دور وسائل الإعلام في إمداد الفرد بالمعلومات

 

دور وسائل الإعلام في إمداد الفرد بالمعلومات

دور وسائل الإعلام في إمداد الفرد بالمعلومات



 

     أوضح العديد من العلماء بعد تطبيق عدة تجارب على مجموعات مختلفة من البشر أن الإنسان يستمد معلوماته من البيئة المحيطة به بالنسب التالية: 75% من خلال حاسة البصر و13% من خلال السمع و6% من خلال اللمس و3% من خلال الشم و3% من خلال التذوق، والمخ البشري عادة يستخدم سُبع قدراته الكلية فقط خلال حياة صاحبه، مما يعني أن كل إنسان لا يتعلم إلا جزءاً بسيطاً جداً من معلومات العالم، ومن خلال دور وسائل الإعلام في إمداد الفرد بالمعلومات يحصل الأفراد بشكل أساسي على المعلومات عن الناس والمشاكل والأحداث.

دور وسائل الإعلام في إمداد الفرد بالمعلومات:

   من المعروف من خلال الدراسات الإعلامية المختلفة أن أفراد الجمهور يخصصون عادة في المتوسط ما لا يقل عن ست ساعات يومياً لوسائل الإعلام، مما يعني أنهم يأخذون قدراً كبيراً من المعلومات عن طريقها وبخاصة الأطفال، حيث أكدت بعض الدراسات التي أجريت في هذا الصدد أن المعلومات التي يحصل عليها الطفل في المدرسة تعتبر ضئيلة إذا ما قيست بالمعلومات التي يستقبلها من وسائل الإعلام المختلفة، وتعتبر وسائل الإعلام التي تعتمد على أكثر من حاسة في التواصل مع جمهورها كالسمع والبصر من خلال الصوت والصورة هي الأقدر على إمداد الفرد بالمعلومات.

    وقد أكدت بعض الاختبارات أن استيعاب الأفراد للمعلومات يزيد بنسبة 35% عند استخدام الصوت والصورة في وقت واحد بينما تطول مدة الاحتفاظ بالمعلومات في هذه الحالة بنسبة 55%، وفي عصرنا الحالي تنمو المعلومات وتتضاعف بسرعة هائلة في ظل وسائل الإعلام الجديدة من شبكات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والقنوات الفضائية المفتوحة، وكل هذا يساعد الجمهور على معرفة الأحداث حول العالم لحظة وقوعها والتوصل لأحدث المعلومات والاكتشافات بكل سهولة مما جعل ثقافة الأفراد أكثر ثراءاً وتنوعاً.

    ويؤكد الباحثون في مجالات الإعلام أن دور وسائل الإعلام في إمداد الفرد بالمعلومات يمتد إلى جعلها تؤدي دوراً بارزاً في التحضر والتحول الاجتماعي للأفراد مما يدفع عملية التنمية الاقتصادية والإجتماعية ورفع المستوى العلمي بين الجمهور.

دراسات أكاديمية حول دور وسائل الإعلام في إمداد الفرد بالمعلومات:

-         دراسة الزهراء أبو السباع عبد الحميد 2016م:

   تبحث الدراسة في دور القنوات الوثائقية في إمداد الجمهور المصري بالمعرفة العلمية، حيث تمثلت أهمية الدراسة في الاهتمام الدولي والإقليمي المتزايد بالقنوات المتخصصة في الأفلام الوثائقية لدورها الكبير في نشر وتبسيط المعلومات في مختلف المجالات العلمية الحياتية، وتعد هذه الدراسة من أولى الدراسات التي تتناول القنوات الوثائقية وجمهورها في العالم العربي، وتهدف الدراسة إلى التعرف على دور القنوات الوثائقية في إمداد الجمهور المصري بالمعرفة العلمية في ضوء نظريتي فجوة المعرفة والاعتماد على وسائل الإعلام وذلك من خلال التعرف على حجم التعرض لمضامين الموضوعات المختلفة المقدمة في القنوات الوثائقية ومدى اهتمام الجمهور المصري بها واعتماده عليها كمصدر للمعرفة العلمية، وتحديد مدى قدرة القنوات الوثائقية على خلق حوار ثقافي علمي بين الجمهور.

