قراءة لقصتي دموع الأمل في نادي أدب أسيوط

دور الدراما الهندية في بناء الصورة الذهنية لدولة الهند عند الجمهور المصري

 

الدراما الهندية
الدراما الهندية

 

مقدمة:

    إن السبب الذي دفع الباحثة إلى دراسة دور الدراما في بناء الصورة الذهنية للدول لدى الشعوب الأخرى هو ما لاحظته للدراما من أثر بالغ في التأثير على توجهات وآراء مشاهديها وتكوين ثقافتهم، وقد اتخذت من الدراما الهندية نموذجاً خاصاً لدراسة هذا الدور نظراً للمساحة التي أفردت لها على الفضائيات العربية المختلفة وتخصيص قنوات خاصة لها مع إقبال جمهور المشاهدين عليها، مما جعل الباحثة تتسائل عن دور هذه الدراما في تكوين الصورة الذهنية للهند عند الجمهور العربي والمصري بصفة خاصة؟ وكيف يمكن للدراما المصرية الإستفادة من تلك التجربة في تطوير أدواتها والوصول بمثل تلك الكثافة إلى جمهور مختلف حول العالم لتقدم له صورة ذهنية ملائمة عن مصر دولة وشعباً وثقافة؟

    وبعد..   فقد بذلت الباحثة جهداً كبيراً.. علنا ننهض بواقع الدراما ونوظف كل جديد لخدمة قضايا الإعلام والثقافة ونهضة أمتنا..

الإطار المنهجي للدراسة:

مشكلة الدراسة:

    تقوم الأعمال الدرامية المختلفة التي تقدمها وسائل الإعلام خاصة السينما والتلفزيون بدور كبير في توجيه السلوك الفردي والجماعي وترسيخ العديد من القيم والإتجاهات الخاصة بالفرد أو المجتمع نحو القضايا المختلفة وتوجيه الرأي العام للمشاهدين، فإذا كانت الصورة الذهنية التي تقدمها الدراما في وسائل الإعلام المختلفة نحو قضية أو رأي ما هي صورة إيجابية فإنها ترفع من احترامها والاهتمام الإيجابي بها أما إذا كانت الصورة التي تقدمها صورة سلبية فإنها قد تكون أحد أسباب نفور الجمهور من القضية بل واحتقارها والترفع عنها.

   ومما سبق يمكن استنتاج أن الدراما الأجنبية التي يتابعها الجمهور تساهم بقدر كبير في تشكيل الصورة الذهنية لهم عن الدولة منتجة هذا النوع من الدراما، ومن هنا تتبلور المشكلة البحثية في التساؤل عن دور الدراما في بناء الصورة الذهنية للدولة لدى الشعوب الأخرى، وكيفية قيام الدراما الهندية بذلك مع الشعب المصري، ويمكننا صياغة المشكلة البحثية فيما يلي:

   "الكشف عن دور الدراما في بناء الصورة الذهنية عن الدولة المنتجة لها عند الجمهور الأجنبي بالتطبيق على تأثير الدراما الهندية على الجمهور المصري في هذا الصدد مع رصد العوامل الأخرى المؤثرة على الصورة الذهنية المتكونة، وذلك من خلال دراسة ميدانية على عينة من الجمهور".

أهمية الدراسة:

1) إلقاء الضوء على دور الدراما وتأثيرها في بناء الصورة الذهنية بشكل عام مما قد يعد نقطة ضوء للاهتمام بالمحتوى المقدم من خلال الدراما في التواصل الفعال مع الجمهور والتأثير الإيجابي فيه.

2) أهمية ما يمكن أن تقدمه الدراسة لوسائل الإعلام في استنباط أسلوب تقديم صورة ذهنية مشرفة وإيجابية عن الدول التابعة لها.

3) أهمية الدراسة للباحثة في التكوين الفكري والعلمي كباحث علمي.

أهداف الدراسة:

    يتمثل الهدف الرئيسي للدراسة في الكشف عن دور الدراما في بناء الصورة الذهنية عن دولها المنتجة لدى الجمهور الأجنبي، مما يتطلب تحديد عدد من الأهداف الفرعية على النحو التالي:

-        تحديد مفهوم الصورة الذهنية للدول عند الشعوب الأخرى ودور الدراما في بنائها.

