قراءة لقصتي دموع الأمل في نادي أدب أسيوط

معرض الجثث للكاتب العراقي حسن بلاسم

 

حسن بلاسم مع مجموعته القصصية معرض الجثث
حسن بلاسم مع مجموعته القصصية معرض الجثث


 

    معرض الجثث هو عنوان مجموعة قصصية للكاتب العراقي حسن بلاسم صدرت مترجمة للعربية عن منشورات المتوسط عام 2015م بعد صدورها بداية باللغة الفنلندية حيث يقيم الكاتب، وتجسد المجموعة الوضع العراقي من وجهة نظر الكاتب، على مدى حروبه التي خاضها تحت حكم صدام حسين سواء مع إيران أو الكويت، وما تبعها من حصار اقتصادي تم فرضه على الشعب العراقي نتيجة هذه الحروب، حتى وصل الأمر لغزو العراق في 2003، وما تلى ذلك من تفشي القتل والمجازر وانحدار الأوضاع على كافة المستويات؛ لذا اتسمت المجموعة بسوداوية وكآبة دموية منقطعة النظير.

سوداوية وجمالية القبح في معرض الجثث :

    وفي البداية يحذرنا الناشر في النبذة التي اختار كتابتها على الغلاف الخارجي للمجموعة القصصية معرض الجثث من قرائتها، مؤكداً أنها ستتسبب في كوابيس لنا وهي كفيلة بإفساد ما تبقى من حياتنا، وقد كان صادقاً في ذلك، فقصص المجموعة تتجسد فلسفتها في القصة الرئيسية التي حملت عنوانها- معرض الجثث –حيث تدور هذه القصة حول وكالة تحاول إبراز الفن المتجسد في إشهار الجثث في الميادين العامة بعد قتلها من خلال عملائها، فالهدف ليس القتل في حد ذاته وإنما تجسيد هذا القتل في صورة فنية.

   وهذا هو الدور الذي قامت به كافة قصص حسن بلاسم في المجموعة حيث جسد من خلالها القتل والدموية في صورة فنية، حتى تتحول المجموعة كلها بالفعل إلى معرض الجثث ؛ففي كل قصة هناك جثة وربما العديد من الجثث يتم استعراضها على الملأ في إطار قصصي محكم البناء؛ فلا تتمكن رغم ما تثيره فيك من إشمئزاز ورغبة في التقيء إلا أن تعجب أيضاً بالسرد القصصي، وتجد نفسك تحيا كاملاً داخل القصة، وهذا ما يثير اشمئزازك أكثر.

وفي قصص حسن بلاسم لا مكان للتفاؤل، فالواقع مليئ بالمرارة، ولا أمل لأحد بالنجاة مما يحمله، فما دمت عراقي فأنت حتماً ستصاب باللعنة مهما حاولت الفرار، فحتى وإن فررت بالفعل ستظل لعنتك تطاردك أينما كنت حتى تعيدك وتقبرك في أرض العراق التي هربت منها كما حدث في كوابيس كارلوس فوينتس، بل إنك لو كنت مجرد حيوان هائم على أرض العراق، سيتكالب الغرب عليك مدعين حمايتك وتوفير الرعاية لك تحت لافتة حقوق الحيوان، ولكن سينتهي بك الأمر أيضاً أن يتم اغتصابك وانتهاكك كما حدث للكلبة بطلة قصة عزيزي بيتو.

غلاف المجموعة القصصية معرض الجثث
غلاف المجموعة القصصية معرض الجثث


تماس واقع الكاتب حسن بلاسم مع قصصه:

   في بداية الأمر ظننت أنها نظرة سوداوية منقطعة النظير من الكاتب حسن بلاسم أراد أن يزجها في مجموعته معرض الجثث دون الوضع في الاعتبار عدم قدرة القارئ العادي على تحمل هذا الكم في جرعة واحدة، ولكنني عندما قرأت قليلاً في السيرة الذاتية للكاتب حسن بلاسم وجدت أن كثير من قصصه مثلت بشكل أو بآخر ما عناه هو بالفعل وإن كان بصورة مبالغة في السوداوية والدموية، فهو قد هرب من العراق وتنقل تهريباً بين الدول الأوروبية في شاحنات التهريب "شاحنة برلين".

    وبالإضافة إلى ذلك عمل في أحد المطاعم حيث خسر ثلاث أصابع من يده عند استخدامه لأحد الأجهزة هناك "العذراء والجندي"، وتنقل بين الكثير من دوائر الهجرة كما فعل أبطال قصص معرض الجثث ،وأخيراً أستقر به الحال في فنلندا التي كانت أيضاً مسرحاً للعديد من قصص المجموعة، وإن كانت قصص حسن بلاسم مغرقة في السوداوية والدموية؛ فبعد هذه الرحلة لا بد أن هذه السوداوية لها ما يبررها، وإن كنت لا زلت عند رأيي بأنها جرعة مكثفة جداً على القارئ العادي، وقد صدق الناشر في تحذيره.

   ولكن على الأقل لم ينهي الكاتب حسن بلاسم مجموعته القصصية معرض الجثث إلا بقصة تحمل بعضاً من الأمل وتزرع كثيراً من الحب؛ لينجب العراق حباً ألف جعفر يعيد السكاكين المخفية.

 

الكاتب العراقي حسن بلاسم
الكاتب العراقي حسن بلاسم

   وفي النهاية إذا كنت عزيزي القارئ قد سبق لك قراءة المجموعة القصصية معرض الجثث للكاتب العراقي حسن بلاسم يسعدني أن أعرف رأيك حولها، وذلك من خلال التعليقات أسفل التدوينة، فالنقاش وتبادل الآراء هو ما يثري الحوار، ويثير الذهن.

تعليقات