قراءة في كتاب مذكرات كيوبيد للكاتب حلمي مراد

قراءة في كتاب مذكرات كيوبيد للكاتب حلمي مراد
قراءة في كتاب مذكرات كيوبيد للكاتب حلمي مراد




      كتاب مذكرات كيوبيد هو احد إصدارات سلسلة كتابي الشهرية للكاتب حلمي مراد والتي صدر العدد الأول منها في مارس عام 1952م على مرحلتين، تضمنت المرحلة الأولى منها كتب منوعة حيث كان يضم الكتاب الواحد منها ملخصات لعدد من الكتب العالمية من روائع الأدب العالمي والقضايا التاريخية والثقافية التي أثارت الجدل حول العالم بالإضافة إلى قصة قصيرة أو نوفيلا من تأليف الكاتب حلمي مراد، وبعد عدة إصدارات من سلسلة كتابي توقفت لفترة ثم عادت بحلة جديدة.
    في الإصدار الجديد من سلسة كتابي أصبح كل عدد عبارة عن ترجمة عربية يقدمها الكاتب حلمي مراد لأحد الكتب العالمية في مختلف المجالات سواء أعمال روائية أو مسرحية أو ثقافية مختلفة أو في مجالات العلوم الإنسانية المتنوعة، وقد استمرت سلسلة كتابي في الصدور لسنوات متعددة قد تزيد عن الستة عشر عاماً حيث أحصي مائتي عدد من سلسلة كتابي في الأسواق، ولكن في النهاية اضطر الكاتب حلمي مراد إلى إيقاف صدور سلسلة كتابي للأسباب المعتادة لتوقف العديد من الصحف والمجلات الثقافية من العقبات المالية وعدم كفاية الموارد المتاحة وارتفاع أسعار الورق.
    والعدد الذي بين أيدينا الآن المعنون بـ "مذكرات كيوبيد" هو العدد الثامن في سلسة كتابي في حلتها الأولى والذي صدر في عام سلسلة كتابي الأول بتاريخ شهر أكتوبر لعام 1952م، وهو يتضمن ثمان عناوين، يبدأها الكاتب حلمي مراد بعنوان الكتاب "مذكرات كيوبيد" وهي قصة قصيرة من تأليف الكاتب حلمي مراد تتناول مذكرات متخيلة لإله الحب الإغريقي كيوبيد الذي يطوف أرجاء مصر بجعبة سهامه ليطلقها في قلوب الرجال والنساء ليحولهم إلى محبين عاشقين، على الرغم من ذلك لم تعجبني قصة "مذكرات كيوبيد".
    بداية لم تكن لغة قصة "مذكرات كيوبيد" لغة جذابة رائقة تتناسب مع كونها من المفترض قصة رومانسية، كما أن المفهوم الذي وضعه الكاتب حلمي مراد للحب على لسان كيوبيد هو مفهوم مخالف للحب حقيقة في كثير من المواضع، فبدأ بالخيانة حين قرر اطلاق سهم الحب المزعوم في قلب امرأة شابة متزوجة فقط لأن زوجها كهلاً مما جعل اله الحب يرى أن من المنطقي أن يكون له في زوجته شريك! وهكذا يسير على نفس المنوال حين يلقي بسهامه في قلب امرأة عجوز ثرية وشاب في مقتبل العمر لينهل من أموالها كيف يشاء لينفقها على نزواته الأخرى مع فتيات أصغر سناً!
    وهكذا يظل الكاتب حلمي مراد يسير على نفس المنوال في قصته "مذكرات كيوبيد"، وإن وجدت أحياناً بعض قصص الحب الحقيقي، حتى ينتهي بقصة في الأرياف تكون نتيجتها قتل أخ الفتاة لها بعد أن يراها في أحضان ابن عمهما، وهنا يقرر كيوبيد اعتزال عمله، وكأن تلك هي الجريمة الوحيدة التي تسبب فيها طوال الوقت، ولكن أمه أفروديت تقنعه بالعدول عن رأيه وأن ذلك ليس خطأه بل خطأ العقول المتحجرة التي لا تقبل بالحب وخطأ من أعماه الحب فلم يعمل حساباً لعواقب أفعاله التي يعرفها جيداً!
    باقي محتويات كتاب "مذكرات كيوبيد" كانت ملخصات لبعض الكتب والأعمال العالمية، وهي: مسرحية كلام الناس للكاتب الأسباني جوزيه إشيجراي، وفصل من كتاب فن الحياة للكاتب أندريه موروا بعنوان فن الزواج والذي يبدو من تقديم الكاتب حلمي مراد له أنه قد بدأ في عرض الفصل الأول من الكتاب في العدد السابق من سلسلة كتابي وينتوي استكمال عرض الفصول الباقية في الأعداد اللاحقة من سلسلة كتابي، ولم يعجبني في هذا الفصل من الكتاب رؤيته التقليدية السطحية للزواج.