-        معرفة معايير الصورة الذهنية التي تبثها الدراما عن ثقافة وحضارة الدول التي تنتج منها.

-        التعرف على مدى مقاربة الصورة الذهنية المعروضة في الدراما من الواقع.

-        تحديد أسباب متابعة الجمهور المصري للدراما الهندية.

-        دراسة تأثير الصورة الذهنية لدولة الهند على اتجاهات وسلوكيات الجمهور المصري.

-        تقديم إطار تحليلي للصورة الذهنية التي تبثها الهند من خلال المعروضات الدرامية لها وتفاعل الجمهور المصري معها.

-        التوصل إلى مقترحات تساعد الدراما المصرية في تقديم الصورة الذهنية الملائمة عن مصر للشعوب الأخرى.

تساؤلات الدراسة:

    تنطلق تساؤلات الدراسة من أهدافها الموضوعة حيث تسير في ضوئها وذلك على النحو التالي:

-        ما هي الصورة الذهنية للدول عند الشعوب الأخرى؟

-        كيف يتم بناء الصورة الذهنية للدول عند الشعوب الأخرى؟

-        ما هي أنواع الدراما وكيف تساعد في بناء الصورة الذهنية للدول عند الشعوب الأخرى؟

-        لماذا يتابع الجمهور المصري الدراما الهندية؟

-        ما مدى علاقة متابعة الجمهور المصري للدراما الهندية في الحصول على المعلومات عن دولة الهند؟

-        إلى أي مدى ساهمت الدراما الهندية في تكوين معارف المبحوثين عن دولة الهند؟

-        ما هي ملامح الصورة الذهنية التي يرسمها الجمهور عن الهند من النواحي الثقافية والإجتماعية والبيئية من خلال الدراما الهندية؟

-        ما هي النوايا السلوكية للمبحوثين تجاه الثقافة الهندية ودلالة تلك النوايا؟

-        كيف يمكن للدراما المصرية أن تقوم بتطوير الصورة الذهنية لمصر عند الشعوب الأخرى؟

نظريات الدراسة:

-        نظرية الإعتماد على وسائل الإعلام:

    يستخدم مؤسسا النظرية "ملفين ديفيلر" و"ساندرا بول روكيتش" مصطلح المعلومات للإشارة إلى إنتاج وتوزيع كل أنواع الرسائل التي تقدمها وسائل الإعلام، ويشيرون إلى أن الفروق التقليدية التي توحي بأن الأخبار شيء يتعلق بالمعلومات في حين أن التسلية ليست كذلك، هي فروق مضللة لأنها تتجاهل الطرق التي يستخدم بها الأشخاص محتويات التسلية لفهم أنفسهم وعالمهم أو العوالم الكبرى التي تتجاوز خبراتهم المباشرة ولتوجيه أعمالهم وتفاعلاتهم التبادلية مع الآخرين.

    ونظرية الإعتماد الفردي على وسائل الإعلام تتصور عملية نفسية إدراكية تزيد من احتمالات أن يتأثر المرء بمحتويات معينة في وسائل الإعلام لتترك آثار معرفية تتمثل في كشف الغموض وتكوين الاتجاهات وترتيب الأولويات واتساع المعتقدات والقيم، وكذلك في آثار وجدانية قد تتمثل في الفتور العاطفي واللامبالاة أو الخوف والقلق أو الدعم المعنوي والإغتراب، بينما الآثار السلوكية فقد تتمثل في التنشيط أو الخمول، وتتمثل أهمية نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام للدراسة في كونها تقيس أهمية المعلومات في تحديد دور وسائل الإعلام التي يعتمد عليها الجمهور في معارفه وتأثيرها على طبيعة الصورة الذهنية المشكلة لديه، وتأثير اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام كمصدر للمعلومات على اتجاهاته وسلوكياته الفعلية.

