رواية بالة هموم للكاتبة فيبي فرج

قصة شجر التوت

 

قصة شجر التوت
قصة شجر التوت


شجر التوت

سارة الليثي

     يتساقط عليّ أول طرح لما زرعته بيديّ، اتهمني الجميع بالجنون، أن أنتظر الطرح في أرض لا تُنبت إلا أشواك الصبار، وتجوس فيها الثعابين والعقارب، ولكنه كان التحدي الأخير لأستبقيه معي وقتاً أطول، لأروي حُلمَنا وأراه يكبر ويطرح في المكان الوحيد الذي يمكننا أن نتشاركه معاً.

   لا أدري متى بدأ كل هذا؟ متى تحولَ لُعبُنا تحت شجر التوت وتسابقُنا لتسلقها إلى سباقٍ مع الزمن قبل أن يدهسُنا تحت عجلاتِه؟ ربما يوم أهتزَ قلبي بدلًا عن فروعِها وتساقطت منه خفقاتِه قبل أن يسقط هو عنها.

"يا اللي عشقت الشجرة اطلعها... قبل ما يخلص موسم التوت"

  يوم بحت له بمشاعري كان ذلك في لُفافةِ توت، مددتَ يدي له بها، أكل ما فيها، وقبل أن يلقيها، لمح اعترافًا يزينُ حواشيها، بلونٍ باهتٍ أصقلته عصارةُ التوت، رأى كلمتي التي خجِلتَ أن أبوحَ بها شفاهةً، كنتُ من بدأها، وكان عليه أن ينهيها، أنا التي قلتَها، وكان عليه هو أن يحملَ وزرَها، ركبَ البحرَ؛ ليأتي بالنوقِ الحمرِ، حاولتُ ردعَه، ولكن أزيزَ الجرافاتِ كان أعلى من صوتي.

"يا شجر التوت عرّش على غيطنا.. دي عروسة الزين جاية على بيتنا"

   يمنيني أنه سيعود؛ ليزرع لي شجرةَ توت على باب بيتنا، نُزف تحت فروعِها، وبديلًا عن الوردِ ستُلقي علينا من ثمارِها، ولكنه غاب، وفي غيبتِه نبتت في حديقتِنا حجارةٌ صماء، لم أعد أرَ شجر التوت في أي مكان، ولم يعد هو من حيثُ ذهب.

  يوم عاد كان محمولًا في جذعِها، لن تُعيده شجرةٌ من يقطين، ولكن قد تنبتُ روحَه في شجرةِ توتٍ ترمي عليه ظلَها، غرستُها من بقايا فروعٍ أنقذتُها يومُ المجزرة، ولم أدرِ حينها لم فعلت؟ اليوم أهزُ جِذعَها؛ فيتساقطُ علينا ثمرُها، أرفع رأسي لأعلى؛ فأرى حمامةً تهدلُ فوق عُشِها تُطعِمُ صغارَها، وفراشةً تُمزقُ شرنقَتِها مُحلقةً خارجِها.



   أرجو أن يكون هذا النص " شجر التوت " قد لاقى استحسانكم، وفي انتظار آرائكم وتعليقاتكم النقدية حول النص لتكون سبيلاً لي في تطوير إنتاجي الأدبي فيما هو قادم بإذن الله.

تعليقات