتواجد العاملين فيها ملطخين بالطين طوال الوقت.

صناعة الألباستر في قرية الجرنة بالأقصر من الفنون الشعبية في صعيد مصر:
الألباستر في قرية الجرنة بالأقصر من الفنون الشعبية في صعيد مصر
الألباستر في قرية الجرنة بالأقصر من الفنون الشعبية في صعيد مصر

    عرضت الإعلامية نهال الهلالي مقطع فيديو صورته مع حجاج حسن صاحب مصنع ومعرض لمنتجات الألباستر في قرية الجرنة بالبر الغربي لمحافظة الأقصر، حيث أوضح أنهم بحصلون على أحجار الألباستر من الجبال على طريق حتشبسوت والذي يبعد عن المدينة 120 كيلو متر فيأتون به محملاً على الجمال والحمير حتى لا يتهشم عند نقله في سيارات النقل والمركبات الحديثة، وذلك لرقته وعدم تحمله للضغط والإصطدام، وأشار إلى أن صناعة الألباستر تحتاج إلى فن وصبر حتى يتم انتاج تحف فنية منها وعدم تهشيم الحجر وضياعه أثناء النحت عليه.
    وأحجار الألباستر عادة ما يُشكل منها تماثيل مصرية قديمة على شكل الملكات والملوك المصريين القدماء وأغراض تقليد لما وجد في المعابد والمقابر مما يجعلها أغراض تذكارية يقبل عليها السياح اقبالاً شديداً ولكن لارتفاع أسعارها بالنسبة للمصريين لا تحظى بنفس الإقبال.

العديد من الفنون الشعبية في صعيد مصر:

    انتقلت الإعلامية نهال الهلالي من الفنون التشكيلية إلى الفنون الثقافية من الفنون الشعبية في صعيد مصر فعرضت لفن العديد الذي يعد من الفنون الشفاهية في الثقافة الشعبية حيث كانت الأسر التي تفجع بوفاة أحد أفرادها تأتي بامرأة وظيفتها العديد تسمى المعددة لتنظم أشعاراً في ذكر خصال المتوفي تشجع أفراد العائلة على البكاء والنحيب، وتصل أنواع العديد إلى ثمانية وثلاثين نوع تختلف حسب نوع الوفاة ومراحل الموت من غسل والانتقال بالتابوت إلى المدافن والدفن نفسه، كما ذكرت بعض الأشعار الخاصة ببعض مناسبات الموت كالموت في العيد:
يا عيد عيد ع الجيران وروح
احنا الحزانى وقلبنا مجروح

وفي العديد على المتوفي الصالح العابد:
طريق الجوامع تبكي عليه ديمة
فين المصلي اللي عليه القيمة

فن الكف من الفنون الشعبية في صعيد مصر:

    أشارت الإعلامية نهال الهلالي إلى فن الكف ضمن الفنون الشعبية في صعيد مصر والمستمد من فنون القدماء المصريين، وترجع تسميته إلى فن الكف لوقوف مجموعتين في صفين يصفقوا بكفوفهم لشخصين يغنيا ارتجالياً في منافسة، وقد أصبح غالباً ما يتم في الأعراس كمنافسة بين أهلي العريس والعروسة، وقد عرضت الإعلامية نهال الهلالي خلال ندوتها نافذة على الجنوب فيديو سجلته بنفسها أثناء أحد الأعراس وهم يقومون بتأدية فن الكف ارتجالياً خلال الفرح.

التحطيب من الفنون الشعبية في صعيد مصر:
التحطيب من الفنون الشعبية في صعيد مصر
التحطيب من الفنون الشعبية في صعيد مصر

    يعد التحطيب من أشهر الفنون الشعبية في صعيد مصر المعروفة في مصر والعالم العربي أجمع، وأوضحت الإعلامية نهال الهلالي أن التحطيب يرجع أصله أيضاً إلى القدماء المصريين الذين لا يزال الجنوب في صعيد مصر محتفظاً بتراثهم والكثير من عاداتهم وتقاليدهم، وكان التحطيب يعد أحد الفنون القتالية المستخدمة في الحروب في عهد القدماء المصريين وكان يتم التدريب عليه بين الجنود باستخدام لفافات البردي حتى لا يتأذى أحد، وبعد تطور الأسلحة الحربية أصبح استخدام التحطيب يقتصر على الإحتفالات الدينية في المعابد أمام الآلهة.
    أما الآن فقد أصبح التحطيب رقصة شعبية في المناسبات والأفراح لها أصولها وقواعدها.

فن النميم في أسوان من الفنون الشعبية في صعيد مصر:

    أشارت الإعلامية نهال الهلالي إلى فن النميم في أسوان كأحد الفنون الشعبية في صعيد مصر، وهوأحد الفنون الشفاهية التي دخلت أسوان عن طريق القوافل التجارية حيث كان حادي القافلة ينشد النميم وهو يجر البعير مما جعل الجملة الشهيرة لبدء فن النميم هي "جر لنا نميماً"، ومن الأمثلة الشهيرة على فن النميم بعض أغاني الفنان محمد منير منها: جالت لي بريدك يا ولد عمي تعاى دوج العسل سايل على فمي، وفي هذا الإطار عرضت الإعلامية نهال الهلالي حواراً لها مع شاعر شاب من أسوان يدعى محمد المصري للحديث عن فن النميم في أسوان كأحد الفنون الشعبية في صعيد مصر.

أحمد منيب أيقونة الغناء النوبي كأحد الفنون الشعبية في صعيد مصر:
خالد منيب يتحدث عن والده أحمد منيب أيقونة الغناء النوبي كأحد الفنون الشعبية في صعيد مصر
خالد منيب يتحدث عن والده أحمد منيب أيقونة الغناء النوبي كأحد الفنون الشعبية في صعيد مصر

    واختتمت الإعلامية نهال الهلالي الندوة باستضافتها للفنان خالد منيب ابن الفنان الكبير الراحل أحمد منيب معها على المسرح للحديث عن والده ودوره في إحياء التراث النوبي والغناء الشعبي في النوبة وتسليط الضوء على الإيقاع النوبي المميز، حيث قام الفنان أحمد منيب بتعريب وتمصير العديد من الأغاني النوبية التي تغنى باللغة النوبية القديمة لتنتشر ويعرفها ويتغنى بها المصريين في شمالها وجنوبها خاصة بعد أن تغنى بها الفنان محمد منير الذي كان تلميذا تتلمذ على يدي الفنان الراحل أحمد منيب في بلاد النوبة ليصبح هو صوت وحنجرة أحمد منيب التي وصل بها إلى كل بيت مصري.

تعليقات