-        نظرية الغرس الثقافي:

    تذهب هذه النظرية إلى القول بأن مداومة التعرض للتليفزيون لفترات طويلة ومنتظمة تنمي لدى المشاهد اعتقاداً بأن العالم الذي يراه على شاشة التلفزيون ما هو إلا صورة من العالم الواقعي الذي يحياه، ويؤكد واضعو النظرية قوة التلفزيون بصفة خاصة باعتباره وسيلة لتنمية الصور الذهنية لكي تلعب دوراً مهماً في حياة معظم الناس حيث يقوم بتكرار نفس الصور الذهنية تقريباً عن الشخصيات والأحداث والقضايا، وبالتالي تساعد المشاهدة المكثفة على تنمية هذه الصور الذهنية المتسقة والتي تجعل المشاهد يعتقد أن ما يراه على الشاشة هو صورة مطابقة للعالم الحقيقي.

    وتتمثل أهمية نظرية الغرس الثقافي للدراسة في كونها تقيس دور التلفزيون –والذي هو المصدر الأول لبث الدراما- في تكوين النظام الثقافي المعبر عن الاتجاه السائد بين الجمهور ودوره في نقل الصور الذهنية على المدى البعيد، هذا ووفق الجوانب المستمدة من النظريتين المستخدمتين في الدراسة ومن خلال أهميتهما للدراسة تمكنت الباحثة من صياغة أهداف وتساؤلات الدراسة وفروضها وكذلك بلورة أدواتها التي تمثلت في استمارة استبيان طبقت على الجمهور المصري.

فروض الدراسة:

    تثير الدراسة عدداً من الفروض العلمية وذلك في إطار نظريتي الإعتماد على وسائل الإعلام والغرس الثقافي واللتان أمكنا الباحثة من تحديد الفروض التالية:

-        الفرض الأول: توجد علاقة إرتباطية بين التعرض للدراما الهندية وتكوين الصورة الذهنية للهند عند الجمهور.

-        الفرض الثاني: توجد علاقة ارتباطية بين معدل اعتماد المبحوثين على وسائل الإعلام من خلال الدراما الهندية وبنائهم للصورة الذهنية عن دولة الهند.

-        الفرض الثالث: توجد علاقة إرتباطية بين التعرض للدراما الهندية وتكوين نظام ثقافي متماسك يعبر عن الاتجاه السائد وصور ذهنية يشترك فيها الجمهور المتابع للدراما الهندية من كل الطبقات والاهتمامات.

-        الفرض الرابع: تحدث عملية الغرس الثقافي وبناء الصورة الذهنية عن طريق الدراما ببطء من خلال نقل الرموز الشائعة على المدى البعيد.

-        الفرض الخامس: العالم الرمزي الذي تقدمه الدراما يساعد على ثبات المفاهيم الخاصة بالواقع الاجتماعي، وقد تكون هذه المفاهيم الرمزية أكثر صلابة من الواقع الاجتماعي الحقيقي.

نوع الدراسة:

    تعد الدراسة من البحوث الوصفية التي تستهدف تصوير وتحليل وتقويم خصائص مجموعة معينة أو موقف معين يغلب عليه صفة التحديد، أو دراسة الحقائق الراهنة المتعلقة بطبيعة ظاهرة أو موقف أو مجموعة من الناس أو الأحداث أو الأوضاع، وذلك بهدف الحصول على معلومات كافية ودقيقة عنها وتفسير هذه البيانات وتحليلها تحليلاً شاملاً واستخلاص نتائج ودلالات مفيدة منها، لذا اختارت الباحثة هذا النوع من البحوث لدراستها بهدف توصيف تأثير الدراما الهندية على تكوين الصورة الذهنية عن دولة الهند لدى الجمهور المصري ومدى تأثير ذلك في تشكيل اتجاهاتهم وآرائهم ومن ثم التوصل لمقترحات بناءة يمكن تطبيقها على الدراما المصرية.