    حيث يصر الكاتب أندريه موروا على كون المكان الوحيد للمرأة في العلاقة الزوجية هو المنزل والقيام بالأعمال المنزلية فقط لا غير وأنها غير مؤهلة للنجاح خارج المنزل كما أن الرجل لا يستطيع النجاح في المنزل، وهذا أمر غير صحيح تماماً فأي امرأة يمكنها النجاح خارج المنزل في كل المجالات بكل سهولة وقد أثبت التاريخ ذلك جيداً، كما إن الرجل يمكنه النجاح داخل المنزل إن أراد ولكن حقيقة الأمر أن منبع فشل الرجال داخل المنزل هو عدم رغبتهم الحقيقية في القيام بالأمور المنزلية لإعتقادهم الداخلي أنها تقلل من قيمتهم وأنهم أعلى مكانة من القيام بتلك الأمور التي خلق النساء للقيام بها حيث أنهم بالتأكيد أقل مكانة منهم في المجتمع!
     ومن الكتب العالمية أيضاً التي تناول الكاتب حلمي مراد عرضها في كتابه مذكرات كيوبيد، كتاب التحقيق الصحفي قضية دريفوس الذي أعده الصحفي العالمي "و. ت. ستيد" والذي يتناول معاناة الجندي الفرنسي دريفوس الذي أتهم بالخيانة أثناء الحرب بين فرنسا وألمانيا وعوقب بالسجن والتعذيب خمس سنوات ظلماً بسبب فساد رؤساؤه الخونة حتى ظهرت براءته وتم منحه وسام فرقة الشرف في احتفال مهيب، وهناك أيضاً ملخصاً لكتاب يوتوبيا للكاتب السياسي الإنجليزي السير توماس مور والذي تناول حياة شعب مثالي على أرض جزيرة يوتوبيا فيما يشبه المدينة الفاضلة لأفلاطون وإليه يرجع الفضل في ظهور مصطلح اليوتوبيا.
    كما تناول الكاتب حلمي مراد أيضاً في كتابه مذكرات كيوبيد مأساة الملكة كارولين ملكة بريطانيا زوجة الملك جورج الرابع الذي اتهمها بالزنا والفجور حتى يحصل على الطلاق منها بعد أن أذاقها الويل طوال فترة زواجهما حتى خرجت هاربة منه تجوب أرجاء أوروبا وتعاطف معها الشعب الإنجليزي مما لم يسمح للمحكمة بإصدار حكم الإدانة عليها وكان تسجيل تلك الواقعة في كتب التاريخ يرجع للمحقق الإنجليزي باتريك هيستنجن في كتاب بعنوان مأساة ملكة، ومن روائع القصص العالمية سجل الكاتب حلمي مراد تلخيصاً لقصة أيام بومبي الأخيرة للكاتب الإنجليزي إدوارد بولوير ليتون والتي تحكي الأيام الأخيرة لمدينة بومبي الإيطالية التي طمرت تحت لهيب البراكين عام 79 قبل الميلاد.
    ويختم الكاتب حلمي مراد كتابه مذكرات كيوبيد بملخصاً لكتاب خبير التنمية البشرية العالمي ديل كارنيجي بعنوان كيف نجحوا في الحياة؟! يتضمن سير بعض الشخصيات العالمية التي حازت نجاحاً يفوق الخيال كرجل الأعمال جون روكفيللر والطبيب الأديب سومرست موم والصحفي العالمي وليم راندولف هيرست والأديب الأشهر عالمياً وليم شكسبير وحتى أولئك من نجحوا بأوحش الطرق كإمبراطور تجارة السلاح في العالم زهاروف الذي أقام حروباً دولية في مختلف أرجاء العالم، ما لم يعجبني في كتاب مذكرات كيوبيد للكاتب حلمي مراد هي ملخصات الأعمال الأدبية.
   فقد رأيت أن تلك الملخصات تظلم النص الأدبي الأصلي ظلماً فادحاً بتلخيصه، فروعة الأعمال الأدبية تكمن في تمعن كل كلمة من النص الأصلي فالترجمة في حد ذاتها تظلم العمل الأصلي ما بالك بتلخيصه! لذا أري أن الإصدار الثاني من سلسلة كتابي والذي تضمن ترجمة كاملة لكل عمل أدبي عالمي منفرد في كل عدد لابد وأنه كان أكثر امتاعاً من تلك الملخصات.

تعليقات