رواية بالة هموم للكاتبة فيبي فرج

قراءة في المجموعة القصصية "الوليف وقصص أخرى" للكاتب مجيد طوبيا

قراءة في المجموعة القصصية "الوليف وقصص أخرى" للكاتب مجيد طوبيا
قراءة في المجموعة القصصية "الوليف وقصص أخرى" للكاتب مجيد طوبيا




    أول تعارف لي على الكاتب مجيد طوبيا، قبل قراءتي لتلك المجموعة القصصية "الوليف وقصص أخرى" لم أكن سمعت بهذا الاسم من قبل، وقد حصلت عليها ضمن مجموعة كتب قديمة لأحد أقاربي، تعود طبعتها إلى عام 1978 م، في البداية ظننت أنه أحد تلك الأسماء الكثيرة التي ظهرت وقتاً ما ثم اختفت إلى غير رجعة، إلا إنني بحثت عنه على شبكة الإنترنت؛ فوجدت أنه كان من علامات الأدب في كتابة القصة والرواية خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي وكان لكتاباته وقع كبير على جمهور القراء.
   وللعجب أنه لا يزال على قيد الحياة حيث جاوز الثمانين من عمره ولكن ندر من يسمع باسمه حيث آثر الابتعاد عن الساحة الثقافية والإنزواء وحيداً في منزله خاصة بعد أن داهمته أمراض الشيخوخة ومنها الزهايمر، وإن كان هناك بعض الأدباء حاولوا اخراجه من عزلته في الآونة الأخيرة بإعادة طبع بعض أعماله وإقامة حفلات توقيع لها لتكريمه كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2014 بعد أن حصل على التشجيعية في الثمانينات التي تسلمها من الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
   أما فيما يخص مجموعته القصصية "الوليف وقصص أخرى" فقد ظننت في بادئ الأمر أنها تحوي قصص متواضعة كتبها مجيد طوبيا بأسلوب طفولي، وذاك الإنطباع توارد إلي بعد قراءتي لأول قصص المجموعة التي سميت باسمها "الوليف"، فالقصة لم تكن ذات دلالة مجرد حكي يتضمن بعض الأساطير والعادات الشعبية بدون هدف واضح فأتت قصة مسلية ولكن بدون معنى محدد، ولكن ما لبث أن تحسن الأمر في القصص التالية من المجموعة القصصية "الوليف وقصص أخرى" للكاتب مجيد طوبيا.
   القصة الثانية في المجموعة القصصية "الوليف وقصص أخرى" للكاتب مجيد طوبيا كانت بعنوان "إغماض العين"، وهي أشبه بنوفيلا قصيرة عن كونها قصة قصيرة، حيث تمثل صرخة احتجاج في وجه الخرافات المتأصلة لدى الكثير من نساء القرى والمدن الصغيرة يتوارثونها جيلاً بعد جيل حتى وإن حصلوا على قدر عال من التعليم، يعتقدون باتباعها أنهم يحمون أنفسهم وذويهم من المجهول حتى تكون هي سبباً حتمياً في أن يلحق بهم ما خافوه، القصة الثالثة كانت بعنوان "بعض المنحنيات" على المستوى الأدبي والسردي لم يكن هناك ما يعيبها ولكنها أتت قصة جنسية في المقام الأول تدور فقط حول رغبة شخصياتها بشكل عام في الجنس بشكل إباحي بدون ضوابط أو أحترام لأي علاقات أخرى.
   أما القصة الرابعة من المجموعة القصصية "الوليف وقصص أخرى" للكاتب مجيد طوبيا فكانت بعنوان "جميلة مثلها" وهي تصور معاناة الشباب المعاصر ذكوراً وإناثاً في الحياة سواء على المستوى المهني أو العاطفي أو المادي أو الإجتماعي وشعورهم بالاغتراب في الوطن وبين ذويهم، ولا زالت هذه القصة بإمكانها أن تكون معبراً عن الواقع الحالي أيضاً بعد مرور ما يقارب نصف قرن على كتابتها، أما قصة للذكرى فهي تسلط الضوء على صراع الأجيال ورغبة الأجيال الكبيرة في تملك زمام أمور الحياة بأيديهم وطاعة الأجيال اللاحقة لهم طاعة عمياء دونما إعتراض حتى يتسلموا الراية وتستمر الساقية في الدوران دونما تغيير.
    والقصة السادسة من قصص المجموعة القصصية "الوليف وقصص أخرى" للكاتب مجيد طوبيا أتت بعنوان "شكاوي ملاك الموت الفصيح" على غرار البرديات المصرية القديمة المعنونة بشكاوي الفلاح الفصيح، وقد اعتمد الكاتب مجيد طوبيا في هذه القصة على أسلوب الفانتازيا الفلسفية من خلال لقاء اجتمع فيه أحد البشر مع ملاك الموت ليبث كل منهم شكواه للآخر حول فلسفة الموت والحياة، ورغبة البشر في الموت وسأمهم من الحياة وفي نفس الوقت تمسكهم بها وهروبهم من الموت عندما يحين وقته.
   والقصة السابعة "دموع" كانت أيضاً مرتبطة بالحضارة المصرية القديمة ولكن ليس فقط ذلك الإرتباط الواهي بتشابه العناوين والأسماء، وإنما تدور أحداثها في مصر القديمة لتقارن بين معاناة الفلاحين البسطاء من الشعب الفقير أمام نعيم الملوك الذين يشاع أنهم من سلالة الألهة في إسقاط على معاناة الشعوب العربية بشكل عام من حكامهم الذين يحكمونهم بفتاوي دينية تحرم عليهم الخروج عن طاعة ولي الأمر، أما قصة "رحيل" فهي معاناة صامتة لأبطالها لم يوضح الكاتب مجيد طوبيا أسبابها أو مراحلها أو كيفية التخلص منها مجرد غليان صامت في نفوس الشخصيات.
   وأخيراً كانت القصة الأخيرة في المجموعة القصصية "الوليف وقصص أخرى" للكاتب مجيد طوبيا بعنوان "النظرة فالابتسامة.. والعمر قصير" وهي عن رحلة بطلها إلى احدى دول الغرب ومقارنته بين الحياة في بلاده والحياة حيث أتى لينتهي إلى جملة وحيدة أبرقها لخطيبته "الناس هنا يعيشون" في دلالة واضحة على افنائنا لحياتنا طوال الوقت سعياً وراء المجهول الذي لا ضمان على وجوده أو الوصول إليه دون أن نستمتع أبداً باللحظة التي نحياها في الوقت الراهن والتي نضمن وجودها بالفعل.
   في النهاية فقد استمتعت بقراءة المجموعة القصصية "الوليف وقصص أخرى" للكاتب مجيد طوبيا وهي أحد المجموعات القصصية التي قد أنصح بقرائتها لأي راغب في الاستمتاع بالقراءة وفنون السرد.

