قراءة لقصتي دموع الأمل في نادي أدب أسيوط

رواية بنوديني رمداء العين لأديب نوبل الهندي رابندرانات طاغور

 

رواية بنوديني رمداء العين
غلاف رواية بنوديني رمداء العين

 

    رواية بنوديني رمداء العين للكاتب الهندي رابندرانات طاغور هي من أول أعماله الروائية والقصصية والتي نشرها عام 1902م، حيث أنه بالأساس شاعراً، أصبحت أحد قصائده فيما بعد النشيد الوطني للهند وأخرى النشيد الوطني لأرض البنغال المعروفة بدولة بنجلاديش حالياً، حيث أن رابندرانات طاغور ينتمي للقومية البنغالية وكانت جل كتاباته باللغة البنغالية، وإن ترجم هو كثير مما كتبه إلى اللغة الإنجليزية التي كان يتقنها جيداً ويختلط بأدبها وأدبائها، ولكنه لم يترجم رواية بنوديني رمداء العين؛ فترجمها إلى الإنجليزية ك. ر. كريبالاني، وترجمها عنه إلى العربية سامي علي الجمال عام 1966م.

   وعلى ذلك فهي في نسختها البنغالية تحمل اسم رمداء العين، بينما في النسخة الإنجليزية والعربية تحمل اسم بنوديني، ويبرر مترجم النسخة الإنجليزية ذلك بأن رابندرانات طاغور كان يعنونها تحت هذا الاسم في المسودة الأولى، ولكنه غيره عند النشر لأسباب تسويقية، وفي النهاية فإن الاسمين يشيران إلى بطلة الرواية، أحدهما هو اسمها الأصلي والآخر اسم تدليل.

 
ملخص رواية بنوديني رمداء العين :

 

   وفي البداية تبدو رواية بنوديني رمداء العين قصة نمطية عن الأرملة التي ترمي بشباكها على زوج صديقتها، والصديقة الساذجة التي تقرب بين صديقتها وزوجها بسذاجتها وثقتها فيهما، يبدو أن الأمر عابر للقارات والعصور، ولكن على الرغم مما في هذه القصة من نمطية شاعت منذ الأزل ولا زالت مستمرة إلا عند النظر لطبيعة وأحداث رواية بنوديني رمداء العين تتكشف لنا أمور آخرى، حيث تبدأ أحداث الرواية بذكر أن بنوديني هي فتاة جميلة ذكية أنفق أبويها كل ما يملكان على تعليمها وتثقيفها؛ فلم يعد لديهما مال يجذب الخطاب، وفي الهند أهل العروس هم من يدفعون المهر لأهل العريس.

   نظراً لذلك تعرض أم بنوديني على صديقتها راجالاكشمي أن تزوج ابنتها لابنها ماهندر، ولكن قبل الزواج بأيام معدودة يصرف ماهندر النظر عن إتمام الزيجة، وتحاول أمه اقناع صديقه بيهاري أن يتزوجها بدلاً منه ولكنه يأبى أن يأخذ زوجة رفضها صديقه؛ فتضاف إلى نواقص بنوديني في مجال الزواج فضيحة تركها قبل العرس، مما يجعلها في النهاية تتزوج من رجل عجوز مريض فقير لا قيمة له لا يلبث أن يموت ويتركها أرملة، والأرامل في الهند في هذه الفترة كان محظور عليهم الزواج ثانية، وفي فترة سابقة كانت الأرملة تحرق مع جثة زوجها، ولكن الاحتلال الإنجليزي أبطل هذه العادة وجرمها؛ فأصبحت الأرملة تحيا بدون أي حقوق في الحياة بعد وفاة زوجها.

   وبعد فترة من هذه الأحداث في رواية بنوديني رمداء العين للكاتب الهندي رابندرانات طاغور يتزوج ماهندرا من احدى قريباته، ومع تطور الأحداث تأتي أمه ببنوديني إلى المنزل لتسليتها نظراً لأنها لا تستمتع برفقة زوجة ابنها، وتغير منها غيرة حماوات وهذا أيضاً أمر آخر عابر للقارات والعصور، وعلى الرغم من ذلك تصادق الزوجة الساذجة غريمتها وتثق بها بينما تضمر هي حقداً بالغاً عليها كلما تخيلت أن هذه الحياة كان من المفترض أن تحياها هي منذ البداية، بينما حرموها حقها وفرضوا عليها حياة الأرملة!