    وفي هذا الصدد تمثلت تساؤلات الدراسة عن: حجم تعرض الجمهور للقنوات الوثائقية، ومدى اعتماد الجمهور على القنوات الوثائقية في الحصول على المعرفة العلمية، ومصادر المعلومات التي تقوم عليها القنوات الوثائقية، وأفضل القنوات الوثائقية التي يتابعها الجمهور المصري. وتعد هذه الدراسة من الدراسات الوصفية التي اعتمدت على منهج المسح الإعلامي بشقه الميداني وذلك من خلال تطبيق صحيفة الاستقصاء على عينة عمدية لمجتمع الدراسة قوامها ثلاثمائة مفردة من مشاهدي القنوات الوثائقية في محافظتي القاهرة وأسيوط خلال شهر إبريل 2013.

    وخلصت نتائج الدراسة إلى أن الجمهور المصري حريص على مشاهدة القنوات الوثائقية التي أصبحت من أهم مصادر المعلومات العلمية التي يتابعونها بشكل يومي، وكانت قناة ناشيونال جيوجرافيك أبو ظبي على رأس القنوات الوثائقية التي يفضل المبحوثين متابعتها لما تتميز به من جودة عالية في عرض الأفلام الوثائقية، أما عن مضمون الأفلام التي يحرص المبحوثين على متابعتها احتلت أفلام الطبيعة المرتبة الأولى، كما اثبتت الدراسة خلق القنوات الوثائقية نوع من الحوار الثقافي والعلمي بين جمهورها بنسبة بلغت 80%.

    وأشارت الدراسة إلى أن سبب تفضيل الجمهور للقنوات الوثائقية هو تقديمها للمعلومات بأسلوب مبسط ومقنع من خلال الحجج والبراهين والأدلة، كما نوهت الدراسة إلى حاجة الجمهور لقناة وثائقية مصرية لتهتم بالحضارة والتاريخ المصري وتقدم لهم معلومات علمية بشكل مبسط جذاب ومشوق مصحوب بالدلائل والبراهين.

-         دراسة جهاد عبد العزيز توفيق 2019م:

   تبحث هذه الدراسة في دور شبكات التواصل الاجتماعي في إمداد جمهور الصعيد بالمعلومات حول قضايا المجتمع المحلي، وتمثلت مشكلة الدراسة في محاولة التعرف على دور موقع الفيس بوك في إمداد جمهور الصعيد بالمعلومات حول قضايا مجتمعه المحلي، وتحديد حجم وكثافة تعرض الجمهور للفيس بوك، والتعرف على مدى اعتماد الجمهور على الفيس بوك كمصدر للحصول على المعلومات حول قضايا المجتمع المحلي، وتحديد نوعية القضايا التي يهتم أفراد الجمهور بالحصول على معلومات حولها من خلال الفيس بوك والكشف عن مدى ثقة الجمهور في تلك المعلومات، انتهاءً بتحديد مدى إمكانية اعتبار موقع الفيس بوك إعلاماً محلياً بديلاً عن الإعلام المحلي التقليدي في إمداد الجمهور بالمعلومات حول قضايا المجتمع المحلي.

   وتستمد الدراسة أهميتها من كونها تتناول شبكة التواصل الاجتماعي الفيس بوك التي أصبحت ذائعة الإنتشار ومنافسة وبديلة لوسائل الإعلام التقليدية في بعض الأحيان وقادرة على حشد الشباب نحو فكرة أو قضية أو موضوع أو حدث معين عن طريق الصفحات أو المجموعات التي تنشأ خصيصاً لهذه الأسباب، مما أدى إلى تزايد أعداد الصفحات الإخبارية على الفيس بوك بشكل عام والصفحات الإخبارية ذات التوجهات المحلية بشكل خاص وارتفاع عدد متابعيها مع قلة الدراسات الأكاديمية التي تتناول هذه الصفحات.

