قراءة لقصتي دموع الأمل في نادي أدب أسيوط

حصار الذكريات ... قصص قصيرة من الهند

حصار الذكريات ... قصص قصيرة من الهند
حصار الذكريات ... قصص قصيرة من الهند 




    حصار الذكريات هي مجموعة قصصية مختارة من ثقافات الهند المختلفة كتبها عدد من كبار أدباء الهند في القرن الماضي بلغات الهند المختلفة، كُتب على غلاف المجموعة القصصية "حصار الذكريات" أن مترجمها للغة العربية هو د. ذكر الرحمن ولكن عند بحثي عن القصص القصيرة المختارة في المجموعة وجدت أنها منشورة سابقاً لمترجمين متعددين في مجلة ثقافة الهند التي يرأس تحريرها د. ذكر الرحمن، أي أن دوره اقتصر على اختيارها للنشر ضمن كتاب واحد، وأظن أنه كان يجب توضيح ذلك والإشارة إلى مترجم كل قصة جنباً إلى جنب مع اسم كاتبها الأصلي.

رائحة جسد يحترق:

    افتتحت المجموعة القصصية "حصار الذكريات" بقصة رائحة جسد يحترق التي تجسد معاناة الأزواج الشباب من تسلط الآباء على حياتهم الزوجية إلى حد تدميرها، فبطل القصة ترحل زوجته الحبيبة لزيارة أهلها لعدة أيام فتنتهز أمه الفرصة لتزويجه بأخرى لتحظى بالحفيد الذي تنتظره ولكن عندما تعلم الزوجة الأولى بالخبر تنتحر بإحراق نفسها بينما يعاف الزوج زوجته الجديدة بعد أن يعلم بخبر انتحارها ولكنها تكون قد أنجزت مهمتها في حمل الحفيد المنتظر، وعندما يوضع الطفل بين يديه يصرخ طالباً ابعاده عنه حيث يشم منه رائحة جسد يحترق.

صاحب البقرة:

    القصة الثانية في مجموعة حصار الذكريات هي قصة صاحب البقرة والتي تدور حول تقديس البقر في الهند بشكل صوري حيث يتم الاستفادة من ذلك في النهاية للمصلحة الخاصة بينما لا يعبأ أحد بمصير ومشاعر البقر الحقيقة وذلك من خلال بقرة تحتضر ولا يعبأ بها أحد، والقصتين رائحة جسد يحترق وصاحب البقرة من تأليف الكاتبة الكبيرة أمريتا بريتم والتي تعتبر أول شاعرة وروائية تكتب باللغة البنجابية وتحصل على جائزة شايتا أكاديمي ولها جمهور من القراء في كلاً من الهند وباكستان، فموطن ولادتها ونشأتها يقع في الباكستان ولكنها رحلت للهند بعد التقسيم فظلت تنسب للدولتين.

وإذا متنا:

    قصة وإذا متنا للكاتب بشيشار براديب باللغة الهندية تدور عن جحود الأبناء لذويهم في الكبر وتضحيتهم من أجلهم على الرغم من ذلك وذلك من خلال أم متعلقة بما تبقى لها من زوجها الراحل متمثلاً في كنزته الشتوية بعد اهمال أبنائها لها على الرغم من تضحياتهم بكل ما يملكون من أجل مستقبل أفضل لهم، وفي النهاية تقرر تحويل الكنزة لصدرية لحفيدها الرضيع الذي يبتسم لها طوال الوقت.

الساحرة- الجدة:

    قصتي الساحرة والجدة من المجموعة القصصية حصار الذكريات هما لكاتب الأردية جوغيندرا بال وهما يدوران في عالم عجائبي من تخيل أبطال القصتين ففي قصة الساحرة يتصور رب البيت أن خادمته ساحرة تبعث الحياة في كل شيء، بينما في قصة الجدة فتلك الجدة تمر بفترة غريبة في أواخر عمرها تجعلها تتحدث إلى زوجها المتوفي وتلوم أهله على سرقته منها وتتخيل مثيلات لها ينوحون حولها حتى تدركها المنية.

