قراءة لقصتي دموع الأمل في نادي أدب أسيوط

قراءة في رواية "فريدة... بين الحب والألم" للكاتب شحتة سليم

غلاف رواية "فريدة... بين الحب والألم" للكاتب شحتة سليم
غلاف رواية "فريدة... بين الحب والألم" للكاتب شحتة سليم




    تدور الرواية كفلاش باك في خمسينيات القرن الماضي حيث تسرد بطلة الرواية "فريدة" قصة حياتها لابنها الأصغر، وهي قصة تعبر عن كل بيت مصري في تلك الفترة عاصر حركة الضباط الأحرار ومن بعدها حروب التحرير المختلفة سواء العدوان الثلاثي على مصر بعد قرار تأميم القناة ومن ثم الحروب المختلفة التي دخلتها مصر إلى جانب حكومات ودول عربية أخرى لنصرتها مروراً بمشروع الوحدة العربية الذي حاول جمال عبد الناصر تأسيسه مع سوريا وليبيا وانتهائه بالفشل وصولاً لنكسة 67 وحرب أكتوبر 73 بعدها آخر الحروب التي خاضتها مصر في تاريخها.
    كل هذه الأحداث السياسية والمعارك الحربية يتم التطرق إليها وتأريخها من خلال أسرة مصرية بسيطة تعاصر تلك الأحداث وتتفاعل معها، هي أسرة فريدة التي تتكون من أبيها الذي يحن إلى الملكية حتى أنه أسمى بناته بأسماء عضوات الأسرة الملكية ففريدة على اسم الملكة فريدة وفريال باسم الأميرة فريال، ومصطفى زوج فريدة العاشق لعبد الناصر ومناصره في كل خطوة حتى سمى ابنه البكر على اسمه جمال كما فعل معظم الشعب المصري في تلك الفترة، بالإضافة إلى أخوة فريدة الذكور الثلاث وأمها التي كان دورها هامشياً جداً في أحداث الرواية، ووالدة زوجها وأخته.
    ما يعيب الرواية هو كونها رواية ناعمة جداً تعمد فقط إلى رصد الأحداث دون وجود صراع حقيقي سواء داخلي أو خارجي للشخصيات تمثل ذروة للأحداث لنصل في النهاية لحل الصراع، فالأحداث تسير سلسة طوال السرد الروائي لا يعترضها أي مشاكل من أي نوع، فجميع أبطال أو شخصيات الرواية حققوا كل ما يصبون إليه بسهولة وما تعرضهم من عقبات لم تكن أكثر من مشاكل بسيطة، فكل الشخصيات حققت ما تصبو إليه على المستوى المهني وارتبطت بمن أحبت خلال الأحداث ولم تكن هناك شخصية سلبية واحدة تعيق مجرى الحدث لأي شخصية.
    فعلى الرغم من أن العنوان الفرعي للرواية هو بين الحب والألم فلم يكن هناك أي ألم طوال أحداث الرواية اللهم إلا في نهايتها عندما بدأ الموت يغزو أفراد الأسرة ولكنه أيضاً لم يمثل صراعاً جوهرياً، فالأب مات متأثراً بأمراض الشيخوخة المعتادة والأخ الأصغر لفريدة مات في هجوم نكسة 67 وزوجها مات حزناً على وفاة عبد الناصر، وعلى الرغم من ذلك فإن كل أحداث الوفيات تلك لم تحرك صراعاً جوهرياً في مجرى الأحداث بل جاءت كنتيجة طبيعية ورد الفعل كان الصبر والاحتساب.
   بالطبع إن هذه الأحداث هي أحداث واقعية جداً ومعبرة عن الفترة التي تؤرخها الرواية ولكنها رصداً للواقع فيما يشبه الكتابة التسجيلية للمذكرات الشخصية، كان من الممكن استغلال وقع هذه الحروب والنكسات في تصوير تأثيراتها النفسية على الشخصيات وبدلاً من تجسيدهم طوال الوقت كأشخاص صابرين محتسبين راضين بأي شيء، كان من الممكن تسجيل معاناتهم ما بين الرضا ورفض الواقع، أن تحاول أحد الشخصيات إقامة صراع ما مع هذه الأحداث وترفضها وتحاول تغييرها سواء بشكل واقعي أو بشكل نفسي، ولكن للأسف هذا لم يحدث.
    من الملاحظات التي أثارت انتباهي أيضاً هي بداية الرواية بمقطع على لسان فريدة تصف فيه لابنها كيفية مجيئه لهذه الدنيا بقولها: "لأن فقيراً ذات مساء سعى نحو حضن فقيرة وأطفأ فيه مرارة أيامه القاسية" هذا المقطع يوحي للقارئ أنه بصدد التعرض لمعاناة الشخصية مع الفقر، تعارض الفقر مع الحب أو مشاكل الحياة الزوجية مع الفقر أو كيف يواجه أبطال الرواية الفقر ويحاولون التخلص منه، ولكن في الحقيقة هذا المقطع لم يتم استغلاله فيما بعد في أحداث الرواية.
    فشخصيات الرواية أصلاً لا يعدوا من الطبقة الفقيرة وإنما هم من الطبقة المتوسطة في تلك الفترة ولم يواجهوا طوال أحداث الرواية أي مشاكل مادية حقيقية تتعلق بالفقر اللهم إلا اعتراض والد حبيبة أخ البطلة فريدة على زواجهما لأنه من طبقة اجتماعية واقتصادية أقل ولم يشكل هذا صراعاً جوهرياً إذ رضخ الأب سريعاً لرغبة ابنته وتركها وما تريد على شرط أن لا تطلب منه أي مساعدة مادية فيما بعد، فلم يكن للفقر أي وجود آخر في أحداث الرواية إلا هذا المقطع الذي ربما استخدمه الكاتب فقط ليثير وقعاً رومانسياً جميلاً في نفس القارئ!

تعليقات

  1. القراءة ممتازة. أسعدتني جدا بالرغم من قسوتها.
    الرواية مقسمة فصول، وأعتقد أن لكل فصل الصراع الخاص به أو بالشخصية التي يتناولها، وتبقى فريدة هي الرابط بين هذه الشخصيات.
    ألف ألف شكر لحضرتك على هذه القراءة الممتازة وهذه الورقة النقدية الجميلة.

    ردحذف
    الردود
    1. عذراً لم أقصد أي قسوة ولكن الحقيقة أنك كنت طيباً جداً مع شخصيات روايتك ولم تعتصرهم في صراعاتهم لتخرج مكنونات الطبيعة البشرية من دواخلهم جيداً، أعتقد ان ذلك كان منبعه تركيزك على التأريخ للأحداث السياسية المحيطة بالفترة أكثر من اهتمامك بالصراعات النفسية للشخصيات

      حذف

إرسال تعليق

تعليقاتكم تثري موضوعاتنا وتساعدنا على الاستمرار فنحن نهدف إلى اثارة النقاش الجاد المفيد لكافة الأطراف حول الموضوعات المطروحة، ويسرنا أن نعلم ما إذا كانت المقالات تنال استحسانكم أم لا وما جوانب النفع أو القصور فيها، وماذا تأملون في المقالات القادمة؟