قراءة لقصتي دموع الأمل في نادي أدب أسيوط

قراءة في المجموعة القصصية "كل هذا لأنها حواء" للكاتبة نجيبة العسال

قراءة في المجموعة القصصية كل هذا لأنها حواء للكاتبة نجيبة العسال
قراءة في المجموعة القصصية كل هذا لأنها حواء للكاتبة نجيبة العسال







    أذكر في سنوات مراهقتي المبكرة وأنا بعد طالبة بالمرحلة الثانوية أنني قرأت كتاب السيرة الذاتية للكاتبة فتحية العسال المسمى "حضن العمر" حيث كان من بين الكتب التي ضمتها مكتبة مدرستي، وما أذكره أنني كنت معجبة جداً به حتى إنني استعرت كل الأجزاء لأقرأها على مهل في البيت، ولكن ما لا أتذكره إذا ما كان الكتاب رائعاً بالفعل أم أنه كان رائعاً فقط لفتاة لازالت تحبو خطواتها الأولى في القراءة بعد أن ودعت مؤخراً مجلات وقصص الأطفال؟!
   طرأ هذا التساؤل على ذهني بعد أن قرأت المجموعة القصصية "كل هذا لأنها حواء" للكاتبة نجيبة العسال الأخت الكبرى للكاتبة فتحية العسال، فصراحة قد صدمت بالمستوى السطحي والأسلوب الطفولي في معالجة قصصها وموضوعاتها مما جعلني أتسائل عن هذا وإن كنت بالطبع أدرك أن ليس شرطاً أن يكون الإخوة بنفس مستوى الحرفية في أي مجال أو مهارة، ولكن إذا ما نحينا خبرتي الخاصة التي اكتسبتها مؤخراً بعد مطالعة الكثير من الأعمال الأدبية على مستوى العالم وحضور العديد من الجلسات والنقاشات النقدية، ونظرنا للمجموعة القصصية "كل هذا لأنها حواء" للكاتبة نجيبة العسال في إطار زمانها وظروفها الخاصة فربما نتجاوز عن الكثير مما قد نراه أخطاء وهفوات لا تغتفر للأديب المتمكن من أدواته.
    فالكاتبة نجيبة العسال وجدت في زمن لم تكن المرأة تنال فيه أبسط حقوقها الطبيعية؛ فقد حرمت هو وأختها الكاتبة "فتحية العسال" من مواصلة تعليمهما؛ فتوقفا عند المرحلة الإبتدائية في التعليم وأمضيا زمناً غير مسموح لهما بمغادرة المنزل أو حتى النظر من الشباك فلم تكن لديهما أي خبرة في الحياة وعمدا إلى تعليم وتثقيف أنفسهما بنفسهما، وعلى أي حال فإن هذه نقطة تحسب لهما لا عليهما، وعندما بدأتا بالكتابة لم يكن هناك نماذج كثيرة من النساء الكاتبات قبلهما ليقتدوا بهن، وأغلب كتابات الرجال لا تتطرق لقضايا النساء الخاصة ولا تعبر عنهن ولا عن أفكارهن فلم يكن هناك من نموذج يحتذى فكان أن شقوا الطريق بأنفسهن لهن ولمن سيأتي بعدهن.
غلاف المجموعة القصصية كل هذا لأنها حواء للكاتبة نجيبة العسال
غلاف المجموعة القصصية كل هذا لأنها حواء للكاتبة نجيبة العسال

   كانت هذه هي النظرة المدافعة عن ما قرأته في هذه المجموعة القصصية "كل هذا لأنها حواء" للكاتبة نجيبة العسال، لأن فيما سيأتي لن ألتمس الأعذار ثانية وسأتناول قصص المجموعة وفقاً لما مكتوب لا وفقاً لخلفية الكاتبة، وبداية القصة الأولى التي أتت المجموعة على اسمها "كل هذا لأنها حواء" كانت اللغة فيها جيدة ولكنها افتقرت إلى وجود مضمون يشد انتباه القارئ أو أسلوب أخاذ، القصة الثانية كانت بعنوان "دقات على النافذة" وعانت فيها أيضاً الكاتبة من التيه داخل النص فلا هي تدري عن ماذا تكتب أو إلى ماذا تسعى مجرد خواطر منسابة على الورق بدون هدف.
  القصة الثالثة من المجموعة القصصية "كل هذا لأنها حواء" للكاتبة نجيبة العسال كانت بعنوان "أيام الحب"، أتت هذه القصة متماسكة البناء ومتسلسلة الأحداث وملتزمة بأدوات الفن القصصي ولكن الحبكة التي دارت حولها القصة ونقطة الصراع الأساسية كان لا بد من إعلائها عن ذلك فقد أفقدت هذه الحبكة تعاطف القارئ مع النص لسطحيتها، والقصة الرابعة والخامسة "ثم غابت الشمس" و"أولادي والمفتاح" كانتا من أفضل قصص المجموعة وأكثرهم تماسكاً أدبياً، أما القصص التالية "الضوء الخاطف" و"المال والبنون" فقد جاءتا مفككتين متهلهلتين حيث كان الغرض منهما سياسي بحت تعبيراً عن فترة النكسة وحرب الإستنزاف، ولكن كما قيل من قبل فإن جلالة الموضوع لا يشفع سوء المعالجة.
   قصص "كبر وليدنا" و"مبروك" و"القطار السريع" كانت جيدة البناء وإن كانت اللغة سطحية في بعض الأحيان، أما قصة "أشواك الحنان" فأتت نهايتها وعظية غير منطقية، مما يشعر القارئ بأن الكاتبة نجيبة العسال تريد أن تلقي محاضرة في التربية لقرائها فأتت بها على لسان الشخصية دون حتى مراعاة أن هذه الشخصية بالتحديد لا يمكنها التفوه بهذ الكلام، وكان يمكن الاكتفاء بتسلسل الأحداث والمواقف والقارئ سيفهم وحده دون القاء خطبة وعظية أمام ناظريه، القصة الأخيرة في المجموعة القصصية "كل هذا لأنها حواء" للكاتبة "نجيبة العسال" كانت بعنوان "أحبك.. أحبك.. و.. لكن".
    من المفترض أن القصة الأخيرة تلك قصة نسوية ولكنها أتت صفعة في وجه كل حقوق المرأة كإنسان حر إذ عمدت إلى تلك النظرة الذكورية التي تشيء المرأة لتتحول إلى جسد جميل فقط لا غير وإذا ما فقدت هذا الجسد لأي سبب من الأسباب فمصيرها المحتوم هو أن يلقي بها زوجها إلى خارج حياته غير ملوماً فليس من شأنه أنها فقدت هذا الجسد في سبيل إنجاب أبناءه أو بسبب المرض أو لأنها حبيسة المنزل وما من متعة في حياتها مسموح لها بها سوى الطعام، كل هذا لا يعنيه في شيء فما يهم هو أن يجد جسد جميل يتمتع به وإذا لم يجده فمن حقه الطبيعي أن يبحث عن آخر ويلقي بذاك المستهلك في القمامة حتى لو كان هو من ذوي الأجساد الزاحفة!!!!!!

تعليقات