    وتحاول الدراسة إحياء مفهوم الإعلام المجتمعي والربط بين التكنولوجيا الحديثة وتوظيفها في خدمة المجتمع المحلي، ومن التساؤلات التي طرحتها الدراسة كانت عن: حجم وكثافة تعرض الجمهور لمنشورات صفحات الفيس بوك ذات الطابع المحلي، ودوافع تعرض الجمهور لتلك الصفحات، وتندرج هذه الدراسة تحت الدراسات الوصفية التي تعتمد على منهج المسح بشقيه الوصفي والتحليلي، وذلك باستخدام أسلوب المسح بالعينة من خلال إجراء دراسة ميدانية على عينة عمدية قوامها أربعمائة مفردة من شباب الصعيد موزعة بالتساوي بين محافظتي أسيوط وسوهاج من مستخدمي الفيس بوك.

    وأيضاً إجراء تحليل مضمون كيفي لعينة من الصفحات الإخبارية المحلية على الفيس بوك للتعرف على المضمون المنشور بصفحات الدراسة ومدى تعبيرها عن قضايا ومشكلات المجتمع المحلي ومعايير الثراء الإعلامي الذي تتضمنه هذه الصفحات، وهذه الصفحات هي: صفحة شارع أسيوط وصفحة شارع سوهاج ممثلة لصحافة المواطن المحلية، والصفحة الرسمية لمكتب إعلام أسيوط وصفحة سوهاج الواقع والحلم ممثلة للصفحات ذات التوجه الحكومي، وصفحة الأسايطة وصفحة السوهاجية ممثلة لصفحات الصحف المحلية على الفيس بوك.

    وكان من فروض الدراسة وجود علاقة بين اعتماد الجمهور على الفيس بوك كمصدر للمعلومات ومستوى معرفته بقضايا المجتمع المحلي، ووجود علاقة بين ثراء الفيس بوك كوسيلة إعلامية واعتماد الجمهور عليه كمصدر للحصول على المعلومات، ووجود علاقة بين اعتماد الجمهور على الفيس بوك كمصدر للمعلومات والتأثيرات المعرفية والوجدانية والسلوكية للفيس بوك عليه. ومن نتائج الدراسة أن أهم القضايا التي يهتم الجمهور بالحصول على معلومات حولها من خلال الفيس بوك هي الأحداث الرياضية يليها القضايا السياسية، وأن الحصول على أخبار ومعلومات حول قضايا المجتمع المحلي هي أهم أوجه استفادة جمهور العينة من الصفحات الإخبارية المحلية على الفيس بوك.

    وكانت قضايا الفساد والإهمال في المؤسسات أهم قضايا المجتمع المحلي التي يتعرض لها الجمهور على هذه الصفحات، والذي يرى أن هذه الصفحات زادت معرفته بقضايا المجتمع المحلي بشكل متوسط وأصبح أكثر دراية بما يحدث داخله، وأشارت الدراسة إلى أن 80% من أفراد العينة يثقون في المعلومات المنشورة على الفيس بوك حول قضايا المجتمع المحلي بشكل متوسط لأن بعض المعلومات على الفيس بوك غير معروفة المصدر، وأوضحت نتائج الدراسة إلى أن من أهم العوامل التي يتميز بها الفيس بوك كمصدر للمعلومات حول قضايا المجتمع المحلي أنه ينقل الرسالة والموضوعات والصور والفيديوهات لأكثر من مستخدم في نفس الوقت بالإضافة إلى سهولة الوصول إليه من أي مكان سواء في البيت أو العمل عن طريق الهواتف الذكية.

   وأثبتت الدراسة أن الصفحات الإخبارية المحلية على الفيس بوك استطاعت التعبير عن طبيعة المجتمع المحلي ونقل تراثه وذلك عن طريق نشر صور لبعض الأنشطة التي تميز المجتمع المحلي في الصعيد، وكان من أسباب عدم اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام المحلية التقليدية كمصدر للمعلومات حول قضايا المجتمع المحلي عدم اهتمام القائمين على الإعلام في مصر بالإعلام المحلي والعمل على تطويره مما يجعلها لا تلبي حاجاتهم إلى المعلومات، لذا يرون أن الفيس بوك أقدر من وسائل الإعلام المحلية التقليدية في إمدادهم بالمعلومات.

