قراءة لقصتي دموع الأمل في نادي أدب أسيوط

حصاد عام






    ها قد انتهى العام أخيراً، وككل عام نراجع أنفسنا في نهايته لنرى ماذا كان حصاد عام 2018 في حياتنا؟ كنا نأمل في بدايته أن يكون العام المنصرم حاملاً لكافة آلامنا وأحزاننا واخفاقاتنا وأن يكون العام القادم هو أسعد الأعوام الذي تبدأ فيه الحياة معنا صفحة جديدة ملؤها السعادة والرخاء، ولكن ككل عام فإن هذا أبداً لا يتحقق، فما الحياة إلا اخفاقات تتراكم فوق بعضها وتكمن السعادة في مواجهتنا لتلك الاخفاقات وانتصارنا عليها، فليست السعادة أبداً في الدعة والراحة والخمول، وإنما السعادة تكمن في الانتصار على الحياة وأخذ نصيبنا منها عنوة.
     لم يكن عام 2018 عاماً سعيداً بالنسبة لي على كل حال، ففي بداية الربع الثاني منه اختفى أخي من محطة رمسيس للقطارات أثناء عودته من الاسكندرية، ولم نعرف عنه شيئاً حتى بداية الربع الثالث حين وردنا اتصال هاتفي من أمن الدولة يبلغنا أنه قابع في سجونهم وسيعرض على النيابة لاتهامه بالانضمام لجماعات محظورة لا أدري حتى وقتنا ذاك ما هي تلك الجماعات التي انضم لها أخي وهو جالس في غرفته بمنزلنا لم يبرحها سوى للصعلكة مع أصدقاءه على المقاهي وشواطئ البحر؟!
    وقد ألقى هذا الحدث بظلاله الكئيبة على حياتنا طوال العام ولازلنا نرزح تحت كآبته ننتظر الفرج من الله، ولكن أيضاً هذا لا يمنع من كون حصاد عام 2018 قد تمتع أيضاً ببعض الإنجازات والأحداث السعيدة، ففي بداية العام صدرت أول مشاركاتي الأدبية في مجموعات قصصية جماعية "وعد الروح" من دار الشهد للنشر والتوزيع و"صحائف إبليس" من المكتبة العربية للنشر والتوزيع، وعلى الرغم من أنني لم أتمكن من حضور حفل توقيعهما في معرض القاهرة الدولي للكتاب إلا إن هذا لا ينتقص من سعادتي بهذا الإنجاز إلى حد ما.
      وقد تلا ذلك مشاركتي أيضاً في مجموعة قصصية أخرى بعنوان"أهو ده اللي صار" مع دار الشهد أيضاً، كان هذا حصاد عام 2018 بالنسبة لي على المستوى التنفيذي في مجال الإبداع، ولكنني أيضاً استفدت كثيراً خلال هذا العام على المستوى المعرفي فأظن أن مستواي قد تحسن كثيراً من خلال مواظبتي إلى حد ما على حضور نوادي الأدب والقصة والكتاب في قصر ثقافة أسيوط، كما أفادتني كثيراً أيضاً قراءاتي المتنوعة خلال هذا العام، فعلى مستوى القراءة تضمن حصاد عام 2018 ستة وستين كتاباً.
     وقد تنوعت هذه الكتب ما بين الروايات والقصص القصيرة والكتب الفلسفية والفكرية والتنمية البشرية وأدب الرحلات والسيرة الذاتية وأيضاً بعض الكتب المهنية في مجال الأدب والصحافة والإعلام، فقد كان عام 2018 بداية قراءتي في موسوعة وصف مصر والتي قرأت منها جزأين ولم أنهها حتى الآن ولكن حتماً سأنهيها في يوم ما، كما كان عام 2018 بداية لقائي بالعديد من الكتاب الذين قرأت لهم للمرة الأولى وإن كنت سمعت عنهم وعن أدبهم الكثير من قبل، أمثال:
    نيكوس كازنتاكس بكتابه رحلة إلى مصر، والشاعر صلاح عبد الصبور بمسرحيته الشعرية مأساة الحلاج، والروائي اللبناني ربيع جابر بروايتيه الإعترافات وطيور الهوليداي إن، وإبراهيم عيسى بروايته رحلة الدم، وإبراهيم عبد المجيد بكتابه الرائع ما وراء الكتابة والذي أثار فضولي لقراءة متعمقة في أدبه الخاص وجعله على قائمة قراءاتي المستقبلية، والروائي الفرنسي ألبير كامو برواية الغريب، وجوستان غاردر برائعته المناسبة لكل الأعمار عالم صوفي، والروائي السوداني الطيب صالح في موسم الهجرة إلى الشمال، كما كان أول لقاء مثمر لي مع يوسف إدريس فقد قرأت له وحده ولأول مرة أربع كتب: أنا سلطان قانون الوجود- أرخص ليالي- الحرام- العسكري الأسود.