منهج الدراسة:

   اعتمدت الدراسة على منهج المسح الإعلامي حيث يعتبر جهداً علمياً منظماً للحصول على بيانات ومعلومات وأوصاف عن الظاهرة موضوع البحث من المفردات المكونة لمجتمع البحث ولفترة زمنية كافية للدراسة، وذلك بهدف التعرف على الطرق والأساليب والممارسات التي اتبعت لمواجهة مشكلات معينة، واستخدام هذه البيانات الشاملة في رسم السياسات ووضع الخطط على أساس من الاستبصار الكامل بجوانب الموقف، ويعتبر منهج المسح من أبرز المناهج المستخدمة في مجال الدراسات الإعلامية خاصة البحوث الوصفية، لذا اعتمدت الباحثة عليه في دراستها وركزت على أحد أنواعه ألا وهو مسح الرأي العام.

    حيث يعد أنسب المناهج التي تساعد في توصيف قضية الدراسة نظراً لتميزه بالعمق والسعة، مما زود الباحثة بالمعلومات التي مكنتها من التعليل والتفسير والكشف عن العلاقات الإرتباطية والسببية بين متغيرات الدراسة، وهذا يعني اشتمال المنهج التحليلي على الجانب الوصفي والتحليلي معاً، فيتمثل الجانب الوصفي في جمع الحقائق والمعلومات عن اعتماد الجمهور المصري على الدراما الهندية في الحصول على معلومات عن دولة الهند، ومن ثم معرفة التأثيرات المعرفية والوجدانية والسلوكية الناتجة عن ذلك الإعتماد عن طريق تحليل الصورة الذهنية المكونة عند الجمهور عن دولة الهند من الدراما الهندية.

مجتمع الدراسة:

    مجتمع الدراسة هو الجمهور المصري حيث تقوم الدراسة بقياس مدى تأثير الدراما الهندية المعروضة على الفضائيات المصرية والعربية في تكوين وبناء الصورة الذهنية لدولة الهند وثقافتها عند الجمهور المصري.

عينة الدراسة:

     تعد طريقة العينة هي الاكتفاء بدراسة عدد محدود من المفردات أو الحالات التي ينطبق عليها موضوع الدراسة بما يحقق توفير الوقت والجهد والمال، وفي الوقت ذاته الحصول على نتائج دقيقة وهو ما يناسب الدراسة المسحية الميدانية الحالية، وقد روعي في اختيار العينة أن تمثل المجتمع الأصلي حتى تكون النتائج ممثلة للمجتمع ومن ثم يتم تفسيرها إحصائياً بطريقة سليمة، وقد اختارت الباحثة تطبيق أسلوب العينة العشوائية البسيطة في دراستها.

   وسبب اختيار هذا النوع من العينات هو أنها تجعل احتمال ظهور أية وحدة معاينة مساوياً لاحتمال ظهور أية وحدة أخرى، مما يساعد الباحثة في تقدير أخطاء المعاينة تقديراً دقيقاً ومحسوباً، ويتم اختيار العينات العشوائية عن طريق حصر جميع مفردات البحث، وتحديد حجم العينة المطلوبة، ثم سحب وحدات المعاينة بطريقة عشوائية، وتتميز هذه الطريقة بخلوها من التحيز كما تستخدم بصفة أساسية في حالة تجانس مجتمع البحث، وهو ما ينطبق على هذه الدراسة، لذا اعتمدت الدراسة على عينة عشوائية قوامها 80 مفردة تم توزيع استمارة الإستبيان عليها من خلال الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعي.

أدوات الدراسة:

   طبقت الدراسة أداة الاستبيان في جمع المعلومات، وذلك لكونها أحد الأساليب الأساسية التي تستخدم في جمع البيانات من العينة المختارة عن طريق توجيه مجموعة من الأسئلة المحددة المعدة مسبقاً بهدف التعرف على حقائق معينة أو وجهات نظر المبحوثين واتجاهاتهم أو الدوافع والعوامل والمؤثرات التي تدفعهم إلى تصرفات سلوكية معينة، وفي هذه الدراسة صممت استمارة الإستبيان بهدف الكشف عن دور الدراما الهندية في تشكيل الصورة الذهنية لدولة الهند عند الجمهور المصري، وفي هذا الصدد اشتملت على المحاور التالية:

المحور الأول: مدى الاعتماد على الدراما الهندية في الحصول على معلومات عن دولة الهند.