   وكان من توصيات الدراسة أن يتم تأسيس كيان تنظيمي للقائمين على صحافة المواطن وعقد دورات تؤهلهم لممارسة العمل الصحفي، وأن تقوم وسائل الإعلام المحلي التقليدية بإنشاء صفحات خاصة بها على الفيس بوك للوصول بشكل أكبر إلى الجمهور، وأن تهتم الصفحات الإخبارية على الفيس بوك بالمعايير المهنية وتحري الدقة والموضوعية فيما تنشره من أخبار وموضوعات تخص المجتمع المحلي، وأن تهتم هذه الصفحات بتوفير أرشيف إلكتروني لمنشوراتها يسهل الحصول عليها في أي وقت مما يثري البحث العلمي في هذا المجال.

-         دراسة يالان يان وآخرون 2017:

    تبحث هذه الدراسة استكشاف تأثير نوعية المعلومات في وسائل التواصل الإجتماعي من خلال المصدر والمصداقية والسمعة على التوافق المعلوماتي والإشراف عليها، وتتمثل مشكلة الدراسة في كون وسائل التواصل الاجتماعي قد تسببت في حمل زائد للمعلومات عند المستخدمين الذين لديهم عادة قدرة محدودة على معالجة المعلومات، لذا تنبع أهمية الدراسة في كونها تستكشف فعالية الإقناع على التوافق المعلوماتي من خلال استكشاف أثر جودة معلومات وسائل التواصل الاجتماعي ومصداقية المصادر في وسائل التواصل الاجتماعية وسمعتها على المعلومات الملائمة للمستخدمين وهو أمر تم تجاهله كثيراً في الدراسات السابقة.

    ومن الفروض التي قامت عليها هذه الدراسة أن وسائل التواصل الاجتماعي تفتقر إلى آليات ضمان الجودة مما يجعلها تتسبب في معلومات زائدة عن الحاجة للمستخدمين، وأن نوعية المعلومات في وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير إيجابي على الملائمة المعلوماتية للمستخدمين، وكذلك مصداقية مصادر وسائل التواصل الاجتماعي لها نفس التأثير الإيجابي، كما إن سمعة وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر إيجاباً على التوافق المعلوماتي، وكانت وسيلة جمع البيانات لهذه الدراسة على مرحلتين: الأولى دراسة استطلاعية من خلال المقابلة وذلك عن طريق عشرة طلاب دكتوراه وعشرة طلاب ماجستير لديهم جميعاً خبرة غنية في وسائل التواصل الاجتماعي.

    أما المرحلة الثانية في جمع البيانات فقد ركزت الدراسة فيها على دولة الصين لما بها من العديد من منصات وسائل التواصل الاجتماعية الشائعة التي يجذب كل منها ملايين المستخدمين، وتمت الدراسة الميدانية من خلال نشر صحيفة الإستبيان على الانترنت موجهاً إلى نطاق واسع في جامعة شاملة تقع في وسط الصين لتخرج نتائج الإستبيان من عينة عشوائية لطلبة الجامعة من مختلف المراحل الدراسية قوامها 381 مفردة، ومن النتائج التي أنتهت إليها الدراسة أن جودة المعلومات المقدمة في وسائل التواصل الاجتماعي ومصداقية مصادرها وسمعتها لها آثار إيجابية كبيرة على الملائمة المعلوماتية للمستخدمين، وكلما كانت سمعة وسائل التواصل الاجتماعي عالية أدى ذلك إلى إدراك عال لملائمة المعلومات بينما إذا انخفضت سمعة وسائل التواصل الاجتماعي أدى ذلك إلى إدراك منخفض للمعلومات.

    وأوصت الدراسة مطوري وسائل التواصل الاجتماعي أن يعززوا خصائص السمعة من خلال الاستفادة من الخصائص الفريدة لوسائل التواصل الاجتماعي، وتشجيع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بطرق مختلفة على توليد محتوى عالي الجودة والموثوقية لإعلاء قيمة المعرفة بشكل متزايد على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل مزيد من الناس، وأيضاً تطوير ميزات وسائل التواصل الاجتماعي من قبل المطورين لتسمح للمستخدمين بتصفية المعلومات بناءً على الجودة.

تعليقات