أجنحة الفراشة... الرواية التي تنبأت بثورة 25 يناير وإنهيار الأدب العربي

 

غلاف رواية أجنحة الفراشة للكاتب محمد سلماوي
غلاف رواية أجنحة الفراشة للكاتب محمد سلماوي



     لا أعرف إن كان محمد سلماوي قد كتب رواية أجنحة الفراشة حقاً قبل ثورة يناير 2011 م أم بعد بداية إرهاصاتها، فرقم إيداع رواية أجنحة الفراشة يحمل تاريخ العام 2010 م وتاريخ صدور الطبعة الأولى يحمل تاريخ 17 يناير 2011 أي قبل بداية التظاهرة الأولى في ميدان التحرير يوم 25 يناير 2011 م بأسبوع تقريباً، كما إن هناك الكثير من الأخبار والمقالات الأدبية والنقدية على شبكة الإنترنت والتي تتحدث عن قرب صدور رواية أجنحة الفراشة أو تحتفي بها مؤرخة في بداية شهر يناير 2011 م وقبل بداية التظاهر وقيام الثورة.

   ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل كان يجرؤ أحد على التحدث بمثل هذه الأمور خلال حكم نظام مبارك؟! نعم هناك العديد من الكتاب والفنانين الذين تناولوا مثل هذه المواضيع وديكتاتورية الأنظمة الحاكمة وحتمية ثورة الشعب، ولكنهم كانوا يواروا حديثهم في مثل هذه الأمور بأن يجعلوا حديثهم يدور عن دولة خيالية ولا يصرحوا إطلاقاً بأن حديثهم عن مصر أو شعب مصر أو نظام مبارك بأي شكل من الأشكال؛ فكيف واتت محمد سلماوي الجرأة للحديث عن هذه الأمور صراحة في رواية أجنحة الفراشة خاصة وأنه لم يكن من أولئك الأشخاص المعارضين للنظام بل كان أحد رجالاته في الأساس!

   على أية حال إن كان محمد سلماوي قد تنبأ فعلاً بثورة يناير 2011 م في رواية أجنحة الفراشة؛ فإن هذه قد تعد الحسنة الوحيدة في رواية أجنحة الفراشة، بينما لو أنه كتبها مسرعاً بها لركوب موضة ثورة يناير 2011 م وإدعاء التنبؤ بها؛ فقد يعد هذا سبباً مبرراً للإنحدار الأدبي الذي يعتري رواية أجنحة الفراشة، لم أقرأ من قبل أي من أعمال محمد سلماوي الأدبية وهذه أول قراءاتي له، قرأت العديد من مقالاته الصحفية ومقالات الرأي وهي لا بأس بها.

    محمد سلماوي في مقالاته وكتاباته الصحفية يكتب بلغة صحفية جيدة ويستطيع إيصال ما يبتغيه من مقاله بسهولة إلى ذهن القارئ، وهذا بالظبط ما فعله في رواية أجنحة الفراشة، ولكن الكتابة الأدبية الإبداعية تختلف تماماً عن الكتابة الصحفية، فالأدب ليس مجرد سرداً جافاً تقريرياً للمعلومات وإلا كانت التقارير التي يتقدم بها الموظفون في وظائفهم المختلفة أعمالاً أدبية، وما فعله محمد سلماوي في رواية أجنحة الفراشة هو مجرد شخص يحكي أحداث ما دون أي لمسة أدبية، بالإضافة إلى ما يعتري هذه الأحداث من تفكك وعدم ترابط وعدم منطقية في تراتبية الأحداث أو نتائجها.

    عندما قرأت رواية أجنحة الفراشة للكاتب محمد سلماوي ولم ترضي ذائقتي مع كل ما سمعته وقرأته عن قدرته الرائعة وموهبته الفذة في الأدب والمديح الذي كاله أغلب النقاد والأدباء المشهورين لرواية أجنحة الفراشة، ظننت أنه ربما الخطأ في أنا، ربما أصبحت صعبة الإرضاء في الأونة الأخيرة ولم يعد يعجبني شيء بسهولة، ولكن عندما تصفحت صفحة رواية أجنحة الفراشة على موقع الجودريدز وجدت أغلب القراء كانت آرائهم متفقة مع رأيي، فعلمت أنه حتماً تلك الآراء النقدية التي تمجد في رواية أجنحة الفراشة وكاتبها محمد سلماوي إنما هي فقط آراء منافقة لكاتب له من الحظوة ما له بالإضافة إلى مناصبه الثقافية والصحفية المختلفة بالإضافة إلى كونه رئيس اتحاد كتاب مصر وقت صدور رواية أجنحة الفراشة!

   لإنني لم أقرأ أي من أعمال محمد سلماوي الأدبية من قبل فلا أستطيع تكوين رأي على إنتاجه الأدبي بشكل عام، ولكن إذا كانت كافة أعماله في مستوى رواية أجنحة الفراشة أو أنها هي درة أعماله كما يقال فحتماً هذه مصيبة أدبية كبرى أن ينال كاتب بهذه السطحية والفقر الأدبي هذه المكانة الثقافية والأدبية في دولة عريقة مثل مصر، والأدهى أن تتم ترجمة رواية أجنحة الفراشة للعديد من اللغات بل وتدخل ضمن المقررات الدراسية لدارسي الأدب العربي في الجامعات الأجنبية، لتكون مثالاً عن الأدب العربي؛ فما الصورة التي تصدرها مثل هذه الرواية عن الأدب العربي حول العالم وكيف يتم اختيارها من الأساس للتدريس في الجامعات الأجنبية؟!

تعليقات