المحور الثاني: ملامح وسمات الصورة الذهنية المشكلة عن دولة الهند لدى الجمهور المصري.

المحور الثالث: دراسة تأثير الدراما الهندية على اتجاهات وآراء الجمهور المصري.

المحور الرابع: مقترحات المبحوثين لتطوير الدراما المصرية.

الإطار التطبيقي للدراسة:

النتائج العامة:

    من خلال الدراسة الميدانية توصلت الباحثة إلى مجموعة من النتائج العامة تمثلت في:

-        يعد التلفزيون هو الوسيلة المفضلة للجمهور في متابعة الدراما.

-        الدراما الرومانسية والاجتماعية والأكشن هي أنواع الدراما المفضلة لأغلب الجمهور.

-        يتابع الجمهور الدراما غالباً لأسباب التسلية والترفيه والإثارة والتشويق، فإذا ما افتقدت الدراما لهذه الجوانب تفقد متابعيها بضرورة الحال.

-        أغلب الجمهور المتابع للدراما يتأثر بها وبما تبثه من أفكار تساهم في تغيير رؤاه ووجهات نظره، وهذا يؤكد الفرضية الأولى للدراسة القائلة بوجود علاقة إرتباطية بين التعرض للدراما الهندية وتكوين الصورة الذهنية للهند عند الجمهور، وأيضاً الفرضية الثانية القائلة بوجود علاقة إرتباطية بين معدل اعتماد المبحوثين على وسائل الإعلام من خلال الدراما الهندية وبنائهم للصورة الذهنية عن دولة الهند.

-        ساهمت الدراما الهندية إلى حد كبير في رسم صورة ذهنية إيجابية لدولة الهند والمجتمع الهندي في أذهان الجمهور المصري حتى أن بعض المبحوثين صرحوا في أكثر من موضع خلال الأسئلة المفتوحة في الاستبيان برغبتهم في زيارة الهند والعيش فيها، ومنهم من قام بذلك بالفعل، وهذا يؤكد الفرضية الثالثة للدراسة القائلة بوجود علاقة إرتباطية بين التعرض للدراما الهندية وتكوين نظام ثقافي متماسك يعبر عن الإتجاه السائد وصور ذهنية يشترك فيها الجمهور المتابع للدراما الهندية من كل الطبقات والإهتمامات.

وأيضاً تتفق مع الفرضية الخامسة القائلة بأن العالم الرمزي الذي تقدمه الدراما يساعد على ثبات المفاهيم الخاصة بالواقع الاجتماعي، وقد تكون هذه المفاهيم الرمزية أكثر صلابة من الواقع الاجتماعي الحقيقي.

-        الدراما هي أهم وسائل بناء وتكوين الصور الذهنية في أذهان الجمهور، وبالتالي فهي قادرة على بناء الصور الذهنية للشعوب والدول المختلفة عند الجماهير الأجنبية، وهذا يؤكد الفرضية الأولى للدراسة القائلة بوجود علاقة إرتباطية بين التعرض للدراما الهندية وتكوين الصورة الذهنية للهند عند الجمهور، وأيضاً الفرضية الثانية القائلة بوجود علاقة إرتباطية بين معدل اعتماد المبحوثين على وسائل الإعلام من خلال الدراما الهندية وبنائهم للصورة الذهنية عن دولة الهند.

-        الدراما المصرية أضعف من الدراما الهندية وفقاً لرأي أغلب المبحوثين.