 

رابندرانات طاغور
رابندرانات طاغور


رؤية تحليلية لما أراده رابندرانات طاغور في روايته:

 

    وعلى الرغم مما يبدو من أحداث رواية بنوديني رمداء العين للكاتب الهندي رابندرانات طاغور إلا أن بنوديني لم تحب ماهندر، ولم تكن تسعى للزواج منه إذ أن الزواج محظور عليها من الأساس، بالإضافة إلى أنها تكن له احتقاراً لا حباً، وإنما كان كل ما تفعله لجذبه إليها تتحرك فيه بدافع من رغبة الانتقام منه ومن المجتمع بأسره، بينما أحبت فعلاً صديقه بيهاري، وفي النهاية بدافع حبها لبيهاري قررت الابتعاد عن ماهندر وتركه ليعود إلى زوجته، وفي نفس الوقت رفضت الزواج من بيهاري عندما صارحها بحبه ورغبته في الزواج منها؛ حتى لا تكون سبباً في نبذه من المجتمع!

    لم تعجبني هذه النهاية في رواية بنوديني رمداء العين للكاتب الهندي رابندرانات طاغور خاصة برجوع ماهندر لزوجته آشا واستئناف حياتهما كأن شيئاً لم يكن، وإن أثرت هذه الأحداث في نضج شخصية آشا وإمساكها بزمام الأمور، ولكن زوج كهذا لا يستحق أن تعود إليه على الأقل بهذه السهولة، ومن فعلت كل هذا فقط للإنتقام ليس مستساغاً -بالنسبة لي- أن تضحي بحبها الحقيقي بهذه السهولة أيضاً، ولكن إذا نظرنا للأمر من زواية أن الأدب يعبر عن الواقع ويصوره ولا يفرض حلوله فيمكن تقبل هذه النهاية.

   وذلك حيث أن المجتمع الهندي الهندوسي خاصة وقت نشر رواية بنوديني رمداء العين للكاتب الهندي رابندرانات طاغور لم يكن فيه شيء يدعى طلاق، الزواج يدوم لسبعة حيوات، فالحصول على طلاق في هذه الحياة أمر لا يقبل النقاش أساساً؛ لذا فهذا أمر لم يكن يخطر على بال آشا من الأصل، وزواج الأرملة محرم، وسمة الحب التضحية، فعلى من أحبت حباً حقيقياً ألا تقبل أن يمس حبيبها أمر شائن، وفي نظري أن رابندرانات طاغور أراد من خلال ذلك أن يلفت نظر المجتمع وقراءه إلى الظلم الواقع على الأرملة في مثل هذه الأحوال، ويدفعها للحقد والرغبة في تدمير سعادة وحياة من حولها كما فرضوا عليها التعاسة والدمار الأبدي، وربما تكون قد أفلحت دعوته.

 

رواية بنوديني رمداء العين في غلاف آخر
رواية بنوديني رمداء العين في غلاف آخر

   وفي النهاية عزيزي القارئ إذا كنت وصلت إلى نهاية المقال؛ فلا يسعني إلا أن أشكرك وأتمنى أن تكون قد استمتعت بقراءته؛ لذا يسعدني أن تترك تعليقاً برأيك في خانة التعليقات بالأسفل، وإذا كان قد سبق لك قراءة رواية بنوديني رمداء العين للكاتب الهندي رابندرانات طاغور من قبل أو أياً من أعماله الآخرى؛ فيسعدني أيضاً أن نتبادل الآراء والنقاش حولها؛ فتبادل الآراء يثري معارفنا أكثر، وإذا كان لديك أي مقترح لأعمال أخرى نطرحها للنقاش وتبادل الآراء؛ فيسعدني تلقي اقتراحاتك والاطلاع عليها، وإلى اللقاء في مقال قادم إن شاء الله.

تعليقات