تعليقات

  1. أحبائي
    ابنتي المبدعة النتألقة الطيبة
    الكاتب الكبير مجيد طوبيا من عمر صديقي الكاتب الكبير محمد خبريل
    مجيد طوبيا كاتب جاد منذ بداية تفاعله مع موسوعة سليم حسن المؤرخ الجميل
    الكاتب الكبير الذي تألقت أعماله في النشر والسينما كان انعزاليا ومختلفا عن الجيل
    أحبائي
    دعوة محبة
    أدعو سيادتكم إلى حسن التعليق وآدابه..واحترام بعضنا البعض
    ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الأرض
    نشر هذه الثقافة بين كافة البشر هو على الأسوياء الأنقياء واجب وفرض
    جمال بركات...رئيس مركز ثقافة الألفية الثالثة

    ردحذف
  2. جميل جدا 💪💪💪💪

    ردحذف

إرسال تعليق

تعليقاتكم تثري موضوعاتنا وتساعدنا على الاستمرار فنحن نهدف إلى اثارة النقاش الجاد المفيد لكافة الأطراف حول الموضوعات المطروحة، ويسرنا أن نعلم ما إذا كانت المقالات تنال استحسانكم أم لا وما جوانب النفع أو القصور فيها، وماذا تأملون في المقالات القادمة؟