قراءة في رواية اللجنة للكاتب المصري صنع الله إبراهيم

قراءة في رواية اللجنة للكاتب المصري صنع الله إبراهيم
قراءة في رواية اللجنة للكاتب المصري صنع الله إبراهيم





      أهدتني صديقتي المقربة رواية اللجنة للأديب المصري صنع الله إبراهيم هدية العام الجديد لمعرفتها بعشقي للكتب، واشترتها من مكتبة ديوان بالزمالك لتحصل على نسخة أصلية لأنها تعلم جيداً معاداتي الشديدة للنسخ المضروبة التي أرى أنها ليست سوى بضاعة مسروقة من عرق وجهد وإبداع كتابها يشترك شاريها في جريمة سرقتها مع بائعها، ومنذ اهدائها لي وهي تخبرني أنها في انتظار قراءة مراجعتي لها على الرغم من أنها لم تقرأها، قد تكون مراجعتي لرواية اللجنة للأديب صنع الله إبراهيم مخيبة لآمالك صديقتي العزيزة ولكن ها هي على كل حال.
    لم أقرأ للأديب صنع الله إبراهيم من قبل وإنما شاهدت مسلسل ذات المأخوذ عن رواية ذات التي كتبها في تسعينيات القرن الماضي، وكان قد نال إعجابي على الرغم من أن نصف مسلسل ذات تقريباً تم إضافته على أحداث رواية ذات الأصلية التي توقفت في التسعينات لتسجل الأحداث اللاحقة في القرن الحالي وبخاصة ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011م، قرأت رواية اللجنة للأديب صنع الله إبراهيم بالحماس الذي خلفه في مسلسل ذات واعتقدت أنني سأحظى بمتعة مشابهة ولكن للأسف لم يحدث.

ملخص رواية اللجنة للكاتب صنع الله إبراهيم:

    رواية اللجنة للأديب صنع الله إبراهيم هي رواية رمزية عن فساد الرأسمالية والإنفتاح وما خلفته في مجتمعاتنا العربية من انعدام الهوية وذوبان هوية مجتمعاتنا في الثقافة الغربية المصدرة لنا من الدول العظمى عبر الشركات الكبرى متعددة الجنسيات وكان أحد الأمثلة التي تم ضربها على تلك الشركات هي شركة كوكاكولا التي على الرغم من اختلاف مسميات كل الثوابت باختلاف اللغات حتى اسم الرب إلا إن اسم كوكاكولا لا يتغير من بلد لآخر ولا من لغة لأخرى.
     يجسد الكاتب صنع الله إبراهيم أحداث روايته من خلال بطل لا اسم له طوال أحداث الرواية يتقدم للجنة من المفترض أنها ستكون نقلة كبيرة له في حياته إذا اجتازها، ولا نعلم تحديداً ما هي تلك اللجنة وإلى ماذا ستؤهله وكل هذا متروك للقارئ ليسقطه على أي ما شاء فيمكن أن تكون اللجنة هي الحكومات القمعية أو التدخل الأجنبي أو المخابرات الأمريكية أو الماسونية العالمية أو أي ما يشاء القارئ أن يتخيله فكل تلك المنظمات تؤدي بنا في النهاية إلى نفس النتيجة ألا وهي القمع وكبت الحريات والقولبة حسب توجهاتها.
    يتعرض البطل لاختبار اللجنة ويجيب على كل أسئلتها ويلبي كل مطالبها مهما كانت شائنة، وفي الأخير تطلب اللجنة منه كتابة بحث موسع عن أهم شخصية عربية في القرن الحالي ليقع اختياره على شخص تم تلقيبه في رواية اللجنة بالدكتور، وبعد أن يقطع شوطاً طويلاً في البحث تفاجئه اللجنة باقتحامها منزله ومطالبتها له بتغيير شخصية بحثه وتترك أحد أعضائها ليراقبه ليل نهار حتى يضطر في النهاية لقتله والتخلص من مراقبته فيواجه اللجنة مرة أخرى متهماً يحاول تبرير جريمته وتتركه اللجنة يأكل نفسه عقاباً له على جريمته.

نقد رواية اللجنة للكاتب صنع الله إبراهيم:

    لم أستمتع برواية اللجنة للكاتب صنع الله إبراهيم لأنها افتقدت ما يجعل من العمل السردي رواية، فقد اعتمدت رواية اللجنة بشكل كبير على الأسلوب الوعظي والخطب العصماء التي يمكن كتابتها في مقال أو بحث، لم يكن هناك شيء من حميمية السرد التي تجعل القارئ يندمج مع الأحداث ويستشعرها بل كانت في جوانب كثيرة منها مجرد رص معلومات، وإن كنت لا أنكر أنها دفعتني للبحث عن الكثير مما تضمنته، فمثلاً شخصية الدكتور الذي أشار البطل في رواية اللجنة أنه كان أحد الضباط الأحرار الذين قاموا بحركة الضباط في يوليو 1952م وبعدها شارك في إنتاج سلسلة أفلام إسماعيل ياسين التي حملت اسمه ودار معظمها في الجيش والأسطول والبوليس السري وما إلى ذلك.
   أثارت هذه المعلومة فضولي لتجعلني أبحث عن حقيقة وجود هذا الشخص، ووجدت أن من تنطبق عليه هذه المعلومات هو المنتج جمال الليثي عم الإعلامي الشهير عمرو الليثي، والذي كان ضابطاً من الضباط الأحرار وبعد نجاحهم تولى إدارة الشئون المعنوية والتي تضمنت السينما والتلفزيون وكانت فكرة أفلام إسماعيل ياسين تلك من اقتراحه، وإن لم أجد ذكراً لأي من الأمور الأخرى التي أوردتها رواية اللجنة عن شخصية الدكتور ولم أجد تلميحاً في أي مقال عن أن الدكتور المذكور في رواية اللجنة هو المنتج جمال الليثي، فبعض النقاد والقراء ذهبوا في اعتقادهم لمن يمثله الدكتور إلى الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
    لم أتفق أيضاً مع بعض القراء الذين استنكروا في مراجعاتهم ما أورده صنع الله إبراهيم على لسان بطله في رواية اللجنة في عدة مواضيع، سواء ادعاءه أن بني إسرائيل شاركوا في بناء الأهرامات واحتمالية كون خوفو أحد أبناء بني إسرائيل وكذلك رأيه في التحرش في آخر رواية اللجنة، فهذه الآراء ليست آراء صنع الله إبراهيم الخاصة بل هي آراء بطله الذي قدمه لنا على أنه لا يتورع عن القيام بأي فعل مهما كان شائن مهين في سبيل إرضاء اللجنة.
    وبالتالي لا يستبعد عن هذا البطل التفوه بأكاذيب يعلم أنها ترضي اللجنة أو القيام بأفعال تنافي الأخلاق وتبريرها بتبريرات واهية، فهذا ما يتناسب مع شخصيته وهي ليست أحكام أو معلومات مطلقة يمكن اقتطاعها من السرد الروائي للاعتداد بها والاحتكام إليها.

تعليقات