التوصيات:

   إذا ما أرادت الدراما المصرية أن تنافس الدراما الهندية والأجنبية بشكل عام سواء محلياً أو عالمياً لجذب الجمهور من مختلف دول العالم وتغيير الصورة الذهنية السلبية التي أصبحت لصيقة بمصر دولة وشعباً في الأونة الأخيرة، فعليها الأخذ بالعديد من المقترحات التي طرحها المبحوثون في الدراسة، والتي تتمثل في:

-        العودة للدراما الهادفة: من المعروف أن الدراما المصرية كان لها عنصر السبق في الدول العربية كافة منذ بدء ظهور السينما والتلفزيون، وكان العرب كلهم يتابعون كل جديد في الدراما المصرية بشغف، وفي ذلك الوقت كانت الصورة الذهنية عن مصر في مختلف دول العالم العربي صورة إيجابية ملؤها الإحترام والتقدير، ولكن من الملاحظ في الأونة الأخيرة أن تلك الصورة بدأت في الانحدار لتحل محلها صور سلبية متعددة، وإذا تتبعنا السبب سنجد تلك الدراما التي ظهرت لتجسد العشوائيات وأولاد الشوارع والبلطجية، وتصورهم وكأنهم أصل المجتمع وهم الأبطال الرئيسيين في الحياة المصرية والذين يجب الاقتداء بهم، مما جعل العرب ينظرون للشعب المصري نظرة دونية كونهم معبرين عن تلك الفئة الضحلة.

فإذا ما أردنا أن نبني صورة ذهنية إيجابية لنا في أذهان العالم تقوم بالدعاية الشعبية بالنيابة عنا وننافس بدرامتنا الدراما العالمية فعلينا إنتاج دراما ذات موضوعات هادفة وواقعية تبرز قلب المجتمع المصري الحقيقي دون نفاق أو مبالغة ولكن أيضاً دون انحطاط وابتذال وسوقية.

-        تجنب التكرار وعدم اقتباس الدراما الأجنبية: ماذا سيدفع المشاهد إلى متابعة دراما مكررة يعلم تفاصيلها ونهايتها؟! ولماذا سيشاهد دراما شاهدها من قبل ولكن بلغة وممثلين مختلفين؟! ربما كان الاقتباس في الماضي أمراً مجدياً عند عدم توافر الانترنت والقنوات الفضائية المفتوحة التي تسهل على الجمهور متابعة كل جديد في أنحاء العالم، ففي الماضي لم يكن من السهل متابعة الدراما الأجنبية، فكان البديل هو تمصيرها أو تعريبها وإعادة تمثيلها بممثلين مصريين أو عرب، أما الآن فأي مسلسل أو فيلم يتم تمصيره أو تعريبه يكون الجمهور قد شاهده من قبل بلغته الأصلية في دور السينما أو على القنوات الفضائية أو من خلال مواقع الانترنت المختلفة.

فهذا النوع من الدراما لن يجذب الجمهور المحلي وبالتأكيد لن يجذب الجمهور الأجنبي، كما انه لن يساهم في بناء صورة ذهنية إيجابية بل على العكس ربما سبب صورة ذهنية سلبية في محاولة تقليد ومحاكاة المجتمعات الأخرى وأظهر المجتمع المصري بلا هوية.

-        خلق مناظر جذابة: أغلب مشاهد الدراما المصرية هي مشاهد داخلية، والمشاهد الخارجية غالباً ما تنحصر في اللقاءات في الكافيتريات والمطاعم أو المشي في الشوارع المزدحمة، ولا يتم التصوير اطلاقاً في أماكن مفتوحة كالأماكن الطبيعية من حدائق وسواحل أو المعالم السياحية والمناطق الأثرية التي تعد عنصر جذب للمشاهد وتساعد في الدعاية السياحية للدولة وتعمل على بناء صورة ذهنية إيجابية عند الجمهور الأجنبي، بل وحتى الجمهور المصري الذي يجهل الكثير من هذه الأماكن السياحية أو الأماكن الطبيعية في بلاده حيث لا يتم تصويرها في الدراما أبداً.

-        اختيار الممثلين المناسبين: تحتاج الدراما المصرية إلى ضخ الدماء الجديدة كل فترة وإعطاء فرصة للأجيال الشابة في الظهور على الشاشات وتقديم الجديد في عالم الدراما بدلاً من الاعتماد الكلي على الأجيال القديمة التي نضبت أفكارها ولا تستطيع مواكبة العصر سواء في التمثيل أو الإخراج أو كتابة النصوص الدرامية.

