قراءة لقصتي دموع الأمل في نادي أدب أسيوط

يوميات طبيب في الأرياف للدكتور دمرداش أحمد

 

يوميات طبيب في الأرياف للدكتور دمرداش أحمد
يوميات طبيب في الأرياف للدكتور دمرداش أحمد


   هناك عدة أعمال حملت هذا العنوان "يوميات طبيب في الأرياف"، ولكن هذا العمل هو مذكرات حقيقية ليوميات طبيب في الأرياف هو الدكتور دمرداش أحمد، والتي كتبها في بداية حياته العملية كمذكرات يومية له وهو في منتصف العشرينات من العمر ونشرها بعد ثلاثة عقود وهو في الخمسينات من عمره، وعلى الرغم من كونها مذكرات حقيقية لطبيب شاب إلا إنها كُتبت بلغة أدبية رائقة وممتعة، وقد أحبطني قصرها وصغر حجمها حيث كنت أتمنى لو كانت أكبر من ذلك.

  وذلك حتى نستمتع بما يرويه لنا من أحداث وحكايات عن الريف المصري وأهله في هذا العصر، وما واجهه أثناء عمله كطبيب في هذا الوقت الذي حسب التواريخ المدونة فهو ثلاثينيات القرن الماضي، وإن كان هناك الكثير مما ذكره في هذه اليوميات لا زال يحدث في مصر لا الريف فقط، كالرشاوي وقتل الفتيات إذا ما تم الشك في عفتهن حتى بدون الكشف عليهن بشكل ملائم، فقد كانت هذه آخر حادثة تم سردها في يوميات طبيب في الأرياف.

   فقد أتى زوجين بابنتهم للكشف عليها بسبب انتفاخ بطنها وتأخر دورتها الشهرية ولم يسمحوا للدكتور دمرداش أحمد بالكشف عليها جيداً، سمحوا له فقط بالكشف الخارجي الذي لم يتمكن من خلاله من تحديد ما إذا كانت حامل بالفعل أم لا، ونظراً لأنها غير متزوجة فقد آثر أن يخبرهم أنها ليست حامل حتى لا تتعرض للقتل، ولكن بعد فترة وجدت جثتها غارقة في الترعة، ولأنه طبيب القرية فكان هو من أجرى الكشف الطبي على الجثة التي تعرف عليها رغم تعفنها من الخال المميز في وجهها.

   وعلى الرغم من إدعاء الجميع أنها ماتت غرقاً في الترعة إلا إنه أكتشف آثار خنق على رقبتها، وبعد أن أجرى الكشف الطبي الكامل عليها أكد أنها كانت عذراء وانتفاخ بطنها لم يكن سوى ورم ليفي في الرحم بحجم جنين في الشهر الرابع، وعندما واجه أبيها بهذه الحقيقة أنهار باكياً ومعترفاً بقتله لها لظنه أنها وقعت في الخطيئة، وعلى الرغم من مرور ما يقرب قرن كامل على هذه الواقعة إلا إننا لازلنا في عصرنا الحاضر نرى الكثير منها، وفتيات يخسرن حياتهن بدعوى حماية الشرف دون حتى محاولة التأكد من تلك الظنون.

   وأكثر القصص والذكريات إمتاعاً وإضحاكاً في يوميات طبيب في الأرياف هي ما يتعلق بعبد الإله أفندي ومبالغاته وقصصه الطريفة التي كان يقصها عليهم في اجتماعاتهم ومسامراتهم الليلية، ولكن لم أفهم هل هو مات فعلاً في واقعة تنفيذه لتحديه لهم بشرب قنينة ويسكي كاملة مرة واحدة، أم أنه مرض فقط وقتها ومات ميتة عادية بعد ذلك؟ لم أستطع استبيان الأمر تماماً ولكن من المؤكد أنه مات على أية حال وقت نشر اليوميات، أتمنى لو هناك أجزاء أخرى من يوميات طبيب في الأرياف للدكتور دمرداش أحمد.

   فعلى الرغم من أن كتاب يوميات طبيب في الأرياف للدكتور دمرداش أحمد ليس في الأصل عملاً أدبياً قصصياً أو روائياً إلا إنه كُتب بلغة سردية متميزة تشي بكاتب متمكن كان من الممكن أن يكون أديباً ذا اسم لامع في الأدب المصري كحال الكثير من الأطباء الذين برعوا في مجالات الأدب المختلفة إلى جانب الطب، ولكن يبدو أنه لم يهتم بهذا الجانب في حياته، فقد بحثت عن اسم الدكتور دمرداش أحمد على جوجل لأطلع على أي معلومات عنه.

   ولكن للأسف لم أجد سوى نسب كتاب يوميات طبيب في الأرياف له وفيما يبدو أنه كان عضواً في مجلس الأمة في وقت ما حيث أن اسمه مدون في بيانات البرلمان المصري، ويبدو أيضاً أن أحفاده خاضوا انتخابات مجلس الشعب الأخيرة وربحوا فيها عن حزب مستقبل وطن وبنوا مدرسة تحمل اسمه على أرض لهم تبرعوا بها لوزارة التربية والتعليم في محافظة كفر الشيخ، هذه هي كل المعلومات التي استطعت معرفتها عن الدكتور دمرداش أحمد من خلال البحث على جوجل، ويبدو أنه ليس هناك الكثير عنه، وربما لم يهتم أحد بكتابه وقتها مما لم يشجعه على الاستمرار!


تعليقات