قراءة لقصتي دموع الأمل في نادي أدب أسيوط

المجموعة القصصية محاكمة إلهة للكاتبة إيناس فيصل

 

المجموعة القصصية محاكمة إلهة للكاتبة إيناس فيصل
توقيع ومناقشة المجموعة القصصية محاكمة إلهة للكاتبة إيناس فيصل في اتحاد الكتاب


 

    لا أظن أنني قرأت في حياتي عملاً يحاكي جل أفكاري وتصوراتي ومعتقداتي حول الحياة بكل تفاصيلها كهذا العمل، لا أقول ذلك فقط عن النصوص التي تناولت طبيعة علاقة الرجل والمرأة خاصة من الناحية العاطفية، وإن كانت كل الاقتباسات التي نشرتها كانت من هذه النصوص فقط، ولكن أيضاً حتى التي تناولت طبيعة الحياة بشكل عام والتعامل مع ظروفها وتقلباتها بغض النظر عن جنس المتعرض لها رجلاً كان أو امرأة، كانت أيضاً تجسد معتقداتي وآرائي في هذا الاتجاه تماماً.

   تأخذنا الكاتبة إيناس فيصل في رحلة عبر خمسة وعشرين قصة مختلفة نتنقل فيهن بين الماضي والحاضر، نسبر فيهن أغوار البشر مشاعرهم وطبيعة علاقتهم ببعضهم البعض على اختلاف هذه العلاقات سواء كانت علاقات عاطفية أو زوجية أو أسرية أو مهنية، فكل صنوف الحياة نجدها بين دفتي هذه المجموعة، وإن كان التركيز على العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة أكبر، وربما لإن من هذه العلاقة تنبع كافة العلاقات الأخرى، وإن سوائها هو ما يضفي السواء على طرفيها؛ فيكونا أسوياء في كل علاقتهما الأخرى، وإصابتها بالعطب يطفئ الحياة؛ فلا يقوى الفرد على العطاء لأي علاقة أخرى.

    فسواء كانت أسطورة أو حكايات من أزمان غابرة أو حكايات معاصرة، نحن دوماً ما نبحث عن الحب، ومهما صدمنا بحثنا ذاك في أشخاص استغلوا تطلعنا نحو الحب في إرضاء نزعاتهم الأنانية لوقت محدد، ويتركوننا خلفهم حطاماً، إلا إننا لا نيأس من أن نجد ذاك الحب الحقيقي الذي لا ينتهي ولا ينبع من أي سبب إلا الحب فقط، وبين طيات المجموعة القصصية محاكمة إلهة تبرز قدرات الكاتبة إيناس فيصل الحكائية، فهي حكاءة من الدرجة الأولى، تذكرنا بملكة الحكي الأشهر "شهرزاد".

    فالحكي أولاً وآخراً فن نسوي بامتياز -هذا رأي عنصري غير حيادي ولا ينبع من معايير علمية ليس شرطاً أن يوافق الحقيقة ولا يعنيني أن يوافقها فأنا أفخر به كما هو-، وقدرة الكاتبة إيناس فيصل المتميزة على الحكي، والإمساك بعناصر الشخصيات ونفسياتهم طوال النص، والظاهرة بوضوح في قصص المجموعة، تنبئ بإمكانياتها على خوض غمار الرواية قريباً، ولأنها تغير جلدها في كل إصدار؛ فكان عملها الأول ديواناً شعرياً والثاني مجموعة قصصية؛ فأنا أتوقع أن العمل الثالث القادم سيكون رواية بإذن الله.

غلاف المجموعة القصصية محاكمة إلهة للكاتبة إيناس فيصل
غلاف المجموعة القصصية محاكمة إلهة للكاتبة إيناس فيصل


   المأخذ الوحيد الذي يمكنني الإشارة إليه في بعض نصوص المجموعة، هو أمر نقع فيه جميعاً خاصة عند كتابة القصة، إذ أننا نخشى ألا يدرك القارئ المغزى الذي كُتبت القصة لأجله؛ فنترك بعض الإيضاحات هنا أو هناك بشكل مباشر وقد يبدو وعظي أحياناً؛ ليرشد القارئ لما نصبو إليه، ولكن علينا أن نثق بقدرة القارئ على الفهم والاستيعاب، ولا نصرح له بما نريد، فقط نتركه يتأمل الموقف أو الصراع الذي تطرحه له القصة، ويسعى هو لإدراك المغزى من وراء ذلك.

   وصراحة أعتقد أن القارئ الذي لن يفهم المغزى وحده من خلال النص، اللهم إلا إذا كان نصاً غامضاً مستغلقاً على الفهم للقارئ العادي بالأساس وموجه لنوعية معينة ومستوى معين من القراء أو موجه للكاتب بينه وبين نفسه هذا لا يعنيني، فهو لن يفهم المغزى أيضاً ولن يدركه مهما صرحنا له به أو خطبنا ووعظنا في أذنه ورأسه؛ فهو بالأساس يغلق عقله على ما به، ولا يريد أن يستمع لأي شيء آخر يخالفه.

   في المجمل استمتعت جداً بقراءة المجموعة القصصية محاكمة إلهة للكاتبة إيناس فيصل، قضيت برفقتها وقتاً جميلاً تمنيت ألا ينتهي، وفي انتظار جديدها على الدوام.

تعليقات