البرزخ:

    قصة البرزخ في المجموعة القصصية حصار الذكريات هي قصة بنغالية للكاتب البنغالي سزادندو بندهو بادهياي تدور حول فكرة تناسخ الأرواح الشائعة في الفلسفات والعقائد الهندية القديمة حيث تنتقل روح المتوفي إلى جسد مولود جديد ليكمل ما بدأه في حياته ويحصل على ذكرياته ومشاعره، وقد تجسدت تلك الفكرة في العديد من أفلام بوليوود، وفي قصة البرزخ يروي بطل القصة ما يتذكره عن حياته السابقة حيث كان جندياً تم قتله بسيفه على يد أحد الحدادين بعد أن أقام علاقة عابرة مع زوجته الشابة.

ربة البيت:

   ربة البيت هي قصة أردية من ضمن قصص المجموعة القصصية حصار الذكريات للكاتبة الأردية عصمت تشغتاي وتدور حول الزواج من طبقات وأديان مختلفة وكيف يمكن للزواج أن يغير الأمور للأسوأ؟! وذلك من خلال الميرزا الذي يقيم علاقة مع خادمته ويعيشان كزوجين تماماً ولكن عندما يحولا تلك العلاقة إلى زواج رسمي تسوء الأمور بينهما حتى يصلا للطلاق، ولكن بعد الطلاق تعود الخادمة مرة أخرى للعمل في المنزل واستئناف علاقتهما كما كانت سابقاً قبل الزواج.

القميص المثلث:

    القميص المثلث هي قصة للكاتب في إن كاكر توضح صراع الأجيال واختلاف الأذواق بينهم من خلال مصمم ملابس كبير في السن يتم تعيين زميل شاب له في الشركة فيصمم قميصاً مستوحى من ذيل القرد يحتفي به أصحاب الشركة وكبار المصممين بينما يأخذه بطل القصة إلى منزله يعرضه على زوجته مستنكراً في حين يدخل ابنه ليعجب تماماً بالقميص ويقرر ارتداءه.

في أرض الموتى:

    قصة في أرض الموتى هي قصة باللغة الآسامية للكاتب ديفا براتا داس، وهي القصة التي حمل غلاف المجموعة القصصية حصار الذكريات اقتباساً منها، حيث تصور الفساد الذي وصلت له الهند بعد الإستقلال من خلال بطل القصة المحتضر وأبنائه نتيجة عدم المسائلة وعدم وجود قادة حقيقين، وتنتهي القصة بتوضيح كيف ينقلب السحر على الساحر ويشرب الساقي من سمه.

تعليم الببغاء:

    قصة تعليم الببغاء ضمن المجموعة القصصية حصار الذكريات هي لفيلسوف وشاعر الهند الأول رابندراناث طاغور أول شرقي يحصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1913م، وفي قصته تعليم الببغاء يتبع رابندراناث طاغور أسلوب كليلة ودمنة في إلقاء الضوء على المشكلة من خلال تصويرها بالحيوانات، فالببغاء هنا يجسد التلاميذ وطلاب العلم والقفص الذهبي هو الاهتمام بشكليات التعليم دون جوهره والكهنة هم المعلمين التقليديين الذين لا يهتمون سوى بحشو رؤوس الطلاب بمعلومات لا معنى لها ولا يهتمون بقدراتهم الحقيقية.
   بينما المالك في قصة تعليم الببغاء هو الأهل الذين يسلمون أطفالهم للمدارس والمعلمين ولا يهتمون بمتابعة تعليمهم بعد ذلك، والمهراجا هو المسئول عن التعليم كالوزير مثلاً أو رئيس البلد الذي لا يهتم سوى بالتائج التي ينقلها إليه تابعوه ولا يتابع أي من الأمر بنفسه، مما ينتج عنه في النهاية موت الببغاء واستمرار المنتفعين في الحصول على مكاسبهم من وراءه بدعوى تعليمه، وفي قصة تعليم الببغاء يحارب رابندراناث طاغور أنظمة التعليم البائدة التي لا طائل منها.

