قراءة لقصتي دموع الأمل في نادي أدب أسيوط

في عيد الحب: إيزيس وأوزوريس أول أسطورة حب مصرية

أسطورة إيزيس وأوزوريس على لوحة جدارية بالمتحف المصري
أسطورة إيزيس وأوزوريس على لوحة جدارية بالمتحف المصري




       أسطورة إيزيس وأوزوريس ليست فقط أسطورة عادية بل هي تجسيد لمعتقدات الديانة المصرية القديمة وهي تؤرخ لبداية الخلق من وجهة نظر الديانة المصرية القديمة، وتجسد المبادئ التي قامت عليها البشرية من الحب والأمومة والإخلاص والحرب بين الخير والشر وانتصار الخير في نهاية المطاف وكل تلك القيم التي قامت عليها الدولة المصرية القديمة، وأسطورة إيزيس وأوزوريس لم يكن تأثيرها فقط داخل الحدود المصرية بل امتد تأثيرها إلى كافة امبراطوريات العالم القديم، فقد عُبدت إيزيس كآلهة للأمومة في بلاد بابل واليونان والرومان.
    وفي عيد الحب ما من قصة قد تجسد معنى الحب والتضحية بقدر أسطورة إيزيس وأوزوريس المصرية، ورغم شهرة الأسطورة إلا أن الكثيرين قد لا يعرفون أحداثها التفصيلية، لذا ففي هذا المقال سنذهب في رحلة إلى عمق التاريخ لنعيش معاً أسطورة يزيد عمرها عن سبعة آلاف عام لنعرف فيها معنى الحب الحقيقي والإخلاص بكافة أنواعه.

بداية أسطورة إيزيس وأوزوريس:

   تبدأ أسطورة إيزيس وأوزوريس مع بداية خلق الكون، فتقول الأسطورة أن الكون بدأ بولادة الإله رع (إله الشمس) من الفضاء وأرسل أشعته الذهبية تدفئ الأرض وتبخر المياه؛ فظهر أول تل من الرمال على الأرض في مدينة "أون" (هليوبليس حالياً)، وأصبحت تلك البقعة المباركة هي مهد الخلق في الديانة المصرية القديمة وفيها تم بناء أول معبد مصري، وعندما عطس الإله رع تكون من رذاذه الإله شو (إله الهواء) والإلهة تفنوت (ربة الرطوبة)، وقد تزوجا لينتج عن اقترانهما الجيل الثالث من الآلهة: الإله جب (إله الأرض) والإلهة نوت (ربة السماء).
    وقد تزوج جب ونوت بدورهما لينجبا الجيل الرابع من الآلهة: إيزيس وأوزوريس وست ونفتيس، وتزوج أوزوريس من إيزيس وست من نفتيس، وتولى أوزوريس حكم مصر (والتي تعني العالم في مصر القديمة فلم يكن هناك عالماً حقيقياً بالنسبة للمصريين خارج حدود مصر كانت هي العالم بالنسبة لهم وما عداها هراء).

أحداث أسطورة إيزيس وأوزوريس:

أحداث أسطورة إيزيس وأوزوريس على ورق البردي بالمتحف المصري


     تبدأ أحداث أسطورة إيزيس وأوزوريس بتوغل الحقد في قلب ست على أخيه أوزوريس عندما تم اختياره من قبل الآلهة لتولي حكم مصر، لذا قرر التخلص منه؛ فصنع صندوقاً ذهبياً وأعلن أنه سيهديه لمن تتوافق مقاساته مع الصندوق، حاول الكثيرون أن يدخلوا الصندوق ولكنه كان مصنوعاً خصيصاً لأوزوريس لذا لم تتوافق مقاساته إلا عليه، وفور أن دخله أوزوريس أغلق ست الصندوق عليه وألقى به في النيل، ولكن زوجته إيزيس لم تستسلم فبحث عنه في كل أرجاء النيل حتى وجدته وإعادته لحكم مصر.
     قرر ست هذه المرة أن يتخلص من أوزوريس نهائياً بقتله وتقطيع جثمانه وتوزيعه في مناطق متفرقة حتى لا تستطيع إيزيس إيجاده مرة ثانية، لكن إيزيس و بمساعدة أختها نفتيس قررت البحث عن أجزاء جثمان زوجها وتجميعها، وفي كل مكان وجدتا فيه جزءاً من جثمان أوزوريس تم بناء معبد مصري، وعندما انتهيا من تجميع أجزائه ساعدهما الإله أنوبيس (إله التحنيط) في تحنيط جثمانه، وكافأ الإله رع أيزيس على اخلاصها وتفانيها بإعادة الروح إلى أوزوريس ليوم واحد فقط لتنجب منه الإله حورس.
    ولم تستسلم إيزيس لما حدث فقررت أن تنتقم من ست بابنها حورس ليستعيد حق أبيه المغدور؛ فهربت به إلى مستنقعات الدلتا لتربيه متخفية وسط عامة الشعب بحراسة سبع آلهة متنكرة في هيئة عقارب صغيرة لحماية حورس في مواجهة أي أخطار، الذي ذهب ليثأر لموت أبيه من عمه ست فور وصوله لسن البلوغ وتحداه على عرش مصر في ست منافسات مختلفة كان من بينها: سباق المراكب والمصارعة والمبارزة، وكان الحكم بينهما آبائهم من الآلهة: رع وجب وأتوم.
   استمرت الحرب بينه حورس وست ثمانين عاماً، كانت إيزيس فيها دوماً إلى جانب ابنها حورس تدفعه لنيل ثأر والده ومعاقبة عمه على الغدر به، وخلال هذه الحرب صوب ست رمحه إلى عين حورس ففقدها وأصابه العور -كما يبدو عادة في تماثيله المختلفة-، وفي النهاية انتهت الحرب بانتصار حورس على عمه ست وتولى مقاليد الحكم في مصر وسط احتفال كبير للآلهة ونفى عمه ست إلى الأبد من مصر ليصير إلهاً وتجسيداً أبدياً للشر، وبذا تنتهي فصول أحداث أسطورة إيزيس وأوزوريس بتجسيد إيزيس كآلهة للأمومة والإخلاص وأوزوريس كإله الموتى والحياة الآخرة وحورس إله الحكمة والمعرفة الذي يتولى إدارة شئون أرض مصر.

تعليقات