دماء وطين قراءة في قصص الكاتب يحيى حقي

 

قراءة في مجموعة دماء وطين
قراءة في مجموعة دماء وطين

 

    دماء وطين هي مجموعة قصصية من تأليف الكاتب يحيى حقي صاحب الرواية الشهيرة التي تحولت لفيلم من أشهر كلاسيكيات السينما المصرية "قنديل أم هاشم"، والكاتب يحيى حقي يعد تاريخياً من أوائل جيل الأدباء المصريين الذين أسسوا لفن القصة والرواية في الأدب المصري، وقد تتلمذ على يديه الكثير من أدباء مصر من أشهرهم: إبراهيم أصلان صاحب رواية مالك الحزين التي تحولت أيضاً لفيلم من أهم أفلام السينما المصرية وهو الكيت كات، وأديب نوبل نجيب محفوظ الذي أعلن بعد فوزه بجائزة نوبل عن شعوره بالحرج من فوزه بالجائزة وفي مصر أديب بحجم الكاتب يحيى حقي.

قصص المجموعة دماء وطين:

   صدرت المجموعة القصصية دماء وطين في عدة طبعات على فترات زمنية متباينة بدءاً من عشرينيات القرن الماضي وحتى اليوم، والطبعة التي بين يدي هي طبعة مكتبة الأسرة ضمن إصدارات الأعمال الإبداعية في مهرجان القراءة للجميع عام 1997م، وتضم ست قصص، هي: البوسطجي، وقصة في سجن، وأبو فودة، وحياة لص، وقهوة دميتري، ومن المجنون؟، ومن العنوان الذي أختاره الكاتب يحيى حقي ليكون معبراً عن مجموعته "دماء وطين" فإن من المفترض أن تدور قصص المجموعة حول حياة الأرض والفلاحين ومعاناتهم خاصة وأنه ليس هناك قصة معينة بهذا العنوان بل هو عنوان جامع لكل القصص.

    وقد كان هذا هو الحال عندما كانت المجموعة في أول طبعاتها تضم الثلاث قصص الأولى فقط، ولكن عندما أضيف لها الثلاث قصص الأخرى؛ فإن هناك قصة منهم على الأقل وهي "من المجنون؟" لا تندرج نهائياً تحت هذا العنوان حيث تدور عن موظف في محافظة دمياط يشعر زملاؤه ومديره بأنه يفقد قواه العقلية تدريجياً؛ فيسلموه بحيلة ماكرة إلى مستشفى الأمراض العقلية دون أن يعي ما يساق إليه حتى يُفاجأ بنفسه مسحوباً في البالطو الأبيض وهو يصيح أنه ليس مجنوناً.

  وعلى الرغم من جودة القصة ومتعتها إلا أن القارئ يشعر أنها دخيلة على المجموعة، بينما القصتين الآخرتين حياة لص وقهوة دميتري، يتماسان مع حياة الريف تماساً خفيفاً؛ فالبطل في قصة حياة لص من أصول ريفية ولكنه يعيش في القاهرة وتدور كل أحداث القصة في القاهرة ولا علاقة لها بالريف، أما قصة قهوة دميتري فهي أشبه بتقرير وصفي عن أحوال المقاهي وهيئتها في الريف عن كونه قصة أدبية.

الكاتب يحيى حقي
الكاتب يحيى حقي


الأسلوب الفني عند الكاتب يحيى حقي:

   يميل الكاتب يحيى حقي في مجموعته القصصية دماء وطين إلى الإطناب وكثرة الحكي، مما يخرج المجموعة من كونها مجموعة قصصية إلى مجموعة نوفيلات أو روايات قصيرة، خاصة وأن القصة الأولى في المجموعة المعنونة بالبوسطجي نشرها الكاتب يحي حقي في بادئ الأمر منفصلة كرواية مستقلة، وهي التي تم تحويلها إلى فيلم سينمائي من أفضل مائة فيلم في السينما المصرية يحمل نفس الاسم، وقام ببطولته الفنان شكري سرحان وزيزي مصطفى ونخبة من أهم الفنانين في تاريخ السينما المصرية، وإن كانت القصة الأصلية أفضل كثيراً من الفيلم السينمائي.

    وتعتبر قصة البوسطجي من أجود أعمال الكاتب يحيى حقي في المجموعة دماء وطين هذا إذا خرجنها بها عن كونها قصة قصيرة وتعاملنا معها على أنها رواية أو نوفيلا، أما قصة في سجن؛ فهي القصة الوحيدة في المجموعة التي ألتزمت بفنيات القصة القصيرة من حيث التكثيف واستخدام تقنية الفلاش باك بدلاً من الامتداد الطولي في الزمان والمكان، كما كان هناك الكثير من السقطات في ضمير الحكي خلال قصص المجموعة دماء وطين؛ فكثيراً لا يعرف القارئ من راوي الأحداث هل هو الكاتب يحيى حقي أم راوي عليم أم أنها تروى على لسان أحد الشخصيات؟!

   وأيضاً يتداخل الحوار كثيراً في الأحداث بطريقة مربكة، وإن كان ما يميزه هو عاميته التي تفصله عن السرد الفصيح، أما عن مضمون قصص المجموعة دماء وطين؛ فقد أثارني تصوير الكاتب يحي حقي للمرأة في ثلاث قصص: قصة في سجن، وأبو فودة، وحياة لص، كونها هي أصل الشرور وهي من تغوي الرجال للوقوع في الخطيئة، وكأن الرجل طفل لا يستطيع اتخاذ القرار بنفسه، وكأن النساء كلهن أشرار مهما بلغ ضعفهن؛ فحتى الضعيفة منهن تتمسكن حتى تتمكن فقط ليس إلا!

 

غلاف المجموعة دماء وطين
غلاف المجموعة دماء وطين

    في النهاية عزيزي القارئ إذا كنت قرأت من قبل المجموعة القصصية دماء وطين أو أي من أعمال الكاتب يحيى حقي يسعدني أن نتناقش حولها في التعليقات؛ فالنقاش هو ما يثري الموضوع وبه تعم الفائدة الفكرية علينا جميعاً.

تعليقات

  1. من أبدع ما قرأته ليحيى حقي، ما حضتي على كتابة رواية ما يشبه المعارضة أتتبع فيها مصائر القصص في جزء ثان لها.
    سلم قلمك، فقد أبدعتي في قراءتها.

    ردحذف

إرسال تعليق

تعليقاتكم تثري موضوعاتنا وتساعدنا على الاستمرار فنحن نهدف إلى اثارة النقاش الجاد المفيد لكافة الأطراف حول الموضوعات المطروحة، ويسرنا أن نعلم ما إذا كانت المقالات تنال استحسانكم أم لا وما جوانب النفع أو القصور فيها، وماذا تأملون في المقالات القادمة؟