حصار الذكريات:

    حصار الذكريات هي القصة التي حملت المجموعة القصصية اسمها، وهي قصة أردية للكاتب طه أفندي الذي أدخلت قصصه ضمن المقررات الدراسية للغة الأردية في الهند، وتدور قصة حصار الذكريات حول معاناة الوحدة التي يواجهها كبار السن بعد إيداعهم دور المسنين وتجاهلهم من قبل ذويهم.

توبا تيك سينغ:

    يعتبر سعادت حسن منتو كاتب قصة توبا تيك سينغ من الكتاب المحسوبين على البلدين معاً الهند وباكستان، فهو ولد ونشأ في الجزء الذي ظل تابعاً للهند بعد التقسيم ولكنه انتقل إلى باكستان وتوفي في لاهور، وهو في الكثير من أعماله كان يندد بالتقسيم وما تبعه من ويلات، وفي قصته توبا تيك سينغ يصور التقسيم من وجهة نظر مختلفة، حيث تدور القصة عن قرار تبادل نزلاء مستشفيات الصحة العقلية بين البلدين ليذهب النزلاء الهنود في باكستان إلى الهند والنزلاء المنتمون لعائلات في باكستان إلى باكستان.
   ويوضح سعادت حسن منتو في قصته توبا تيك سينغ رأي المجانين في ذلك التقسيم وكيف يرونه جنوناً محض ويرفضونه بالكامل، حتى إنه يصيبهم بالإرباك إذ لا يدرون أين هم الآن أفي الهند أم باكستان؟! وإذا كانوا في باكستان فكيف انتقلوا إليها وهم لم يبارحوا أماكنهم ولم يغادروا الهند بعد؟!

قصص اجتماعية:

   تناولت أيضاً المجموعة القصصية حصار الذكريات بعض القصص الاجتماعية الأخرى التي تدور في إطار العائلات الهندية المختلفة مثل قصة الكفن للكاتب منشي بريم شاند والدواء المرخص للكاتب فقير موهان سينابتي ونقاط بيض في أزقة مظلمة للكاتبة هيمانشي شيلات وجاء الزعيم للعشاء للكاتب بيشام ساهني والصدمة الثانية للكاتب عبدل بسم الله ومصارعة الديكة للكاتب أمين كامل، وقصص عن الفساد المستشري في المجتمع مثل قصة موت علي بابا للكاتبة أجيت كور.

لاجوانتي:

    اختممت المجموعة القصصية حصار الذكريات بقصة لاجوانتي لكاتب الأردية راجيندر سينغ بيدي، والتي تدور عن معاناة النساء الأسيرات في فترة التقسيم حيث أسر كل جانب نساء من الجانب الآخر وعاشوا معهم كسبايا يعاشروهم معاشرة الأزواج مما جعل أهلهم يرفضوا الاعتراف بهم عند اجراء التبادلات بين الجانبين حيث يروهن مجلبة للخزي والعار، وبطل قصة لاجوانتي هو رجل هندي أسرت زوجته في باكستان يحاول الوصول إليها باستماتة ويندم على سوء معاملته لها عندما كانا يعيشان معاً، ويقود حملة توعوية بأهمية احتضان الأسيرات العائدات ومساندتهن وعدم التبرؤ منهن.
    في نهاية الأمر تعود زوجته في أحد التبادلات؛ فيعود بها للمنزل ويقرر عدم الحديث عن الفترة التي قضتها في باكستان، وينفذ ما كان يدعو إليه من احتضان وحسن معاملة الأسيرات العائدات، ولكن لفرط حسن معاملته التي لم تعتدها منه أبداً تشعر أنها لم تعد كما كانت وأن لا سبيل لاستعادة حياتها مرة أخرى.

تعليقات