-        تطوير مستوى الإخراج: تحتاج الدراما المصرية إلى رؤية جديدة في الإخراج، ومتابعة الجديد في هذا المجال على مستوى العالم لتطبيق ما يتناسب منه مع الدراما المصرية لتواكب الدراما العالمية وتحجز لنفسها مكاناً فيها يساهم في بناء صورة ذهنية إيجابية لها ولمصر دولة وشعباً.

-        الاهتمام بالدراما الإستعراضية: منذ فترة طويلة جداً ربما تعود للثمانينيات من القرن الماضي انقطعت مصر تماماً عن انتاج دراما استعراضية جديدة، في حين التفت العالم أجمع إلى أهمية هذا النوع من الدراما وقدرته على جذب الجماهير واتجه إلى الاكثار منها، من المعروف أن الموسيقى والرقص هما لغة عالمية، فلا أحد يحتاج إلى اتقان لغة دولة معينة للاستمتاع بموسيقاها أو برقصها الشعبي الذي تتميز به، مما يجعلها أهم وسيلة دعاية للدول، لذا فإن اهتمام الدراما المصرية بالدراما الإستعراضية سيحجز لها مكاناً في الدراما العالمية يعمل على بناء صورة ذهنية إيجابية لها.

-        الاهتمام بالخيال العلمي: يتميز عصرنا الحالي بأنه عصر العلم والمعرفة؛ لذا يتجه العالم أجمع إلى الثقافة العلمية وتعتمد الكثير من أنواع الدراما على تيمة الخيال العلمي، بينما تعد الدراما المصرية والعربية بشكل عام الوحيدة التي لم تتطرق إلى هذا المجال قط، وإذا ما أنتج عمل أو عملين تحت هذا البند فقد كانا مقتبسين عن أعمال درامية أجنبية.

-        الترويج: تحتاج الدراما المصرية إلى الترويج عالمياً، فهي تعاني من ندرة تواجدها على الساحة العالمية حيث تقل مشاركاتها في المهرجانات الدولية وغالباً ما تقتصر هذه المشاركات على أن تكون مشاركات هامشية وليست في البرامج الأساسية للمهرجانات، كما تندر ترجمة ودبلجة الأعمال الدرامية المصرية المختلفة للغات العالمية الأخرى، والتي تسهل انتشارها بين متحدثي هذه اللغات، فبالتأكيد أغلب مواطني دول العالم غير العربي لا يتحدثون العربية ولا يفهمونها إلا القلة القليلة التي تدرس اللغة العربية وآدابها دراسة أكاديمية، وبالتأكيد هذه النسبة لا يعول عليها في تأثير الدراما لبناء صورة ذهنية إيجابية عند الشعوب الأجنبية!

الملخص:

    تعد الدراما من أهم وسائل بناء الصورة الذهنية لأي قضية أو منظمة أو مجتمع في أذهان الجمهور المعني، وانطلقت مشكلة الدراسة في الكشف عن دور الدراما في بناء الصورة الذهنية عن الدولة المنتجة لها عند الجمهور الأجنبي بالتطبيق على تأثير الدراما الهندية على الجمهور المصري في هذا الصدد مع رصد العوامل الأخرى المؤثرة على الصورة الذهنية المتكونة، واعتمدت الدراسة على المنهج المسحي وفقاً لاستمارة استبيان بحثي تم توزيعها على عينة عشوائية من الجمهور المصري قوامها 80 مفردة.

   وقد توصلت الدراسة إلى أن الدراما الهندية ساهمت إلى حد كبير في رسم صورة ذهنية إيجابية لدولة الهند والمجتمع الهندي في أذهان الجمهور المصري حتى أن بعض المبحوثين صرحوا في أكثر من موضع خلال الأسئلة المفتوحة في الاستبيان برغبتهم في زيارة الهند والعيش فيها، ومنهم من قام بذلك بالفعل، مما أثبت أن الدراما هي أهم وسائل بناء وتكوين الصور الذهنية في أذهان الجمهور، وبالتالي فهي قادرة على بناء الصور الذهنية للشعوب والدول المختلفة عند الجماهير الأجنبية.

تعليقات