   ومن حصاد عام 2018 على مستوى القراءة أيضاً كان قراءتي لرحلة ابن بطوطة كاملة، وقراءتي لبعض أدباء الصعيد كرواية حريملاء للروائية أسماء عواد، وتل العقارب وكتاب الموتى للروائي الأسيوطي أيمن طاهر الحائز على جائزة الدولة التشجيعية عن روايته القحط، كما كانت قراءتي لكتاب خالتي الحبيبة الأول وجوه حقيقية والذي أرجو أن تتبعه بمزيد من الإصدارات، كما كانت قراءتي للرواية التي تمنيت قراءتها كثيراً "سيدهارتا" للألماني "هيرمان هسه" وإن لم تكن على قدر توقعاتي، كما كان لقائي الثاني مع أديب نوبل اللاتيني غابرييل غارسيا ماركيز في رائعته السياسية خريف البطريرك.
    كما تضمن حصاد عام 2018 أيضاً اعادة قراءة لبعض الأعمال كرواية رمزة ابنة الحريم للكاتبة قوت القلوب الدمرداشية والتي تعد من أول الأعمال الروائية التي قرأتها في مراهقتي، وأيضاً رواية وا إسلاماه والتي كانت مقررة علينا دراسياً في المرحلة الثانوية، كما أعدت قراءة كتابين هامين في مجال فن الكتابة واللذان أفاداني كثيراً وهما: فن كتابة القصة للكاتب فؤاد قنديل وفن كتابة المسرحية للكاتب والناقد رشاد رشدي، وإذا لم أقرأ كتاباً جديداً خلال اليوم المتبقي من العام سيكون حصاد عام 2018 من القراءة قد اختتم بديوان ويبقى الحب للشاعر فاروق جويدة ورواية آلموت لفلاديمير بارتول والتي لم انتهي منها بعد.
   أعلم أنني قد استرسلت كثيراً في حصاد عام 2018 في مجال القراءة ولكن حقيقة الأمر أنه لم يكن هناك الكثير من الأمور المثيرة التي تستحق الذكر بخلاف ذلك، قد أتمكن فقط من الإشارة إلى أمرين أعتبرهما جديرين بالذكر إذ أنني على المستوى المهني قد تلقيت راتباً لأول مرة في حياتي من عملي في الكتابة، فعلى مدار عشر سنوات تقريباً هي سنوات عملي في مجال الصحافة والكتابة لم أتلقى جنيهاً واحداً مقابل عملي بخلاف راتب الشهر الذي عملته كسيكرتيرة مدير مدارس دار حراء في عام 2012 وهو أمر بعيد تماماً عن الكتابة والصحافة.
   ما حدث هذا العام أنني أنشأت لنفسي حساباً على موقع مستقل وعملت من خلاله على بعض المشاريع لكتابة المحتوى للمواقع الالكترونية وتلقيت أجراً مقابل ذلك وقد كان هذا بالنسبة لي أمراً جللاً خاصة بعد الجهد المضني الذي بذلته لأجد بطاقة فيزا يتم ربطها على موقع الباي بال الذي لا يمكنني الحصول على نقودي إلا من خلاله، وكان بالنسبة لي هذا هو أهم انجاز في حصاد عام 2018 على المستوى المهني، بالإضافة إلى افتتاحي لمدونتي الشخصية لتكون مشروعي الخاص والتي أرجو من الله أن يوفقني فيها لأحتفل العام القادم بما حققته عليها.
    على المستوى الشخصي فقد انتهى العام بأروع حدث، حيث تزوجت صديقتي الحميمة، وكنا قد توقفنا عن الاحتفال بالزواج منذ سنوات عديدة، فنحن خمسة صديقات تزوج منا اثنتان بعد التخرج من الجامعة ومن وقتها لم تنضم أي منا لنادي المتزوجات مرة أخرى حتى تم قص الشريط أخيراً وقد تكون تلك فاتحة خير علينا نحن الاثنتان المتبقيتان لنكمل المسيرة في العام القادم، وها هو يهل علينا اليوم لنرى ما يخبئه لنا من مفاجآت نتمنى أن تكون سارة وإن كانت غير سارة تكون ضمن قدرتنا على المواجهة والتحمل وألا ننكسر مما تحمله لنا.

تعليقات

  1. محفز.. فك الله أسر أخيك وكل مظلوم، ورزقكم من واسع فضله.

    ردحذف

إرسال تعليق

تعليقاتكم تثري موضوعاتنا وتساعدنا على الاستمرار فنحن نهدف إلى اثارة النقاش الجاد المفيد لكافة الأطراف حول الموضوعات المطروحة، ويسرنا أن نعلم ما إذا كانت المقالات تنال استحسانكم أم لا وما جوانب النفع أو القصور فيها، وماذا تأملون في المقالات القادمة؟