تقسيم شبه القارة الهندية في القصة الأردية القصيرة في النصف الثاني من القرن العشرين


    من المفترض أنها دراسة بحثية أكاديمية عن تأثير تقسيم شبه القارة الهندية في أربعينيات القرن الماضي على القصة القصيرة الأردية أو تصوير القصة القصيرة الأردية لهذا التقسيم، ولكن الباحثة د/ هناء عبد الفتاح عبد الجواد لم تتحلى بالحيادية الواجب توافرها في الباحث الأكاديمي المحترف، فأولاً لم تتطرق لأي قصة قصيرة أردية كتبها أدباء هنود ممن بقوا في الهند واستمروا في كونهم هنوداً ومن سلطت الضوء عليهم في دراستها كانوا فقط الأدباء الذين انتقلوا إلى باكستان بعد التقسيم وأصبحوا مواطنين باكستانين.
   ومن هذا المنطلق كان الأولى بالباحثة د/ هناء عبد الفتاح عبد الجواد تسمية دراستها "تقسيم شبه القارة الهندية في القصة الباكستانية القصيرة في النصف الثاني من القرن العشرين"، كما إنها قدمت لدراستها عن تاريخ تقسيم شبه القارة الهندية والصراع الهندي الباكستاني على كشمير من وجهة نظر واحدة فقط ألا وهي وجهة نظر الجانب الباكستاني وتقديم الأمر على أنه حقيقة لا خلاف عليها، فقد صورت الفتن  والصراعات الإرهابية التي دارت وقت التقسيم أنها كانت من الجانب الهندي فقط.
   فالجانب الهندي وحده هو من قام بقتل وتشريد الأسر المسلمة بينما باكستان خلت عن بكرة أبيها من الهندوس والسيخ بناءاً على مؤامرة كبرى حث فيها القادة الهندوس والسيخ أتباع دياناتهم على التخلي عن أراضيهم وممتلكاتهم التي توارثوها على مر السنين فقط لأجل تقويض الدولة الناشئة باكستان، ومن المفترض أن المقيمين في تلك البقاع والتي كانت الأمية متفشية فيهم لأقصى درجة والذين يقدسون الأرض التي ولدوا ونشأوا وترعرعوا فيها ولا يفقهون شيئاً عن السياسة وتقسيم الدولتين وصراع الدول، استجابوا من فورهم لتلك المؤامرة وشاركوا فيها عن طيب خاطر ولم يتركوا بيوتهم وأراضيهم نتيجة لخوف أو إرهاب مطابق لما حدث على الأراضي الهندية!
   لم تكتف الباحثة د/ هناء عبد الفتاح عبد الجواد بهذه الإنحيازية الواضحة وضوح الشمس بل إنها عند تقديمها لقصة "كول دو" للكاتب الأردي سعادت حسن منتو والتي تصور اغتصاب سكينة وهي فتاة مسلمة بعد فقدان أبيها لها أثناء هروبهما من الهند بعد مقتل أمها أمام ناظريهما، فقد تغاضت الباحثة د/ هناء عبد الفتاح عبد الجواد تماماً عن ذكر الكاتب سعادت حسن منتو أن مغتصبي الفتاة هم الشباب الرضاكيون الذين كان من المفترض أنهم يساعدون اللاجئين المسلمين في باكستان للعثور على أهاليهم والوصول للملاجئ.
    فالفتاة سكينة تم اغتصابها في باكستان على أيدي باكستانيين لا كما أصرت الباحثة د/ هناء عبد الفتاح عبد الجواد أن تلمح إلى أن القصة تصور معاناة المسلمين في الهند أثناء تقسيم شبه القارة الهندية من قتل وإغتصاب، وإن كان هذا قد حدث بالفعل إلا إنه حدث على الجانبين لا من طرف واحد كما تصر الباحثة د/ هناء عبد الفتاح عبد الجواد أن ترسخ ذلك في أذهان القراء، وآخر ما يمكنني قوله عن هذه الدراسة أنها تفتقر تماماً لحيادية الدراسات الأكاديمية ولا تعدو كونها وجهة نظر شخصية متحيزة بناءاً على توجهات وقناعات مسبقة وهو ما يخالف كل المعايير الأكاديمية!

تعليقات