قراءة لقصتي دموع الأمل في نادي أدب أسيوط

قراءة في كتاب أسرار وراء الحجاب للطبيب الأميركي سيمور غراي

قراءة في كتاب أسرار وراء الحجاب للطبيب الأميركي سيمور غراي
قراءة في كتاب أسرار وراء الحجاب للطبيب الأميركي سيمور غراي





     كتاب أسرار وراء الحجاب للطبيب الأمريكي سيمور غراي قد يعد من كتب أدب الرحلات حيث يسجل فيه ملاحظاته وتجاربه في الحياة على أراضي المملكة العربية السعودية في منتصف سبعينيات القرن الماضي حيث عمل لعدة سنوات في مستشفى الملك فيصل المركزي الحديث فور إنشائه، والذي كان مجهزاً بأحدث الأجهزة الطبية ووسائل الرعاية الصحية ويعد المستشفى الحديث الوحيد في المملكة العربية السعودية وقتها وما عداه كان مجرد وحدات صحية وعيادات طبية بسيطة مما كان يدفع كبار رجال الدولة والأغنياء للعلاج في الخارج.
   انتقد العديدون كتاب أسرار وراء الحجاب للطبيب الأميركي سيمور غراي واعتبروا ما فيه انتهاكاً للخصوصية والسرية بين الطبيب ومرضاه، لا أدعي أنني أعرف الكثير بهذا الشأن ولكن ما أعتقده حول هذا الأمر أن من المفترض على الطبيب أن لا يفشي أسرار مرضاه الصحية والطبية، وفي كتاب أسرار وراء الحجاب تناول الطبيب سيمور غراي نوعين من المرضى: النوع الأول هم أعضاء الأسرة الملكية وكبار رجال الدولة والذين لم تكن أمراضهم أو حالتهم الصحية خطيرة من النوع الذي يفرض السرية ولا بد وأن الصحف تناولت حالتهم الصحية وقتها مما يسقط السرية عن ذكر أمراضهم في الكتاب.
   النوع الثاني من المرضى الذين جاء ذكرهم في كتاب أسرار وراء الحجاب للطبيب الأميركي سيمور غراي هم المرضى من عامة الشعب، وهذا النوع لم يحدد الطبيب سيمور غراي هوياتهم مما لا يعد افشاءً لأسرارهم فهم أشخاص غير معروفين من الأساس، ولكن في الحقيقة من وجهوا هذه الانتقادات للطبيب سيمور غراي عن كتابه أسرار وراء الحجاب إنما ينتقدون في الأساس الصورة التي ظهر بها مواطنو المملكة العربية السعودية بين طيات الكتاب على الرغم من أنها الحقيقة المؤسفة.
    عاش السعوديون فترة طويلة تحت ستار ما يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكانوا يظهرون على السطح بالتقوى والعفة والالتزام الديني حيث لا يتاح لهم أي خطأ على الملأ، فلا يمكن لامرأة أن تخرج إلى الشارع دون أن تغطي وجهها ناهيك عن أن تكون غير محتجبة بالأساس أو مرتدية لأي لون آخر غير الأسود، ولا يمكن لأحد أن يتعاطى الخمر أو يشتريه أو يبيعه على الملأ، ولا يمكن لأحد أن يمارس أي عملاً في الشارع خلال أوقات الصلاة وإلا تعرض للضرب والجلد من ضباط هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
     خلال هذا الوقت لم يكن متاح لكل شخص في المملكة العربية السعودية أن يظهر على حقيقته ويتصرف وفقاً لما يعتقده ويؤمن به لا ما هو مفروض عليه، ولم يكن متاح للكثيرين أن يروا تلك الحقيقة على أرض السعودية إلا من يتعامل مع الأسر السعودية عن قرب ويدخل بيوتهم ومنازلهم أو يراهم عن قرب عندما يكونون على أرض أخرى غير السعودية، وما أفصح عنه الطبيب سيمور غراي في كتابه أسرار وراء الحجاب عن حياة السعوديين الخاصة لم يكن انتهاكاً للسرية بين الطبيب ومرضاه.
    فالطبيب سيمور غراي لم يتعرف على تلك الحياة الخاصة بصفته طبيباً وإنما بصفته صديقاً، ولم تكن تلك الحياة أسرار خاصة أفصحوا بها له من باب الصداقة واستأمنوه عليها بل هي حياتهم الطبيعية التي يعيشونها في أي مكان خارج السعودية ولا يجدون أي غضاضة في عيشها أو الإفصاح عنها، وبعد التغييرات التي طرأت مؤخراً على النظام السياسي والحياتي في المملكة العربية السعودية أصبح واضحاً أن كل ما خطه الطبيب سيمور غراي في كتابه أسرار وراء الحجاب كان حقيقياً بالفعل وأعتقد أن ذلك أبلغ رد على تلك الانتقادات المتحيزة.

تعليقات

إرسال تعليق

تعليقاتكم تثري موضوعاتنا وتساعدنا على الاستمرار فنحن نهدف إلى اثارة النقاش الجاد المفيد لكافة الأطراف حول الموضوعات المطروحة، ويسرنا أن نعلم ما إذا كانت المقالات تنال استحسانكم أم لا وما جوانب النفع أو القصور فيها، وماذا تأملون في المقالات القادمة؟